كيف تتعامل الديمقراطيات مع وباء (Covd_19) الفتاك، والذي هز العالم برمته؟

25 مليون كرونة دنماركية، تبرعت بها مؤسسة ( Carlsberg ) للتطبيقات العلمية، لمشروع البحث العلمي الجديد، الذي يسعى لمعالج التحديات الكبيرة المستقبلية في التعامل المستمر مع الازمة الصحية في الدنمارك ..

غيرت أزمة وباء كورونا المستجد، التي وصفها المحللين، بأنها اكبر أزمة صحية عالمية شهدها القرن الحادي والعشرين، غيرت وجه العالم برمته، فالناس الذين كانون يعيشون حياة طبيعية ومستقرة وبسيطة في مجتمعاتهم قبل تفشي وباء كورونا الفتاك في بلدانهم، اصبحوا بعده يخافون الموت المفاجئ وقطع الأرزاق .. والحكومات، التي يفترض، أن توفر لشعوبها اسباب الأمن والحماية من اية مخاطر صحية، أصبحت عاجزة عن كبح جماح هذا الوباء بالوسائل الصحيحة المطلوبة، أو حتى عن وضع استراتيجيات مثلى للتعامل معه، الأمر الذي أدى إلى موت الالاف الناس، واستنزاف الأموال، وتدمير البنى التحتية للاقتصاد الوطني في غالبية بلدان العالم .

وبعد انتشار هذا الفيروس بشكل كبير، واشتداد الأزمة الصحية في الدنمارك، توجهت أنظار السلطات الوطنية، ومراكز الأبحاث والمعلومات والدراسات الدنماركية نحو البحث عن حلول ناجعة وكفيلة بمنع استمرار تفشي هذا الوباء على مستوى الدولة والمجتمع، وبهذا التوجه قدمت مؤسسة ( Carlsberg) الدنماركية للتطبيقات العلمية والبحثية، مبلغ 95 مليون كرونة دنماركية، لشحذ الهمم ودعم الباحثين ومراكز الدراسات والجامعات والمتاحف الفنية ومختلف منظمات المجتمع المدني، من أجل تقديم الجهود العلمية والاقتصادية والبشرية والطبية، للتخفيف من الضغوط الصعبة والمضنية والتحديات الكبيرة، التي تواجه المجتمع الدنماركي في ظل الأزمة، وتقديم مجموعة من الأدوات لدعم الأفكار البحثية الرائدة، وحفيز الباحثين الشباب لإجراء ابحاث مميزة في جميع الجامعات الدنماركية والدولية .

وكجزء من المجموع الإجمالي لهذا المبلغ، كانت هناك منحة مالية كبيرة بلغت قيمتها 25 مليون كرونة دنماركية، قدمتها هذه المؤسسة لإعداد مشروع بحثي موسع تحت عنوان ” كيف تتعامل الديمقراطيات مع وباء كورونا المستجد .. (Hope ) تحت إشراف ثلاثة رواد دنماركيين متخصصين في علم النفس والسلوك السياسي والاجتماعي والانساني، من جامعتي ارهوس، وكوبنهاجن، لإعداد بحث موسع وشامل لبحث سلوك السلطات الدنماركية والمواطنين ومنصات الاخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، للتوصل إلى معالجات وحلول ناجعة تبدد المخاوف من توسع نطاق هذا الوباء داخل المجتمع. وكان فريق الباحثين في هذا المشروع مكون من كل من، مدير المشروع، البروفيسور واستاذ العلوم السياسية في جامعة ارهوس، مايكل بانج بيترسن، والبروفيسور، أندرياس رويبستورف، إستاذ الطب السريري ومدير مركز العقول المتفاعلة في جامعة ارهوس، والبروفيسور، ريبيكا اولر _ نيسن، أستاذة العلوم السياسية في جامعة كوبنهاجن، والبروفيسور، سون ليمان، الأستاذ المحاضر في الجامعة التقنية في الدنمارك .

جلسة نقاش مفتوحة حول ضرورات هذا المشروع :
في 11 أيلول/ سبتمبر 2020، عقدت في قاعة المركز العالمي للإعلام، في كوبنهاجن، جلسة نقاش مفتوحة، مع البروفيسور، مايكل بانج بيترسن، المسؤول عن إدارة مشروع البحث، شارك فيها عددا من ذوي الاختصاص السياسي والبشري والاقتصادي والاعلاميين، ودارت هناك جملة نقاشات موسعة ومعمقة، حول مختلف الجوانب المهمة من مشروع البحث، وكذلك الآفاق المستقبلية للتحديات الكثيرة، التي يمكن أن تستمر مع تداعيات هذا الوباء الخطير والقاتل .

وعلى مدى أكثر من ساعة من الزمن، استعرض البروفيسور، مايكل بانج بيترسن، كافة التصورات والتوقعات والنتائج الرئيسية لمشروع البحث، وناقش مختلف التحديات المحتملة المستقبلية نحو التعامل المستمر مع الازمة الصحية في الدنمارك، وفي بلدان عديدة أخرى، مثل السويد والمانيا وفرنسا وإيطاليا وهنغاريا والمملكة المتحدة البريطانية والولايات المتحدة الأمريكية، وكيفية استخدام هذا المشروع لتقصي البيانات الضخمة المتعلقة بكيفية قياس التعامل الديمقراطي للحكومات والسكان، ومنصات الإعلام والصحافة والفضاء العام ومواقع التواصل الاجتماعي، و كذلك العواقب المحتملة خلال الأزمة، وتحليل التطورات الحاصلة في الدنمارك .

وردا على جميع الأسئلة، التي طرحت خلال الجلسة، أجاب البروفيسور، مايكل بانج بيترسن، “بأن الهدف الأساس من هذا المشروع هو في البداية تأهيل الإجراءات الصارمة للسلطات الدنماركية لمنع المزيد من حدوث الاصابات بوباء كورونا، وتقديم الدعم الممكن لمكافحة واحتواء الوباء، من خلال توفير نظرة آنية ومستقبلية عميقة على سلوك المواطنين الدنماركيين، وكيفية تعامل الديمقراطيات مع انتشار الوباء .

وأضاف :” إن أهمية هذا المشروع تكمن ليس فقط للمساعدة على كبح جماح هذا الوباء المميت، بل أيضا إعداد السلطات والمجتمع الدنماركي، في حال اندلاع وباء جديد، بحيث يمكن أن يربط هذا المشروع جميع البيانات الوبائية بكميات هائلة من البيانات التوضيحية الاجتماعية، من خلال متابعة ورصد تطورات الأحداث، والسلوك والتواصل عبر بلدان متعددة من خلال مجموعة فريدة ومنسقة من الاستطلاعات والدراسات الاثنوغرافية، وبيانات وسائل التواصل الاجتماعي، والبصمات الرقمية، واستخراج البيانات من وسائل الإعلام والمواقع الحكومية، وتقييم الإجراءات والنتائج الفاشلة منها والناجحة، وتحديد الاستراتيجيات المثلى للتعامل الجاد والمثمر مع الاوبئة المستجدة، وطرح افضل السبل المتاحة لابلاغ السلطات والسكان، بخطورة انتشار العدوى، وكيفية التعامل معه على مستوى المجتمع، واستخدام الأوقات الحقيقية للازمات، وكان يرى بأن مراحل هذا الوباء، كانت وستكون أيضا مليئة بالتحديات الكبيرة، وطويلة الأمد، وباهضة الثمن، إذا ما لم يكون هناك تعاون وثيق وقوى بين كافة القوى المجتمعية، والمؤسسات الوطنية، والسلطات الصحية العامة لمواجهة الأخطار المحذقة لهذا الوباء المميت.

هاني الريس
11 أيلول/ سبتمبر 2020

Loading