إحياء ذكرى أكبر جريمة في تاريخ أوروبا الحديث
“البوسنة والهرسك تحيي ذكرى شهدائها في مسيرة سلام ” واحفاد ضحايا الجريمة الكبرى يقيمون لهم نصبا تذكاريا في الدنمارك ..
كان كل شيء في مدبحة سريبرينتشا، في البوسنة والهرسك، التي استقلت عن صربيا، بعد تفكك يوغسلافيا السابقة، في العام 1995 يدمي القلب، ويهز المشاعر، وتقشعر منه الابدان، في ذلك الوقت، ولكن كثيرون من الجيل الراهن، في أوروبا وحول العالم، ربما لا يعرفون عن حقيقة ما جرى هناك من أهوال لسكان تلك المنطقة، التي شهدت هذه المدبحة الرهيبة والمفجعة، والتي عرفت بالجريمة الأكبر في تاريخ أوروبا، بعد الحرب العالمية الثانية .
قبل 25 عام مضى، نفذت القوات المسلحة الصربية، أكبر جريمة للتطهير العرقي لمسلمي البوسنة والهرسك، راح ضحيتها أكثر من 8000 الف شهيد بوسني، من الرجال والنساء والاطفال، بالإضافة إلى مئات الآلاف من المصابين، والمشردين والمهجرين والمفقودين، وذلك تحت سمع وبصر حكومات الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك العالم برمته، الذي غض بصره عن نصرة قضايا ذلك الشعب المسحوق .
مسيرة السلام الكبرى :
وفي كل عام في مثل هذا الوقت، يحيي شعب البوسنة والهرسك، ومعهم جميع المهاجرين واللاجئين البوسنيين، في ديار الغربة، ذكرى هذه المدبحة الرهيبة، في مسيرة السلام الكبرى، إلى مقبرة الشهداء في بوتوكاري، شمال شرق سريبرينتشا، حيث ووريت اجسادهم هناك، يترحمون عليهم، وينثرون على قبورهم الورود والازدهار، ويتبادلون المواساة بينهم، ويتوعدون بأخذ الثأر من القتلة المجرمين الأوغاد .
وفي العام 2017 حكمت محكمة العدل الدولية، على القائد العام للقوات المسلحة الصربية البوسنية، رانكو ميلاديفيتش، بالسجن مدى الحياة، بسبب مسؤوليته الكاملة، عن ارتكاب هذه المدبحة .
نصب تذكاري لشهداء هذه المدبحة في الدنمارك :
وللتذكير بالشهداء وبجميع ضحايا هذه المدبحة، والتضامن مع اهاليهم في داخل الوطن الأم، قامت المواطنة البوسنية الشابة، اللاجئة مع أهلها في الدنمارك، بعد فرارهم من تلك المدينة المنكوبة. ازرا كرمي احمدوفيتش بحملة واسعة النطاق لجمع التبرعات في مدينة البورك الدنماركية، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل التضامن الأخوي والانساني، وصنع نصب تذكاري في هذه المدينة، يخلد اسماء الشهداء و ضحايا هذه المدبحة، واستطاعت أن تجمع حتى الآن قرابة 180 ألف كرونة دنماركية، من متبرعين بوسنيين ودنماركيين، وغيرهم من القوميات الأخرى في الدنمارك، وذلك من أجل أن يتأمل الناس عبر التاريخ، في أهوال اكبر جريمة إبادة وتطهير عرقي، تشهدها القارة الاوروبية في تاريخها الحديث، ويمثل واقعا مؤلما وفضيعا، لتلك الجريمة النكراء، التي هزت انحاء أوروبا والعالم برمته .
هاني الريس
14 تموز/يوليو 2020