خطاب جديد وملهم يليق بنضالات رئيسة وزراء الدنمارك الجديدة، ميتي فريدريكسن..كيف استبسلت في الدفاع عن قضايا الأطفال الضعفاء والطبقات الفقيرة في المجتمع

تباينت ردود أفعال السياسيين والمراقبين للشأن الداخلي الدنماركي، حول خطاب رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، لمناسبة الإحتفال بعيد رأس السنة الميلادية الجديدة للعام 2020، والتي توجهت به للأمة، في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2019، واحتوى على قضايا ومسائل حساسة وملحة لتكريس وتعزيز وتجديد دولة الرفاه في الدنمارك، بين مؤيدين متفائلين بالمستقبل، ومنتقدين بتحفضات كثيرة.ولكن ما هو واضح في طيات هذا الخطاب، وهو الأول لرئيسة الوزراء، لمناسبة الأعياد، بعد تسلمها مفاتيح الحكم في الدنمارك، هو أنه حمل الكثير من علامات الإعجاب بمستوى قوته وجراته وشجاعته، من غالبية المتابعين والمحللين، الذين ثمنوا كل ما طرح في هذا الخطاب من مواقف مبدئية وخطط جديدة للمستقبل، ومن أبرزها على الإطلاق، تكريس وتعزيز رفاهية المجتمع، والدفاع عن حقوق الأطفال الضعفاء، والطبقات الأكثر ضعفا في المجتمع الدنماركي، وقضايا المناخ، والعلاقة مع الأتحاد الاوروبي، ومواكبة عصر التكنولوجيا الجبارة، في وقت التحديات الكبيرة.

“رئيسة وزراء الاطفال”

في بداية حملتها الإنتخابية التشريعية للعام 2019، رفعت زعيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي والمعارضة، ميتي فريدريكسن، شعارا ملهما قالت فيه، أنها ستصبح “رئيسة وزراء الأطفال” في الدنمارك، وأنها سوف تعمل على إزالة جميع المظالم غير المكبوحة، التي ظل يتعرض لها الأطفال الضعفاء وجميع الطبقات الاجتماعية الفقيرة في الدنمارك، ولذلك حمل نصف هذا الخطاب، الذي كان يقع في قرابة 14 صفحة مطبوعة، على قضية الإهتمام بحياة الأطفال الضعفاء وتوجيه الرعاية الكاملة والشاملة لهم، وقالت في جانب مهم من الخطاب “أنها ستبقى دائما بجانب الاطفال” وأن على الدولة الدنماركية مسؤولية كبرى يتوجب عليها الوفاء بها تجاه الأطفال الضعفاء، وتجاه الطبقات الفقيرة، التي عانت الكثير، وتعيش اليوم في قاع المجتمع، وتتعرض إلى الحرمان من بعض مكتسبات وامتيازات دولة الرفاه في الدنمارك.

واضافت: ” يأتي إلى الدنمارك، بعض الآباء من بلدان أخرى يسمح فيها بالعنف ضد الأطفال، ولكن ذلك لا يمكن أن يحدث ابدا في الدنمارك، وينبغي أن تتمتع الفتيات بنفس الحرية التي يتمتع بها الأولاد الذكور، والشيء الأهم هو أن نحترم حقوق الطفل ونوفر له البيت الأمن والحياة الكريمة والاستقرار، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا، أن ينمو الطفل ويترعرع ويكبر، في ظل أجواء مفعمة بمشاعر الحب والعطف والتسامح والشفافية والتربية العادلة والمنصفة، ولذلك من واجبنا جميعا، أن نتبنى الأطفال الأكثر ضعفا، والأكثر حاجة للعناية والاهتمام، ونشعرهم دائما بأسباب الراحة والتسلية والعطف الأبوي والأمن والاستقرار.

” قضايا أخرى ملحة”

وفي جانب آخر من الخطاب، تحدثت رئيسة الوزراء، عن ما يمكن ان يشغل الدنمارك من قضايا ملحة في هذا الوقت وفي المراحل الاحقة، ويتوجب عليها معالجتها وتحقيقها على أرض الواقع، ومن أبرزها، قضايا الطبيعة الخضراء، والتصدي لانبعاثات الغازات الدفينة، و النظر في التغيرات الكبيرة في طريقة العيش والتعاون المشترك وتحقيق النجاحات بشأنها، كما يتعين علينا أيضا واجب اتخاد القرارات بواسطة الحكمة والتعقل، وليس بوسائل الإكراه، وتطوير وتمتين الإقتصاد الوطني، وتطوير مناهج التعليم وتحسين مستوى الصحة العامة، ومكافحة قضايا الفساد، والتهرب الضريبي، وتحقيق المساواة بين الجنسين في المجتمع.وعلينا أيضا واجب التخلص من أشكال الظلم، وإدخال حق جديد في المعاشات “الرواتب” السابقة للمواطنين، وأن التضامن مطلوب من أجل رفع التظلمات، ويجب علينا جميعا الوقوف معا من اجل إتخاذ قرارات رائعة حول مجتمعنا، والنظر إلى المستقبل بحكمة وعقلانية، من أجل أن تبقى الدنمارك قوية، ودولة رفاه وعدل ومساواة في كل شيء.

وأضافت: ” في أعقاب الحرب العالمية، واجه أسلافنا خيارات صعبة وحاسمة، هل يجب على الناس أن يختاروا تبعية الأرض، ام يختاروا الأرض الدنماركية الاصيلة؟ وكان الجواب هو أن تختار الدنمارك حريتها واستقلالها، ورفض التبعية الاجنبية، وعلى الرغم من ذلك، تم حل المسائل الخلافية بين الدنمارك وألمانيا، بواسطة الوسائل الديمقراطية، وكان هناك إحترام متبادل في شأن المعاهدات بين البلدين.

وفي الختام قالت رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن: ” أنا دائما أؤمن بمجتمع متساوي، ويشارك فيه الجميع، ومن دون استثناء أو تمييز اوتفضيل..مجتمع الكفاءات، وتكافؤ الفرص، وتحمل الواجبات والمسؤوليات، ومن المفيد أن يبدل كل مواطن جهده للعمل، وأن يتحمل المسؤولية الشاملة في مسيرة حياته، وفي نفس الوقت لا يمكن للدولة أن تترك المسؤولية كاملة على عاتق الأفراد وحدهم ، ويجب أن نسعى جميعا لكسر النمط التقليدي للمجتمع، وتطويره وتاطيره، وتحفيز جميع أبناءه للعمل والنشاط والتعليم.

” اقوى إمرأة في الدنمارك “

وتلتقي آراء العديد من المحللين، على أن هذا الخطاب، جاء بطروحات وخطط ومواقف صريحة وشجاعة ومشجعة، نحو تجديد مرتكزات دولة الرفاه في الدنمارك، وتغيير وجهها نحو الأفضل.

كما كان هناك إجماع بين معظم السياسيين الدنماركيين البارزين، أن رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، هي في الواقع اقوى امرأة في البلاد، وأنها تذكرهم بسلفها الأسبق، اندرس فوغ راسموسن، الذي قاد حكومة قوية، وسعى للتغيير، ويقولون: ” وكما أن فوغ راسموسن، أراد التغيير، فإن ميتي فريدريكسن، هي من يستطيع ان يغير وجه الدنمارك إلى الأفضل “.

.

هاني الريس

Loading