جلسة استجواب ثانية ” ساخنة” في البرلمان الدنماركي، بين لجنة العدل البرلمانية، ووزير العدل الدنماركي نيك هيكيروب، حول قضية البيانات السرية و ” تيليدانا ” وهي قضية وطنية دنماركية، تتحدث عن وقائع في البيانات المستخدمة في التحقيقات العامة من قبل الشرطة والمدعين العامين في الدنمارك، تجاه قضايا الحريات المدنية وغيرها من القضايا الأمنية المتعلقة بالمجتمع

في 16 كانون الثاني/ يناير 2020، تمت دعوة وزير العدل الدنماركي نيك هيكيروب، إلى مشاورة مفتوحة في البرلمان الدنماركي، وهي الثانية من نوعها، بعد الجلسة الأولى، التي عقدت في 22 تشرين الثاني، نوفمبر 2019، وتضمنت حزمة الملفات المتعلقة بالقضايا الأمنية الحساسة، في الدنمارك.

عقدت جلسة الاستجواب البرلمانية الثانية، في الغرفة رقم ” 1218 ” وبدأت احداثها مستمرة منذ الساعة العاشرة والربعة صباحا، وحتي الساعة الثالثة بعد الظهر، وكانت وقائعها تدور هذه المرة، حول قضية ” تيليدانا ” وهي قضية وطنية دنماركية، تتعلق بوقائع البيانات المستخدمة في التحقيقات العامة من قبل الشرطة والمدعين العامين في الدنمارك، وعما إذا كان وزير العدل الدنماركي، يعتقد بأن الجمهور الدنماركي، والمحامين والمحاكم الدنماركية، يجب أن يكونوا على علم بالبيانات الصحيحة وغيرها من جميع القضايا الأمنية.

وتمت جلسة الاستجواب، بناءا على طلب تقدم به ثلاثة أعضاء برلمانيين، يمثلون الأحزاب اليسارية الداعمة للحكومة، وهم ” عمدة الشؤون العدلية في حزب الراديكال_ يسار الوسط، كريستيان هيجارد، والمستشارة القانونية لحزب الشعب الاشتراكي، و كارينا لورنتس دينهارت، و روزا لوند من حزب اللائحة الموحدة “.

وطلبت اللجنة من الوزير، تحديد موقفه من طغيان شعارات حملة الإنتخابات البرلمانية التشريعية الأخيرة، على الإهتمام بقضية ” تيليدانا ” والتي تسببت في سلبية إدارة التعامل معها بجدية خلال الحملات الانتخابية الاخيرة، وبالتالي وضعت اعتبارات الإنتخابات والحكومة الجديدة، قبل معرفة اليقين القانوني لقضية وطنية مهمة.
واعتبرت لجنة العدل البرلمانية، أن الحكومة قد تصرفت بشكل خاطئ، وغير قانوني، في ما يتعلق بمهامها نحو تأكيد ضمانات الأمن، ومارست تعسفا واضحا تجاه الخصوصيات الشخصية، والحريات المدنية العامة، وخطت خطوات بطريقة أكبر في بعض الأحيان من قانون الوطنية الدنماركي.

ولكن وزير العدل، نيك هيكيروب، برر جميع الخطوات التي قررتها الحكومة للمحافظة على أمن واستقرار الدنمارك، بأنها تعتبر وسيلة من وسائل الممارسة الناجحة، لمحاربة الإرهاب وكشف المعلومات الخطيرة والمثيرة، التي يمكن أن تلحق الأذى باستقرار وامن الدنمارك، وقال، أن الدولة الدنماركية يتوجب عليها تحقيق الأمن والاستقرار في ربوعها بمختلف الوسائل القانونية والمشروعة، وهي ماضية في اتخاد القرارات المناسبة والجدية تجاه تلك القضايا الملحة.

وبعد حوالي ثلاث ساعات من نهاية جلسة الاستجواب هذه، عقدت الحكومة الدنماركية، مؤتمر صحفي، في مقر رئاسة الوزراء، شارك فيه بالإضافة إلى رئيسة الوزراء، ميتي فريدريكسن، وزير العدل، نيك هيكيروب، ووزير الهجرة والتكامل، ماتياس تسفاي، تناول خلالها الحديث عن عقوبات صارمة للغاية ستتخدها الحكومة، بحق المحاربين الدنماركيين الأجانب، الذين قاتلوا في صفوف دولة ” داعش الإسلامية ” في سوريا والعراق، وتضمنت ثمانية قرارات صعبة للعقوبة، وسميت تحت عنوان ” نحن نعتني بالدنمارك ” ومن ابرزها على الإطلاق، حرمان المحاربين الأجانب الدنماركيين، من حجزهم، وفرض حظر على الإتصالات بالرهابيين، وفرض عقوبات أعلى على الجرائم والحوادث المتعلقة باللارهاب، وعدم حصول الأطفال المولودين في مناطق النزاع على الجنسية الدنماركية، وتقييد حصول المحاربين الأجانب على المساعدات المالية الخارجية، واحتفاظ الحكومة بنظام سحب جوازات السفر، ورفض إصدار جوازات سفر جديدة للمقاتلين الاجانب واطفالهم، وتقوية اجهزة الشرطة والبلديات الدنماركية، لمنع التطرف، وتشديد العقوبات على الارهاب، وضمان الحكومة على عدم نمو الأطفال في بيئية متطرفة، حيث لم يعد المحاربون الأجانب، قادرين على حضانة أطفالهم أو الإقامة معهم أو الإتصال بهم بأي حال من الاحوال، وقيام الحكومة بتشكيل لجنة لتوضيح إمكانية وضع قواعد للتسيب خارج منزل الأطفال والشباب، الذين ينشاؤون في بيئية متطرفة، والسماح للشرطة الدنماركية، باقتحام منازل الاشخاص المتهمين بالارهاب من دون اوامر قضائية، والتحقق من اجهزة الكمبيوتر لضمان الامتثال لحظر الاتصال، وقدرة البلديات على وضع الأطفال خارج البيت، إذا ما اعتبر أن الأطفال سوف يكبرون ويترعرعون في بيئية متطرفة، وإمكانية الحرمان الإداري من الجنسية الدنماركية للمحاربين الجانب، وغيرها من القرارات الأخرى، التي يمكن ان تضيق الخناق على اوضاع المحاربين الأجانب وعائلاتهم.

توقعات المعارضة حول توجه الحكومة الاشتراكية الديمقراطية نحو اقامة منظومة بوليسية في الدنمارك.

وعلى ضوء تلك القرارت، التي تحاول الحكومة اتخادها بحق المحاربين الدنماركيين الأجانب، وغيرهم ممن يشتبهم بضلوعهم في قضايا الإرهاب، تخشى الأحزاب الاشتراكية الأخرى المعارضة، و الداعمة للحكومة على حد سواء، من فاعلية الخطوات الجديدة، التي تحاول إقرارها الحكومة، حيال السماح للشرطة الدنماركية، بتفتيش البيوت، ومراقبة اجهزت الكمبيوتر الخاصة بالمحاربين الأجانب الدنماركيين، من دون صدور أوامر قضائية، من أن تتجه الدولة المدنية، إلى دولة بوليسية، على غرار الدول، الدكتاتورية القمعية.

وفي هذا الصدد، قال، عمدة الشؤون العدلية في حزب الراديكال_ يسار الوسط، كريستيان هيجارد، أن خطوة الحكومة، بهذا الإتجاه، ربما تعتبر بمثابة خطوة ضيقة، باتجاه إقامة دولة بوليسية في الدنمارك.
وأما المستشارة القانونية، في حزب الشعب الاشتراكي، كارينا لورنتس، فقد قالت: ” إن الخطوة ليست قانونية، لأنها لا تحمل في طياتها اليقين القانوني “.

وبالمثل، انتقد العديد من الخبراء القانونيين، والمحللين السياسيين الدنماركيين، تلك الخطوة، واعتبروها بمثابة، انتهاك فاضح للقانون المدني الدنماركي.

وقال، رئيس جمعية السياسة القانونية الدنماركية، بيارن اليجوست، أن الخطوة الحكومية تفتقد إلى عدم الاتساق، وقال: ” إذا كانت الحكومة، تريد إبعاد المقاتلين الاجانب، واطفالهم في الدنمارك، عن طريق القوة، لأنها تعتقد أنه يمكن أن يكون تطرفهم أكثر، فإنها في الوقت نفسه، تتخلى عن المسؤولية تجاه أولئك الذين يجدون أنفسهم بدون مأوى خارج الدنمارك.

ويضيف: ” إذا كانت الحكومة، ترغب في إبعاد أطفال المقاتلين الأجانب بالقوة تحت ذريعة أنهم قد يمثلون خطرا على الدنمارك، عندما يصبحون متطرفين، ويدمرون حياتهم، فإن ذلك الأمر إلحاحا وتدخلا مع أولئك الموجودين حاليا في مخيمات الهول في سوريا.

وأما بالنسبة لوزيرة الهجرة والاندماج والتكامل الدنماركية السابقة، انغر ستوببرغ، فقد قالت، أنه يجب على الحكومة الدنماركية، المضي قدما في تنفيذ تعهداتها نحو تلك الخطوة، ومعاقبة الدنماركيين الأجانب المحاربين في مناطق الحروب والنزاعات، سواء كانوا في سوريا أو العراق، أو أي مكان آخر حول العالم، ولا يكفي فقط منعهم من العودة إلى الدنمارك، أو تجريدهم من الجنسية الدنماركية.

وفي المقابل، يرى وزير العدل الدنماركي، نيك هيكيروب، أن الخطوة، هي ليست اكثر من مجرد ” فكرة “ولكن هناك في الطريق، تغيرات مهمة ” نمطية ” و ” جذرية ” وسوف تنظر اليها الحكومة بعين الاعتبار، وبجدية تامة، من أجل إحقاق جميع الحقائق المنشودة والمطلوبة.

هاني الريس

Loading