
“مشاهد حية من ارهاب الدولة” كتيب موثق للمعارضة البحرينية في الخارج يكشف كذب النظام الخليفي .. جنيف 1998
جميع الصور الموثقة في هذا الكتيب “مشاهد من ارهاب الدولة” في البحرين، تتحدث عن الواقع الصعب والمؤلم، وتحكي المأساة باسلوب أبلغ من الكلمات، فالصور هي عين الحقيقة والواقع، تنقل المشاهدين بدون تدخل من أحد، فيتفاعل معها المشاهدون.
صفحات هذا الكتيب تنقل الانسان إلى واقع أصعب يعيشه شعب البحرين البطل منذ أن قرر النهوض للمطالبة بجميع حقوقه المشروعة وفي مقدمتها إعادة العمل بدستور البلاد الشرعي 1973، واطلاق سراح جميع السجناء السياسيين والسماح بعودة المبعدين والمنفيين من دون شروط وقيود، انها تجربة مريرة طرفاها شعب مظلوم وحاكم ظالم، ونتيجتها لابد أن تكون لصالح المغلوبين على أمرهم، أما التهديد بالمزيد من البطش فلن يؤدي إلا الى المزيد من التعقيد وتداخل الأمور الصعبة، ولن يفيذ النظام كثيرا لأن العالم برمته يدرك تماما انه نظام يضطهد شعبه ويحاول القفز على الحقائق القائمة على الارض، ويسعى لتزوير الوقائع، وكأنها أساليب لايمكن لها أن تؤدي إلى الغلبة .
الصور المؤلمة التي هي بين يديك عزيزي القارئ، تنقلك إلى عالم آخر يعيش أهله ظروفا تحكمها معايير وقيم لا تنتمي للزمن الحاضر، بل هي تستمد من الماضي السحيق، الذي عاش فيه المستبدون والاقطاعيون والطغاة، وهم يستضعفون البشر ويستعبدونهم ويحرمونهم من أبسط حقوقهم المشروعة .
إلى الاحرار في جميع أنحاء العالم، نقدم في هذا الكتيب المدعوم بالصور والوثائق جميع المشاهد المحزنة التي تؤكد مظلومية شعب البحرين على أيادي نظام قمعي مستبد يعذب الأطفال والنساء ويقتل الشباب والشيوخ وينتهك الاعراض ويعتدي على مراكز ومساجد المسلمين، ويصادر الممتلكات ويمارس العقاب الجماعي لمنع الاحتجاج السلمي .
كانت هذه مقدمة الكتيب، الذي نشرته المعارضة البحرينية في الخارج في اروقة مبنى الأمم المتحدة في جنيف في شهر ابريل 1998 خلال جلسات اللجنة الفرعية لحقوق الانسان (مجلس حقوق الانسان حاليا) وذلك للرد على جميع المغالطات والاكاذيب الفاضحة، التي نشرتها المخابرات البحرينية في كتيبها (المحرضون .. والمخربوب) أفعالهم وجرائمهم في البحرين في العام 1997 في جنيف .
كتيب المعارضة البحرينية، الذي جاء في 31 صفحة من الحجم المتوسط، والذي وزع على نطاق واسع داخل وخارج مبنى الأمم المتحدة في جنيف، رصدت فيه كل التفاصيل. من الانتهاكات الامنية الصارخة التي مارستها قوات الأمن البحرينية والمرتزقة الجانب ضد المواطنين البحرينيين في الاعتصامات والاحتجاجات السلمية في حقبة سنوات الانتفاضة الدستورية، إلى عمليات التنكيل والقتل المتعمد ضد الأطفال والنساء والشباب وكبار السن خلال التظاهرات، وحتى الاحداث الثانوية التي شهدتها هذه الانتفاضة المباركة، وشهد لها العالم بالفخر بسبب عدالتها وأساليب نضالها العصري والمتحضر.
أن اللغة الحضارية لهذا الكتيب، والدقة و وصف الوقائع والاحداث والالتزام في تسجيل كل حدث مهما كان عابرا، أذهل البعثة الدبلوماسية البحرينية الدائمة في جنيف، واصابها بالصدمة الموجعة وبالارتباك. أن كل هذا لم يجعل من هذا الكتيب نصا مثيرا فحسب، وانمها هو أصبح وثيقة مهمة سمحت بالقاء نظرة مباشرة على طبيعة الحكم الدكتاتوري، الذي كان قائما في البحرين في تلك الفترة، والصورة الوردية الذي خلقها لنفسه وأمام العالم بانهم متسامح ويحترم الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان .
من بين الشواهد والقرائن القاطعة التي وردت في طيات هذا الكتيب، واصبحت كمحطات تاريخية مهمة لتخليد المناضلين الشرفاء والشهداء الابرار الذي سقطوا في ساحة النضال الوطني دفاعا عن الشعب والوطن.
صورة للشهيد السعيد، علي سلمان التيتون البالغ من العمر 3 سنوات، الذي استشهد في 7 مايو 1996 بعد تفجير منزل عائلته من قبل قوات الأمن، واستشهد معه كل من والده و والدته، وكان التفجير المروع لهذا المنزل، قد أحدث زلزال مهيب في أوساط الناس داخل المجتمع.
وصورة للشيخ الجليل عالم الدين علي النتشاس، البالغ من العمر 50 عام (وهورجل ضرير العين) الذي استشهد في 2 يونيو 1997 بسبب سوء الرعاية الصحية في السجن وكذلك التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرض له على أيادي الجلادين.
وصورة للشهيد السعيد، عبد الزهراء ابراهيم عبدالله الستراوي، البالغ من العمر 25 عام، الذي تعرض لاعتداء وحشي بالضرب المبرح في المسيرة الاحتجاجية في السنابس، واستشهد في 6 يونيو 1997 .
وصورة للشهيدة السعيدة، زهراء ابراهيم كاظم، التي استشهدت في 22 يوليو 1996 بعد ان منعت قوات الامن والمرتزقة من اقتاحم باب منزلها والدفاع عن كرامتها وكرامة عائلتها، واستشهدت بسبب الضرب المبرح بالايدي وبالسلاح.
وصورة للشهيد السعيد، علي أمين محمد، البالغ من العمر 20 عام، الذي استشهد تحت التعذيب الوحشي في 17 يوليو 1996 بعد بضع ساعات فقط من اعتقاله بينما كان متوجها إلى عمله.
وصورة للشهيد السعيد، سعيد الاسكافي، البالغ من العمر 16 عام، الذي استشهد في 8 يوليو 1995.
وصورة للطفل البريء، زهير مهدي، البالغ من العمر 9 سنوات، الذي عذب بمنتهى القسوة من قبل الجلادون، في 27 فبراير 1997 عندما مروا به وهو يلعب مع أطفال آخرين، ثم تم نقله إلى المستشفى وبقي هناك لعدة أسابيع وكان يتردد على زيارته المواطنون بالمئات، وذلك بالرغم من فرض حالة الطوارئ غير المعلنة في البحرين.
وصورة للمناضل الشجاع، الحاج عبدالله فخرو، البالغ من العمر 60 عام، الذي واجه أخطاء السلطة بشراسة، وتعرض للاعتقال عدة مرات والسجن بسبب ممارسة حقه في التعبير.
وصورة للمناضل الشرس المحامي، أحمد الشملان، البالغ من العمر 56 عام، وهو احد أعضاء لجنة العريضة الشعبية، مستلقيا على فراشه للعلاج في المستشفى في يونيو 1997، بعد تعرضه للمعامة القاسية على أيادي الجلاد عبدالعزيز عطية الله آل خليفة، أحد أعضاء لجنة التعذيب التي شكلها المرتزق العميد البريطاني ايان هندرسن، لتعذيب المواطنين البحرينيين المناهضين للسلطة في ذلك الوقت.
هذا غيض من فيض لجميع الجرائم الوحشية وعمليات الارهاب الممنهجة، التي مارستها السلطة الخليفية القمعية، ضد أبناء وبنات شعب البحرين، ولم تستثني منها حتى الاطفال القاصرين وكبار السن من النساء والرجال في البحرين. ومن المؤسف حقا انها ظلت على الدوام تنفي عن نفسها كل هذه الممارسات الارهابية الشنيعة، أمام المجتمع البحريني وأمام الرأي العام الدولي، وتتهم الاسلاميين واليساريين، بتهييج الشارع والقيام بأعمال التخريب.
على صفحات هذا الكتيب، تحدث عدد من خبراء اللجنة الفرعية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة، وكبار المسؤولين في المنظمات الديمقراطية والحقوقية الدولية، عن الممارسات الكثيرة، التي تدل على المنهجية الوحشية التي استخدمتها السلطة البحرينية في عمليات الاعتقال المنظمة والعشوائية، وقتل المواطنين المطالبين بالحريات الديمقراطية وحقوق الانسان، وجمعوا عدة ادلة وبراهين قاطعة وجمع أكبر عدد ممكن من التفاصيل لطرحها في مداخلاتهم وتقاريرهم في جلسات اللجنة الفرعية، لقد جمعوا معطيات هامة وشهادات حية عن الاحداث في البحرين لكي يواجهوا بها السلطة البحرينية ومطالبة اللجنة الفرعية باصدار قرار دولي ضدها لمنع انتهاكاتها لحقوق الانسان، ولايجوز هنا أن ننسى بأن البحرين واجهت قرار ادانة دولية على انتهاكاتها لحقوق الانسان وعدم التزامها بالمعاهدات والمواثيق الدولية في هذا الشأن في العام 1997 شارك فيه 11 خبير دولي من خبراء اللجنة الفرعية لحقوق الانسان في مقابل 10 خبراء اصطفوا إلى جانبها بعد حصولهم على رشاوى مالية وهدايا ثمينة، وكان من بينهم للاسف الشديد خبيرة مغربية (الرزازي) التي شهدت للسلطة بالباطل وهي تعلم علم اليقين ما كان يعانيه شعب البحرين من اضطهاد وتعسف مطلق وانتهاكات صارخة لحقوق الانسان.
هاني الريس
27 أبريل 2025