البرلمانية الدنماركية من ( أصل أجنبي ) يلدز اكدوكان، تنسحب من عالم السياسة، بعد 15 سنة كاملة من النضال الحقيقي في خدمة الضعفاء والتنوع العرقي في المجتمع
بعد 15 سنة كاملة من النضال الحقيقي في المجتمع، وعلى مستوى البرلمان الدنماركي، عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي( الحاكم حاليا في الدنمارك ) اختارت النائبة البرلمانية الدنماركية، من اصل، كردي تركي، يلدز اكدوكان، الإنسحاب من عالم السياسة، والاستقالة من البرلمان الدنماركي، في بادرة ربما كانت هي الأولى من نوعها، بالنسبة للبرلمانيين الدنماركيين، المنحدرين من أصل أجنبي.
وقالت، يلدز، في إعلان انسحابها: ” أن هذا القرار لم يكن قرارا سهلا، ولكن كان قرارا ضروريا بالنسبة لها”.
وتابعت: لا يمكن للانسان دائما الموافقة على كل شيء، وخاصة إذا ما كان الامر يخدم قضية تتعلق بالمجتمع، ولهذا السبب، تخليت اليوم عن مقعدي كبرلمانية، عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وذلك لأسباب تتعلق بالتوجهات والتطلعات، “على الرغم من أن معتقداتي ومبادئي الأساسية لم تتغير تماما “.
وأضافت: ” لقد رفعت شعار “الانسان أولا ” وهذا الشعار ظل دائما وعلى الدوام، طوال حياتي السياسية والخاصة، التي امضيتها سابقا، ومازلت ماضية بنفس تلك الطريق، رغم اعتزال السياسة.
وقالت: أنها كانت تؤمن ولا تزال، بالقيم والمبادئ والشعارات، التي ظل يرفعها الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وكافحت من أجل أن تكون كل هذه القيم والمبادئ قوية وراسخة، من أجل خدمة المجتمع الدنماركي، وبخاصة الطبقات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة، وخدمة أهداف وتطلعات مجتمعات الأقليات الاثنية والعرقية والقومية في الدنمارك، وإقامة مجتمع الرفاه، التي تتواجد فيه كل أسباب الأمن للجميع، وتسود فيه جميع فرص العمل والمساواة بين الجميع، والتمكين من استيعاب الاختلافات بين الناس بعضهم لبعض داخل المجتمع، من دون تمييز أو اعتبارات خاصة، ولذلك فإن التسامح والتنوع مهمان خاصة في الأجواء الديمقراطية، التي تتمتع بها الدنمارك.
وتعهدت بأنها سوف تواصل طريق الكفاح من أجل تحقيق جميع تلك الأهداف والتطلعات الكبيرة، المنشودة للمجتمع، على الرغم من اعتزالها عالم السياسة، وأنها ستبقى فخورة بكل القيم والمثل والمبادىء الديمقراطية والإنسانية والأخلاقية، التي تتميز بها الدنمارك.
وفي نهاية خطاب الوداع من عالم السياسة، شكرت، يلدز اكدوكان، جميع من وقف معها وتضامن، في جميع حملاتها الانتخابية للبرلمان السابقة والاحقة.
لقطات سريعة عن حياتها:
ولدت يلدز اكدوكان، في تركيا، من أسرة عمالية متواضعة، وجاءت مع والديها، إلى الدنمارك، حيث كانوا يبحثون عن عمل.
كانت واحدة من بين أوائل النساء ذوات الخلفية المهاجرة، في البرلمان الدنماركي، عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
تم انتخابها لأول مرة لعضوية البرلمان، في العام 2007، ولكنها بعد اربع سنوات غادرت البرلمان، وعندما استقالت عضوة البرلمان والوزيرة السابقة عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، كارين هيكيروب، البرلمان الدنماركي، في العام 2014، عادت يلدز اكدوكان، مرشحة في الإنتخابات التشريعية للعام، الذي تلاه، حيث أعيد انتخابها.
في الإنتخابات التشريعية الأخيرة للعام 2019، لم تحصل سوى على مجموع 2.999 صوتا انتخابيا، لم تكن كافية للحصول على المقعد البرلماني.
مسيرة تضحيات ونضال
15 سنة كاملة من النضال الحقيقي، امضتها، النائبة البرلمانية، يلدز اكدوغان، في خدمة القضايا الإنسانية والتنوع العرقي، والثقافي في الدنمارك، ولم يغريها الحصول على الجاه وجمع الأموال، بقدر ما كانت قد نذرت نفسها لخدمة قضايا الدولة والمجتمع.
وعاصرت، يلدز اكدوكان، أجيال من الشباب، وعملت إلى جانب عدد من الزعماء الكبار على المسرح السياسي الدنماركي، ولم تعتد أبدا بنفسها، وبما كانت قد أنجزته من مهام كبيرة من أجل خدمة المجتمع، ولم تسعى أبدا لتسليط الضوء على نفسها، على عكس ما يظل يحاول أن يقوم به الآخرين، من المهاجرين واللاجئين، العاطلين عن الفكر والعمل، والذين يقدمون أنفسهم على أنهم يضحون في سبيل خدمة أبناء مجتمعاتهم واعراقهم، وهم في الحقيقة لم يحملون حتى القلم، ولم يشاركون فى الدفاع عن القضايا، التي تحتاجها هذه المجتمعات، وتحتاجها الدنمارك، وعلى الرغم من ذلك، نراهم يستعرضون بعض ” انجازاتهم الموهومة ” عبر بعض المواقف الضيقة المحدودة، ونشر الصور، التي يحضون بالتقاطها مع بعض الشخصيات المعروفة على مستوى الدولة أو المجتمع، ويستعيدون تكرارها على مدار سنوات طويلة ومتتالية، لا لشي، بل لأنهم يحاولون أن يبقوا دائما في الواجهة، حتى لو انهم لم يستطيعوا تقديم أي شيء يمكن الإستفادة منه داخل المجتمع.
واخيرا..أن بقيت، يلدز اكدوكان، أم لم تبقى ناشطة وفاعلة على المسرح السياسي في الدنمارك، فإن التأريخ سوف يحفظ لها دورها في النضال من أجل خدمة قضايا الإنسان في الدنمارك.
هاني الريس