التفاصيل الكاملة، حول قضية تجسس عملاء المخابرات السعودية في الدنمارك الأحزاب والقوى السياسية الرسمية، والأخرى الفاعلة على الساحة الدنماركية، تطالب بإجراءات صارمة ضد من يثبت عليهم القضاء تهمة التجسس لصالح، الحكومة السعودية
في مساء يوم الإثنين 3 شباط/ فبراير 2020، عقد وزير الخارجية الدنماركية، جيبي كوفود، جلسة استثنائية طارىءة للجنة السياسة الخارجية، وكان البند الاول والوحيد لجدول أعمال تلك الجلسة، هو قضية التجسس، لصالح حكومة المملكة العربية السعودية، في الدنمارك، والمتهم فيها ثلاثة أشخاص(ايرانيين _ عرب) بالتجسس لصالح جهاز المخابرات السعودية في الدنمارك.
وجاء ذلك، في أعقاب اكتشاف جهاز المخابرات الدنماركية ( PET ) في وقت سابق، بأن هناك أشخاص يقيمون في الدنمارك، ويعملون لصالح جهاز المخابرات السعودية، على الأراضي الدنماركية، ضد أشخاص وشركات ومؤسسات.
وقال وزير الخارجية الدنماركية، في بيان صحفي: ” لقد استدعينا السفير السعودي في الدنمارك، واخبرناه بكل وضوح، أنه من غير المقبول، أن تكون هناك انشطة تجسس تحدث، في الدنمارك، وترعاها الحكومة السعودية، اوتروج لها” واننا لن نرحب باي شكل من اشكل، هذه الممارسات الخاطئة والجسيمة، أن تعمل داخل الأراضي الدنماركية.وبالإضافة إلى هذا الموقف الرسمي المحلي الصلب، وعد وزير الخارجية جيبي كوفود، بأن يعرض حيثيات ونتائج هذه القضية، على منبر الأتحاد الاوروبي، في الفترة القريبة القادمة.
التحقيق الدستوري في محكمة روسكيلدا:
عقدت جلسة المحاكمة الدستورية، في محكمة مدينة روسوسكيلدا، في تمام الساعة التاسعة وثلاثة وأربعون دقيقة، بعد تأخر حضور أحد المتهمين الثلاثة في القضية، وذلك وسط احتجاجات صاخبة من جانب الصحافة الدنماركية، التي منعت من دخول قاعة المحكمة، حول ما قيل عن احتفاظ المحكمة، بالسرية التامة، حول أسماء الأشخاص المتهمين الماثلين أمام المحكمة، في وقت، قال فيه الصحفيون أن هده القضية قد تم تداولها مسبقا في جميع وسائل الاعلام المحلية وعلى المستوى الخارجي.
وبعد البدء فى نطاق الجلسة، قال المدعي العام الدنماركي، رون ريديك، أن الأشخاص الثلاثة، الذين يمثلون اليوم أمام المحكمة، هم متهمين في الضلوع في قضية تخابر لصالح جهاز المخابرات السعودية، وأنهم سوف يواجهون العقوبةاللازمة، ضمن الفقرة “1” من المادة 108 و المادة 136، من القانون الجنائي الدنماركي، والتي سوف يتم تطبيقها على المتهمين الثلاثة المتهمين بالضلوع في هذه القضية”.
ويعرف بأن الفقرة (1) من المادة 108، هي الفقرة المعدلة للقانون الجنائي الدنماركي، بشأن التجسس، وهي تهدف إلى ” قيام أجهزة المخابرات السعودية للعمل الاستخباراتي على الساحة الدنماركية من أجل جمع المعلومات عن الأشخاص المعارضين، والشركات التجارية وغيرها”.
وكذلك المادة ” 136 ” التي تتناول التحريض، على ارتكاب جرائم ونشر الدعايات المسيئة، حيث أقر المدعي العام الدنماركي، على أن الأشخاص المتهمين في قضية التخابر هذه، كانوا قد روجوا في أيلول/ سبتمبر من العام 2018 للدعاية السعودية، ضد عرض عسكري ايراني جرى في مدينة الأهواز، و قتل وجرح فيه عدد من أفراد الشرطة الإيرانية الأبرياء.
وفي هذا المجال، طالب المدعي العام الدنماركي، أن تكون جلسة المحاكمة مغلقة، متذرعا بأنه ” ما يزال هناك، تهديد محدق للمتهمين، يمكن أن يضر بهم، وقد وافق محاموا المتهمين الثلاثة بالإجماع على طلب المدعي العام بهذا الخصوص.
حراسة مشددة على قاعة المحكمة ومحيطها:
كانت هناك حراسة أمنية مشددة وبالاسلحة الاوتوماتيكية الثقيلة، حول محيط المحكمة وداخل قاعاتها المغلقة، من قبل رجال الشرطة الدنماركيين، الذين كانوا يرتدون السترات الواقية من الرصاص، وكانوا يستخدمون الأسلحة الاوتوماتيكية بأنواعها المختلفة، ويرصدون كل حركات الناس وسكناتهم، في تلك المنطقة وجوارها.
ردود الأفعال:
كانت هناك ردود أفعال واسعة النطاق من قبل العديد من الأحزاب السياسية في الدنمارك، حول تلك القضية، وفي هذا المجال، صرح رئيس الوزراء الدنماركي السابق، وعضو لجنة السياسة الخارجية لحزب اليسار الليبرالي المعارض في البرلمان الدنماركي، لارس لوك راسموسن، بأنه، يدعم الخطوات الجريئة، التي تتخدها الحكومة الدنماركية، حيال هذه القضية الحساسة، ويرغب بأن تتخد الحكومة خطوات أشد صرامة، ضد الحكومة السعودية، التي حاولت أن تزرع لها ادرع لمخابراتها في الدنمارك، متخطية كافة الأعراف والقوانين، واضاف: ” إننا اليوم نشهد نوعا من حرب الوكالات الأجنبية على الأراضي الدنماركية ويتوجب علينا التصدي لها بجميع الوسائل الدستورية.وهكذا كان الحال بالنسبة، لزعيم حزب الراديكال_ يسار الوسط، الداعم للحكومة الحالية، مورتن اوسترجارد، الذي شدد على عقوبات صارمة ضد الحكومة السعودية، التي تريد زعزعة الأمن والاستقرار في الدنمارك، وقال في تصريح للصحافة: ” انه منزعج تماما من أن اجهزة المخابرات السعودية بدأت تخلق لها أنشطة مستمرة، على مستوى الساحة الدنماركية، بوسائل غير مشروعة، ولكنه يحبذ أن تسوى الامور عبر الوسائل القانونية المشروعة.
وأما حزب الشعب الدنماركي، المناهض للهجرة واللاجئين والاتحاد الأوروبي، فقد أكد على أنه يجب على الحكومة الدنماركية، اتخاد قرارات أكثر تشددا تجاه العربدة السعودية في الدنمارك، ومحاسبة كافة المسؤولين عن كل هذه الاختراقات والتجاوزات المشينة، وقد طالب الحكومة الدنماركية، باتخاد كافة الخطوات والتدابير الأمنية اللازمة، كي تكون قادرة على منع الأشخاص، الذين، يرتكبون، الأعمال التجسسية والاجرامية داخل الدنمارك، وأضاف الحزب: ” إذا أراد أحدا الإستمرار في أي نزاع يتعلق بالشرق الاوسط، فإنه لا ينبغي أن يكون على أرض الدنمارك”.
سوابق مماثلة:
حدثت هناك في الدنمارك سوابق من هذا النوع، واتخدت ضدها السلطات الدنماركية، إجراءات كفيلة بالتصدي لهذا، ففي العام 2018 ، والعام 2019، اتهمت المخابرات الدنماركية( P ET ) أربعة أشخاص بانتهاك المادة 108 من القانون الجنائي الدنماركي، كان يشتبه بأنهم كانوا يجمعون معلومات عن أشخاص مرتبطين بحركة فتح الله غولن، المعارضة للحكومة التركية، المتهمة في تركيا بالقيام بمحاولة الانقلاب العسكري ضد رئيس الدولة، رجب طيب اردوغان، في تموز/ يوليو من العام 2016.كما استخدمت في قضية جنائية اخرى، في العام 2012، ادين فيها أستاذ العلوم السياسية في جامعة كوبنهاجن، بتهمة التجسس لصالح روسيا.
إعتقال صحفي يعمل لصالح قناة الجزيرة القطرية:
بعد نهاية المحاكمة مباشرة، التي جرت ضد المتهمين بالتخابر لصالح السلطات السعودية في الدنمارك، القت الشرطة الدنماركية، القبض في مدينة روسكيلدا حيث جرت هناك محاكمة المتهمين الثلاثة، على صحفي، عربي قدم نفسه على انه صحفي في قناة فضائية عربية، وكانت الشرطة الدنماركية، تعتقد، بأن له سلوك مشبوه حول المحكمة، التي جرت في المدينة، وتم التحقيق معه حول هذه الشبهة ولكن قد تم إطلاق سراحه بعد نهاية هذا التحقيق.
هاني الريس