
15عام .. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان البحرينية في خدمة النظام الخليفي
15 عام على إعلان حاكم البحرين حمد بن عيسى ال خليفة، عن تدشين المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين، التي ادعى النظام الخليفي في البحرين، بأنها سوف تعمل بكل ما اتيح لها من قوة و من مهارات مميزة لحماية حقوق الإنسان في البحرين، وتحسين التشريعات الوطنية لتتوافق مع المعايير الدولية، ومنح الاختصاصات والصلاحيات على نحو يتوافق مع مبادئ باريس المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان الصادر بموجب الجمعيه العامة للأمم المتحدة الرقم (48/ 134) للعام 1993ولاتزال هذه المؤسسة عاجزة عن تحقيق كافة الوعود والمهام المطلوبة لحماية حقوق الإنسان في البحرين وتحسين سجلها الحقوقي في المحافل الدولية وتنفيذ جميع التزاماتها المطلوبة تجاه مبادئ باريس، بل على العكس واصلت المؤسسة الوطنية طريقها بوسائل شتى لتضليل الرأى العام البحريني والتلاعب بالتشريعات الوطنية وخداع المجتمع و المنظمات الحقوقية العالمية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالبيانات والمعلومات والتقارير الدورية المشوهة والمضللة والتي ظلت تصب دائما لمصلحة النظام الخليفي على حساب الحقائق القائمة على أرض الواقع .
منذ ذلك الوقت وحتى الآن تعاقب على رئاسة المؤسسة الوطنية ثلاثة أشخاص، تم تعيينهم لهذا المنصب بقرار سياسي من قبل حاكم البلاد حمد بن عيسى ال خليفة، وكان أولهم الناشط الحقوقي ورئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، سلمان السيد علي كمال الدين، الذي سرعان ما تقدم باستقالته من هذا المنصب بعد قرابة ثلاثة شهور او أكثر، احتجاجا على التشوهات العميقة، التي شابت برامج ومشاريع المؤسسة و التدخلات المباشرة وغير المباشرة من جهات أمنية ومتنفذة داخل اجهزة الدولة الرسمية، استقال لكي يحفظ كرامته و ليذكر له التاريخ دوره في النضال الحقيقي، اما الآخرين الذين ورثوا من بعده هذا المنصب، فقد اصروا على البقاء على كراسيهم لكي ينعموا بامتيازاتها الزائلة رغم كل ما كانوا يشاهدونه من أخطاء و تجاوزات كثيرة وخطيرة، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، الذي اسسه الناشط الحقوقي البحريني عبدالهادي الخواجة، بعد عودته مباشرة من المنفى القسري في الدنمارك، و المسجون حاليا بحكم المؤبد في سجون النظام الخليفي، على خلفية طرح ارائه النضالية السلمية حول التغيير الجوهري وحقوق الإنسان في البحرين، عبدالعزيز حسن ابل، الذي أنهى عدة سنوات عجاف في منصب رئيس المؤسسة الوطنية، اما بسبب قلة الخبرة الكافية في المجال الحقوقي، حيث أن الرجل هو خريج اقتصاد، من الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يسبق له أن مارس مهنة النشاط المعروف في مجالات حقوق الإنسان، وكانت فترة رئاسته لمركز البحرين لحقوق الإنسان عبارة عن واجهة اجتماعية لاغير، أو بسبب الضغوطات الشديدة والاوامر الفوقية المفروضة عليه من قبل الأجهزة الأمنية لتسيير شؤون المؤسسة الوطنية، ومن بعده شغل منصب رئيس المؤسسة الوطنية الحالي خريج الهندسة المدنية من موسكو والنائب البرلماني السابق، علي أحمد الدرازي، وهو الاخر لم يذكر له أي تاريخ وطني في العمل في المجال الحقوقي، ولم تظهر له حتى الآن اية بصمات واضحة لتغيير صورة المؤسسة نحو الأفضل، وربما يعود ذلك إلى نفس الأسباب التي ذكرت سلفا بالنسبة للرئيسين السابقين للمؤسسة الوطنية، المغلوب على أمرهماا بسبب خضوعهما للضغوطات والقرارات المفروضة عليهم من فوق .
ويقينا أن كل ما قدمته هذه المؤسسة من نشاط حقوقي كان يصب دائما في خدمة النظام الخليفي لتجميل صورته في المحافل الدولية، وليس من أجل الحماية الحقيقية والفعلية لحقوق الإنسان في البحرين، وان كل ما صرف على برامجها و مشاريعها الوهمية، منذ بداية تدشينها في 10 تشرين الأول/ نوفمبر 2009 وحتى الآن من أموال طائلة من دون فائدة تذكر، يفوق باضعاف مضاعفة ما قدمته من برامج مشاريع متعلقة بحماية حقوق الإنسان وتحسين سجل البحرين السيء في مجال الحريات الديمقراطية والمدنية أمام العالم .
والحق، هو أن النظام الخليفي القمعي قد جنى من هذه المؤسسة فوائد سياسية واعلامية كبرى لتلميع صورته في مختلف المنابر و المحافل الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وذلك على حساب الادلة الدامغة والبراهين والحقائق القائمة على أرض الواقع . فقبل عدة شهور مضت كشفت مقابلات أجرتها مراكز حقوقية عالمية وقنوات فضائية معروفة، عن وجود انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان في البحرين فيما يتعلق بحريات الرأى والتعبير والضمير مع حالات المعاملة السيئة للسجناء السياسيين والحقوقيين داخل السجون في البحرين، والتي ظلت في العادة مصحوبة بتهديدات بفرض عقوبات صارمة على المضربين عن الطعام والمحتحين على ممارسة العسف وسوء المعاملة من الجلادين .
و اما بالنسبه للمنظمات الحقوقية الدولية التي تراقب الأوضاع في الشأن الحقوقي البحريني، فانها ظلت تتحدث وبصوت عال، ليس عن الوضع الحقوقي فقط، بل السياسي والاجتماعي والاقتصادي السيء الذي تعاني منه غالبية أفراد المحتمع البحريني، وانعدام الثقة المتبادلة بين الحكم والمجتمع، الأشخاص الذين اجرت معهم المنظمات الحقوقية الدولية مقابلات عبروا عن انزعاجهم وقلقهم مما يحدث داخل سجون البحرين من عمليات تعذيب بشعة ومنع الدواء ومنع الطبابة للمرضى وتقنين زيارات عوائل السجناء، واشاروا أيضا إلى أن حكومة البحرين قد بالغت كثيرا في تكميم أفواه المناهضين لها بشكل مخيف وخنق الحريات الديمقراطية والمدنية في نفس الوقت الذي ظلت تعتبر فيه نفسها بأنها ” واحة الحريات والتسامح الإنساني و تلاقي الثقافات والاديان” .
هاني الريس
9 فبراير 2025