تاريخ طويل من الاضطهاد والعسف العام .. البحرين أصبحت ” عاصمة دولية للتنكيل بالمعارضين السياسيين و الاعدامات”
في 26 اذار/ مارس 1996، اعدمت السلطات الخليفية في البحرين، الشهيد السعيد، عيسى احمد حسن قمبر(29 عام) رميا بالرصاص، بعد ما اذانته محكمة أمن الدولة الصورية في البحرين بقتل أحد رجال الشرطة ( المكلفة بقمع التظاهرات الاحتجاجية السلمية) ولم تسلم السلطات جثته الطاهرة إلى عائلته في النويدرات، واصرت على تغييبها في مكان مجهول (و لازلت اتذكر بالضبط تلك الليلة المؤلمة و المؤسفة قبيل عملية الإعدام، عندما كنا في دار الحكمة في لندن، نسهر حتى فترة الصباح الباكر، نرسل الرسائل تلو الأخرى عبر الفاكس لكبار المسؤولين البريطانيين واعضاء مجلس العموم والحقوقيين و الصحفيين و مراكز و فروع المنظمات الحقوقية الدولية، لمناشدتهم للتضامن الإنساني، و حث السلطة البحرينية على وقف عملية تنفيذ الإعدام بحق الشهيد السعيد عيسى قمبر، ولكن السلطة الخليفية القمعية، للأسف الشديد رفضت جميع المناشدات و المساعي الحميدة في هذا الشأن، واصرت بشدة على ارتكاب هذه الجريمة البشعة، التي اوجعت البلاد وشعب البحرين برمته) .
و في 6 آيار/ مايو من نفس العام، اقدمت السلطات الخليفية، على إعدام الشهيد السعيد، فاضل عباس مرهون، بنفس الطريقة، وقد اخفت جثته الطاهرة عن أهله، في سابقة تعتبر هي الأولى في تاريخ اعدام المناضلين السياسيين في البحرين المناوئين للسلطة، ومنذ ذلك الوقت تتالت قوافل الشهداء الذين قضوا نحبهم تحت وطاة التعذيب في سجون ومعتقلات النظام الخليفي، وبرصاص قوات الأمن و المرتزقة الاجانب، في الاحتجاجات الشعبية السلمية، التي حدثت في عموم المناطق البحرينية في تلك الفترة.
ومنذ مطلع العام 2011 على اثر الحراك الشعبي الواسع النطاق، الذي زلزل أركان النظام الخليفي في شباط/ فبراير، حكمت محاكم النظام الصورية و سيئة الصيت، على كوكبة من 51 مواطنا بحرينيا، بالإعدام، ونفذت الحكم في 6 أشخاص بشكل وحشي، وفي السابع والعشرين من تموز/ يوليو 2019 تم تنفيذ حكم الاعدام بالشهيدين السعيدين، علي العرب، و حمد الملالي، رميا بالرصاص، وفي العام 2017 ولغاية العام 2022 كان هناك 26 شخصا ينتظرون حكم الإعدام، وجميع هؤولاء كانوا قد استنفدوا قرار الاستئناف، وظلوا ينتظرون المصير المحتوم، وفي الأعوام السبعة الأخيرة، اعدمت السلطات الخليفية الجائرة، ثلاثة شهداء شبان في عمر الزهور، علي السنكيس، وعباس السميع، وسامي مشيمع، وذلك تحت تهم ملفقة بالاخلال بالأمن وقضايا الإرهاب.
وكان النظام الخليفي بعد ارتكابه لتلك الأفعال الاجرامية و الوحشي التي لا تطاق، قد صور لنفسه بأنه قد انتصر في معركته السياسية الكاسرة، على المناضلين الوطنيين الشرفاء، وتخويف الآخرين، باجراءاته الاجرامية، وكسر شوكتهم من خلال حملات الاعتقال التعسفي والملاحقات و الاعدامات، ولكن اصرار المعارضين وقوة صبرهم و صمودهم و إيمانهم بأهمية القضية الوطنية، حال من دون تحقيق أحلام النظام الخليفي في القضاء على المعارضة الوطنية والإسلامية، التي ظلت تتصدت له بعناد و بكل قوة و شجاعة لم يعرف لها مثيل في تاريخ الاحتجاجات والانتفاضات في البحرين.
و صحيح بأن النظام الخليفي القمعي، استطاع أن يمارس مختلف صنوف القهر والاستبداد والعسف العام الذي شمل المجتمع، و تعليق الناس الأبرياء على أعواد المشانق، و اجبارهم على تقديم الاعترافات الملفقة و المزورة، من أجل اذانتهم في قضايا أمنية لا علاقة لهم في حدوثها، و ازهاق الأرواح تحت وطاة التعذيب في السجون والمعتقلات، و خلال مراحل الاحتجاجات و التظاهرات والاعتصامات، إلا أن شبح صورهم و أرواحهم الطاهرة مازال يطارده ويلاحقه في كل زمن ومكان، ومازال يقلق مضاجعه، فهو يبقى المسؤول الأول والأخير عن ارتكاب تلك الأفعال، اللاانسانية واللا أخلاقية و التي ظلت تقشعر لها الأبدان، وتنبذها الاعراف و جميع المعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان، و استمرار تنامي المشاعر الشعبية المناهضة لوجوده ولجميع سياساته الاستبدادية القمعية، وبحيث أن كل مبادئ الرحمة والشفقة والعدالة لم تملي عليه السماح للمواطن البحريني، أن ينعم بالحرية والكرامة الإنسانية، والعيش الرغيد والمزدهر في مجتمع يسوده الأمن والسلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية و البشرية .
هاني الريس
18 يناير 2025