النصر والصمت المؤلم .. حاكم البحرين حمد بن عيسى ال خليفة، يمسك بـ (الكأس الذهبية والسيف) بقبضة واحدة
من المفارقات العجيبة و المثيرة للسخرية، أن حاكم البحرين حمد بن عيسى ال خليفة، بعد فوز منتخب بلاده ببطولة كأس الخليج لكرة القدم (زين 26) التي أقيمت في دولة الكويت في الفترة مابين 21 كانون الأول/ ديسمبر 2924 و 4 كانون الثاني/ يناير 2025 شوهد في لقطات كثيرة يرفع كأس البطولة، منتشيا بتحقيق الانتصار الكبير، الذي احرزه لاعبي المنتخب الوطني البحريني لكرة القدم، بعد تقديم مستويات رائعة و مميزة في البطولة، وكان قد امتدح إنجازات الشباب البحريني، الذين جلبوا النصر العظيم للبلاد وشعب البحرين، ولكن مثل هذه النشوة العارمة في نفسه، نسي ان يوظفها في جميع الأحوال القاسية و المزرية، التي ظلت تعيشها البلاد، في ظل سياسات القمع وتكميم الافواه و انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، الذي كان يشرف عليها بنفسه .
فالرجل الذي كان قد احتفل بهدا الانتصار الكبير للمنتخب الوطني البحريني، واشاذ بدور الشباب البحريني الابطال، في صناعة الانتصارات الرياضية في مختلف البطولات الخليجية والقارية والدولية، كان على عكس ما ينبغي أن يكون عليه رجل الدولة، الذي يريد دائما توحيد الشمل وتماسك الجبهة الوطنية، و مشاركة جميع أفراد الشعب في الاحتفالات و الانتصارات الوطنية في جميع المجالات، ففي نفس الوقت الذي كان فيه صدى الانتصار الكروي البحريني يتردد في ربوع البلاد، وتشارك في اعراسه الغالبية الساحقة من أفراد الشعب، رجال ونساء واطفال، الذين رفعوا الرايات الوطنية، وتفاخروا بإنجاز المنتخب الوطني البحريني لكرة القدم، كان يوجد هناك الآلاف المواطنين البحرينيين، ممن قد تخلفوا عن مشاركة أبائهم وامهاتهم واخوانهم واخواتهم واصدقائهم في تلك الاعراس، اما بسبب محنتهم داخل سجون ومعتقلات النظام، أو انهم يقيمون في خارج البلاد في المنافي القسرية، وهؤولاء أيضا من حقهم أن يحتفلوا بهذا الإنجاز الوطني الكبير وهم سعداء واحرار، وليسوا محاصرين واسرى، و يعانون من جور وظلم النظام السياسي، فالرجل الذي شده الاحتفال باعراس النصر، وعمم الفرحة في ربوع البلاد، ترك جزء من شعبه في هذه المناسبة الوطنية التاريخية، يكتوي بنيران القهر والظلم والبعد عن محاكات الواقع المعاش في البحرين، ورص الصفوف في أوساط الشعب، ولم يصحوا له ضمير بأن ينسى ماضيه القمعي التعسفي، ويعلن عن مصالحة وطنية كاملة وشاملة، ويحرر الأسرى المعتقلين في السجون بسبب ارائهم و أفكارهم و معتقداتهم الايديولوجية المشروعة والتي كفلتها قوانين البلاد و دستورها، ويعلن العفو عن عودة جميع المبعدين والمنفيين بشكل قسري في مختلف العواصم العالمية، لكي ينعموا بالحرية في وطن امن و مستقر و متعايش سلميا، فما يريده شعب البحرين، ليس تحقيق الانتصارات الكبرى في ميادين الرياضة فقط، بل أيضا في جميع ميادين الحياة الاجتماعية العامة والسياسة والثقافة والاقتصاد وحقوق الإنسان، والعيش الكريم والمصير الوطني الواحد المشترك.
واذا ما أراد حاكم البحرين حمد بن عيسى ال خليفة، أن تدوم الأفراح وتعم البهجة في نفوس وقلوب شعب البحرين، في كل انتصار و في كل مناسبة وطنية كبيرة، فإن عليه اولا توحيد الشعب، وتعزيز قدرته على جلب الانتصارات الكبرى في جميع الميادين، ونسيان نهج الماضي القمعي التعسفي، والتعلم من دروس كل ما حدث من محن وكوارث وطنية كبيرة وصغيرة، ويتعهد بإجراء إصلاحات جديدة على النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني، الذي يستحقه شعب البحرين، الذي كثيرا ما ظل يعاني من ظلم و اضطهاد وماسي وكوارث كبرى على مر الأزمان، على أيادي أفراد عائلة ال خليفة المتعاقبين على سدة الحكم .
هاني الريس
15 يناير 2025