حاكم البحرين حمد بن عيسى ال خليفة أهو رجل مصلح أم فاسد ؟

رئيس الوزراء الدنماركي أنكر يوهنسن، الذي حكم البلاد لمدة 12 عام، في حقبة سنوات الثمانينات من القرن الماضي، وكان رئيسا لمنظمة الاممية الاشتراكية، التي تضم في عضويتها مجموعة الأحزاب السياسية ذات التوجه اليساري الديمقراطي الاجتماعي، المؤلفة من 163 منظمة وحزبا سياسيا من القارات الخمس، كان يعيش مع زوجته واثنان من أبنائه، في شقة متواضعة وذات مساحة ضيقة، مكونة من غرفتين وصالة جلوس، استأجرها من شركة الإسكان في حي الميناء الشمالي في كوبنهاجن، الذي تقطنه غالبية من العمال البسطاء والفقراء، بعد أن رفض الانتقال الى القصر الفخم المخصص لرؤساء الحكومة في الدنمارك، وبعد أن بلغ من العمر 80 عام، انتقل للسكن في دار المسنين ليقضي آخر يوم من حياته المكرسة للعمل والعطاء هناك، كان ملقب (بالرئيس المتواضع جدا والصالح) لأنه كان طوال حياته المديدة رجل متواضع متقشف، لايملك شيء من العقار والثراء او المال، وكان عادلا ومنصفا بين الناس، وحتى إنه عندما بلغ سن التقاعد، ظل يتبرع بنصف مرتبه التقاعدي إلى الفقراء والمنظمات الخيرية والإنسانية. ويدهب للتسوق بمفردة ويتجول في منطقة سكنه من دون مرافق شخصي، او حراسة أمنية ( وكان قد وقع على عريضة التضامن مع شعب البحرين في محنته السياسية والامنية خلال الانتفاضة الدستورية في حقبة سنوات التسعينات من القرن الماضي، التي تقدمت بها له الجبهة الشعبية في البحرين، من أجل التوقيع عليها

والرئيس الليتواني غيثاناس ناوسيدا، كان قد ضرب مثلا في التقشف والتواضع، عندما أعلن عن تضامنه الشديد مع شعب ليتوانيا، في مواجهة الأزمة المالية، التي عصفت بالبلاد في السنون الأخيرة، وقرر أن لايتسلم مرتبه الشهري كاملا، بل منقوصا بنسبه 16 في المئة، وكان صادقا في ذلك. لارس لوك راسمونسن، رئيس الوزراء الدنماركي الأسبق ، ووزير الخارجية الحالي، كان رجل متقشف، وبعد توليه منصب رئيس الوزراء في تموز 2009 قرر السفر بمعية ابنه (19 عام) في رحلة سفر شاقة وبعيدة استغرقت قرابة اسبوع، على متن دراجة هوائية، من كوبنهاجن إلى باريس، في مهمة انسانية لجمع التبرعات لصندوق دعم الأطفال الدنماركيين المصابين بالسرطان، ودعم المنظمات الراعية لهم. ملكة هولندا بياتريس، التي تسلمت مقاليد الحكم في هولندا في أبريل 1980 بعد تنازل والدتها الملكة جوليانا عن العرش، كانت تتنقل بإستمرار على متن دراجة هوائية، وتتبادل التحيات والقبلات مع المواطنين الهولنديين العاديين، في لقاءاتها بهم في الأحياء الشعبية الفقيرة، والتي وصفها الهولنديون ب (الوالدة الحنون) والرائعة، قال عنها الهولنديون، انها وجميع أفراد عائلتها الملكية تشكل لهم على الدوام رمز الوحدة الوطنية، وهي تتسم بأنها قريبة جدا من المجتمع الهولندي خاصة في الظروف الصعبة. والملك كارل جوستاف، ملك السويد، ظل على امتداد أعوام يعاني مع اسرته من شدة الضائقة المالية، بسبب المخصصات المالية الشحيحة التي ظلوا يتقاضونها من مؤسسة الحكم، وينشر الإعلانات بين حين واخر للمواطنين السويديين، من أجل جمع التبرعات له، لتغطية النفقات الباهضة، التي تحتاجها موازنة العرش. و ملكة الدنمارك السابقة مارجريت الثانية، التي اعتلت عرش الدنمارك في العام 1972 كانت ملهمة للشعب بسبب تواضعها وعدالتها، وكانت فنانة تشكيلية ومصممة ازياء، وتساهم بسخاء في ريع مبيعات رسومها وتصاميمها للصناديق الخيرية و جمعيات رعاية الأطفال وكبار السن في الدنمارك، وهناك العديد من الرؤساء والملوك حول العالم ممن ظلوا يتصفون بتلك الصفات الحميدة .

ولكن أين موقع حاكم البحرين حمد بن عيسى ال خليفة، من بين كل هؤلاء الرؤساء والملوك العظام ؟
في مطلع تسلمه لمقاليد الحكم في البحرين، خلفا لوالده الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة، في العام 1999، قدم حاكم البحرين الجديد، نفسه أمام المجتمع البحريني والعالم برمته، على انه سيكون خلفا لخير سلف، ويعني بذلك لوالده الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة، الذي حكم البلاد لسنوات طويلة معتمة من القمع و الاستبداد المطلق، وقال في أول خطاب للشعب، إنه سوف يفتح صفحة جديدة للمصالحة الوطنية، التي تضررت بشكل كبير في عهد والده الراحل، بسبب القمع وتكميم الافواه، وتعهد على نفسه وأمام المجتمع، بأنه سوف يحكم بالعدل والانصاف، وانه سوف يجلب الخير والتنمية والازدهار للبلاد والمجتمع، وانه سيحول البحرين، إلى جنة عدن، وواحة مزدهرة للديمقراطية و الحريات العامة و حقوق الإنسان، واقسم أمام النخب الشعبية ورجال الدين في البلاد، بأنه لن يخون الأمانة، وانه لن يتخلى عن دستور البحرين الشرعي للعام 1973 الذي حدد الشراكة المجتمعية العامة، بين الشعب والأسرة الحاكمة في البلاد، وانه سيكون خادما امينا على الاقتصاد الوطني، وتوزيع المكرمات (الاميرية السامية) بين الناس لكي يعم الخير بين الجميع، فهو بعد أن استكمل مشروعه الاصلاحي، الذي ذغدغ به مشاعر المجتمع واوهم به غالبية الناس، تنكر لجميع تلك التعهدات والوعود الكثيرة و البراقة، وصار يتصرف في الحكم بمفرده، ويبسط ظله على جميع مفاصل القوة في الدولة والمجتمع، بدءا من انقلابه على دستور البلاد الشرعي، مرورا بسيطرته المباشرة وغير المباشرة مع أفراد أسرته، على جميع مفاصل القرار السياسي، وانتهاءا بنهب الثروة الوطنية، و تجويع الناس وتفقيرهم واحتقارهم، وتكميم افواههم، وحرمانهم من جميع الحريات بما في ذلك الحريات الدينية، و فتح المجال لجميع المشاريع الوهمية والمشبوهة، وجلب المجنسين الغرباء بصورة عشوائية بهدف تغيير التركيبة السكانية، وتغليب طائفة على أخرى في المجتمع، والذي كان قد انهك بهم اقتصاد البلاد و مواردها، وتسببوا بخلق الفوضى العارمة داخل المجتمع، وفي تمزيق الصف الوطني، والتاخي المجتمعي الذي ساد البلاد على امتداد عقود من الوقت، وجلب القواعد العسكرية الأجنبية لتهديد دول الجوار الخليجي، و قد اعترف بدولة الكيان الصهيوني، وعقد معها الصفقات الامنية و المشاريع المشبوهة، وفتح لها الأبواب على مصراعيها لترويج سلعها وبضائعها و منتجاتها المتنوعة في اسواق البحرين، وظل على الدوام يرفض الحوار الوطني المشترك والتصالح مع المجتمع .

وبحسب مواقع إلكترونية عالمية، نشرت احداثها في الفترة الأخيرة، فإن حاكم البحرين الطاغية حمد بن عيسى ال خليفة، والذي وصفه بعضها بالرجل المهووس بالكبرياء والعظمة، يقف اليوم على عرش اغنى اغنياء العالم، حيث يملك من القصور الفخمة و العملاقة ما شاء الله، والعقارات و الفنادق الراقية ذات الخمس نجوم، و السيارات الفارهة و الطائرات الخاصة و اليخوت والسفن المجهزة بارقى أدوات التكنولوجيا الحديثة، واسطبلات الخيول الشاسعة داخل البلاد وخارجها، وبما في ذلك تبدير أموال الدولة على مؤسسات وهمية وصورية وقاصرة داخل البلاد، مثل ما يسمى بالبرلمان البحريني ومجلس الشورى المعين و المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والمحاكم العدلية غير العادلة والمنصفة وجميع أجهزة الدولة القمعية من الشرطة والمخابرات والحرس الوطني، في ما غالبية شعب البحرين يتضورون من الجوع، والحرمان الشديد من الحريات، ومن التمتع بالحقوق المدنية العامة، ويكابدون بقوة من اجل الحصول على كسرة الخبز .

هاني الريس
3 ديسمبر 2024

Loading