لماذا يتعين على الدنمارك طرح مشروع قانون جديد لحظر حرق الكتب الدينية ؟
مع أن مشروع القانون الجديد الذي طرحته الحكومة الدنماركية بشأن ضرورة معاقبة الاشخاص الذين ينتهكون حرمة المقدسات الدينية، ويقومون بحرق القرآن أوالكتاب المقدس “الانجيل” او التوراة أوغيرهم من الكتب السماوية الآخرى، قد لايضع الدنمارك على قدم المساواة مع القيود التي تفرضها الدول الاوروبية على حرية التعبير، ويعرض الحكومة الدنماركية لحملات هجومية كاسحة من قبل المعارضين المتشددين والمنتقدين لمشروع القانون، فأن الحكومة سوف تظل مصرة على تمرير مشروعها الجديد كواقع لامفر منه، لانها في الحقيقة لا تريد أن تضع نفسها أمام تحديات كبيرة تهدد الأمن الوطني والاستقرار وتكرس مختلف مظاهر التمييز والكراهية والعنصرية، التي كشرت عن أنيابها بشكل ملفت ومقلق في خلال السنوات الآخيرة .
في 25 آب/ أغسطس 2023، أعلنت الحكومة الدنماركية عبر مؤتمر صحفي عقده وزير العدل، بيتر هوميلجارد، عن طرحها لمشروع قانون جديد يحظر أية معاملة غير لائقة بحق القرآن والكتب المقدسة الدينية الآخرى، مثل الانجيل والتوراة في الآماكن العامة، ويكون بموجب هذا المشروع هو محاسبة ومعاقبة المدنبين على أفعالهم المسيئة لتلك الرموز أمام القانون والمحاكم الدنماركية، والتي هي تشمل عقوبة السجن لمدة عامين، أو أكثر بحسب جسامة ذلك الجرم المشهود .
وخلال المؤتمر الصحفي، شدد وزير العدل، بيتر هوميلجارد، الذي كان يقف وراء مشروع حظر القرآن في الدنمارك، على ضرورة احترام جميع الحريات وجميع الاديان، قال:” إن حرق القرآن أو غيره من الكتب المقدسة، لا يمكن أن يخدم بأي حال من الأحوال أهداف الروابط الروحية والانسانية والاخلاقية والثقافية للمجتمع الدنماركي، وكذلك العلاقات الأخوية المشتركة بين مختلف الامم والشعوب في العالم .
وتابع:” إن الحظر على عمليات حرق القرآن، التي سوف تشهد عقوبات مشددة ومغلظة، هي في نفس الوقت لا تشمل بالضرورة نشر الرسوم الساخرة وحريات التعبير عن الرأي والكتابة .
وأضاف الوزير: إن عمليات حرق القرآن في الدنمارك ولمرات متكررة، قد تسببت في تحديات صعبة للغاية، وتهديدات مقلقة للأمن الوطني للعالم، ولذلك فإنه من الضرورة بمكان، العمل على إجراء تعديل في القانون من أجل حماية المجتمع من نشوب الفتن والقلاقل، و كذلك الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها في المراحل الحالية وفي المستقبل .
وفي هذا الصدد، دعا وزير العدل، بيتر هوميلجار، أعضاء البرلمان الدنماركي، إلى توحيد الصف و “الاتفاق على ازاحة العراقيل أمام مشروع القانون الجديد لكي يبصر النور” وضرورة التصويت لصالحه عندما يطرح للمداولة والمناقشة داخل قبة البرلمان .
من جهتها وصفت الحكومة الدنماركية، مشروع القانون الجديد، بأنه ضرورة ملحة، وأنه سوف يكرس ويعزز الاستقرار في البلاد وألامن الوطني والتضامن المجتمعي بين جميع الدنماركيين والاثنيات القومية والعرقية المتنوعة في المجتمع الدنماركي، ويكافح ويقوض مشاريع التمييز و مختلف مظاهر الكراهية والعنصرية، ويبتعد بالبلاد بعيدا جدا عن مخاطر التهديدات الأمنية المحتملة الداخلية والخارجية .
واما بالنسبة إلى المنتقدين والمعارضين لهذا المشروع، فانهم ظلوا يلقون باللوم على السياسات المتأرجحة للحكومة الدنماركية بشأن احترام الحريات، ويقولون انه إذا ما قدر لهذا المشروع الجديد، بأن ينجح ويبصر النور ، فانه سوف يكون بالتاكيد وبالا على القيم الحقوقية المصانة في دستور البلاد، عبر عدة قرون مضت، وحرية التعبير الراسخة في المجتمع، وموت حقيقي و نهائي لحرية التعبير عن الرأي في الدنمارك .
هاني الريس
28 آب/ أغسطس 2023