كان يحلم بوطن حر وشعب سعيد .. أحمد الشملان المناضل الرمز الذي رحل
أصبحنا في البحرين معتادين على سماع أنباء صاعقة ومؤلمة حقا، عن رحيل مناضلين شرفاء قدموا خدمات جليلة للقضية الوطنية والشعب، فلم تمض سوى أيام قليلة على الصاعقة المفجعة التي عصفت بالبحرين، بعد اعدام الشهيدين السعيدين، جعفر سلطان، وصادق ثامر، على أيادي السلطة الغاشمة في السعودية، تحت ذريعة تهديد أمن السعودية والبحرين، حتى استيقضت البلاد عن بكرة أبيها في صباح يوم الجمعة 23 حزيران/ يونيو 2023 على فاجعة رحيل الرمز الوطني الكبير، أحمد الشملان، بعد أن ملا الدنيا بنضالاته الوطنية والقومية العربية والاممية، من أجل ارساء قواعد أنظمة مدنية حديثة تتمتع فيها الشعوب بالحريات الديمقراطية وحقوق الانسان، وبعد كفاح طويل ومضني مع المرض والاوجاع الجسدية والنفسية الشديدة، التي تسبب بها النظام القمعي في البحرين، خلال سجنه وتعذيبه وملاحقته .
ظل، أحمد الشملان، المناضل والمحامي والكاتب والشاعر، نجما ساطعا في سماء النضال الوطني البحريني، منذ مراحل سنوات الصبا والشباب عندما كان طالبا على مقاعد الدراسة الاعدادية ومن بعدها الثانوية والجامعية، وأفنى عمره مدافعا شرسا عن حقوق الضعفاء والفقراء، من دون أي تعب أو كسل، ومن دون أن يهادن النظام السياسي البحريني، الذي أمعن في قمع الناس، وسلب كافة حقوق المواطن البحريني، وعاصر العديد من الاحداث، وشارك في الانتفاضات والاحتجاجات الطلابية والعمالية والشعبية التاريخية، وتعرض للمطاردات والملاحقات، وأودع في غياهب السجن عدة مرات، وكذلك المحاكمات الظالمة والقاسية والنفي القسري .
كان أحمد اشملان، ثائر وطني وعروبي واممي يساري، وقد سخر نفسه ونضاله وقلمه وشعره لخدمة القضية الوطنية وشعب البحرين، وكذلك جميع الشعوب المضطهدة والمسحوقة، وحارب التعصب والغرور والكبرياء والكراهية والطائفية، وصادق أحمد الشملان، جميع الناس على مستوى الوطن، من مختلف الانتماءات والتيارات والمذاهب، ومن دون أن يثير عداوة أحد، وهو استطاع أن يبقى على مسافة واحدة مع الجميع .
كان، أحمد الشملان، يحلم بوطن حر وشعب سعيد في البحرين، وكذلك في جميع أنحاء العالم، يتساوى فيه جميع المواطنين في جميع الحقوق والواجبات الوطنية، ويسعد فيه الجميع بالرفاهية المطلقة، ولكنه للاسف الشديد قد رحل، من دون أن يجد حلمه قد تحقق، إلا انه ظل على يقين بأن الاجيال اللاحقة هي التي سوف تحقق حلم قيام الدولة الديمقراطية المدنية في البحرين .
عرف عن، أحمد الشملان، بالتواضع والاخلاق الحسنة وطيبة القلب والصبر على تحمل المشاق الصعبة، وكرم الضيافة والابتسامة الظاهرة دائما على وجهه، وبقيت أيادي أحمد الشملان، نظيفة ولم تتلون أو تتلوث، كما تلونت وتلوثت أيادي كثيرين ممن باعونا وباعوا المواطنين البحرينيين، أوهام من أنهم كانوا بحق وحقيقة “أبطال ومناضلين” حقيقيين وأشداء، وثبت فيما بعد انهم لايستحقون ثقتنا ولا نضالاتنا معهم، ولا يستحقون أيضا ثقة الشرفاء من الشعب الذين قدموا تضحيات جسام على مدبح الحكم، لانهم من أجل المال والجاه، تنصلوا من كل شيء حتى المبادىء الوطنية والعقائد الحزبية التي تربوا عليها وكانوا يؤمنون بها أشد الايمان، وكان عليهم بعد ذلك أن يشعروا بشيء من الخجل من انفسهم لانهم تلاعبوا بثقتنا وثقة الناس بهم، وارتموا في أواخر سنواتهم وايامهم في أحضان سلطان جائر، كانوا يواجهونه ويحاربونه ويشهرون به على امتداد عقود من الوقت .
ولانه كان مناضلا شرسا وشريفا وصاحب مبدأ وعقيدة ثابتة ثورية وانسانية واخلاقية، بقي أحمد الشملان، بريئا من أفعال وممارسات، كل من خدع الناس، وباع القضية، ونظيفا من أي شائبة أو تهمة سوى قضايا الدفاع عن الحق ضد الباطل، ومحاولات لجام الظالم المستبد .
في رحيله نتذكر كل مواقفه المبدئية والمشرفة الانسانية والاخلاقية والنضالية، وحزن الجميع على فقدانه، وحزن على واقع مرير وباهت كثر فيه الخانعين والمنافقين والمساومين واللاهثين وراء المصالح الشخصية، وندر فيه المناضلين الحقيقيين الصادقين والاوفياء والشجعان .
رحم الله، أحمد الشملان، وغفر له وأسكن روحه الطاهرة فسيح جناته مع الخالدين والابرار وانا لله وانا اليه راجعون .
هاني الريس
24 يونيو 2023