” تيفولي” مدينة السياحة الترفيهية الدنماركية الساحرة تحتفل بعيد ميلادها ال 180 عاما هذا الصيف
“وجهة سياحية ملهمة تستحق السفر”
في 28 آذار/ مارس 2023 أستضافت حدائق ” تيفولي ” التي تعتبر إحدى المدن السياحية الأوسع والأشهر في اسكندنافيا واوروبا، مؤتمرا صحفيا “سنويا” قبل إفتتاح موسمها الصيفي 441 لهذا العام في 31 آذار/ مارس 2023 لمناسبة الاحتفال بمرور 180 عام على تأسيسها، والتي ظلت عبر عقود تمثل إحدى المعالم السياحية التاريخية في الدنمارك .
ركز المؤتمر الصحفي، التي افتتحته مديرة حدائق “تيفولي” سوزان مورش كوخ، بكلمة ترحيبية بجميع الحضور، على جوانب تاريخية عريقة وناصعة من حياة هذه المدينة الترفيهية الملهمة، والتي ظلت تسهر على راحة السائحين من مواطني الدنمارك، واوروبا وجميع أنحاء العالم، على امتداد 180 عاما من الوقت، وتقدم لهم كل جديد واضافي من تجارب كلاسيكية ترفيهية رائعة ومبهجة للنفس. واستعراضت خلاله كافة جوانب النجاحات الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية، التي أنجزتها هذه المدينة عبر تلك العقود، والتوقعات لموسم صيف العام 2023، التي قد تستطيع وضع الدنمارك و “تيفولي” على الخريطة الدولية كوجهة تستحق السفر من أجلها، وقالت في المؤتمر الصحفي:” لقد حان الوقت للاحتفال بالتنوع، وشعارنا المعروف هو ” التقاء الناس مع بعضهم البعض وتكوين صداقات والتحدث بلغات عديدة”، وكانت تأمل بأن تستمر “تيفولي” في تقديم خدمات رائعة للجميع، وأن تشق طريقها في النجاح المنشود في المجال السياحي الدولي، وتوجهت بدعوة للاباء والاطفال لزيارة المدينة والتمتع بمختلف أنشطتها الترفيهية .
شارك في الحدث الصحفي، فريدريك فيدمان، مدير الثقافة الذي تحدث عن وجود برامج وعروض جديدة تنتظر الموسم السياحي الحالي، والرئيس البستاني، توم كنونسن، والمدير التجاري، نيلز إريك فولمان، والمدير المالي، مارتن باكيجارد، ومدير الدائرة الاعلامية والصحفية، توربن بلانك، وعدد آخر من المستشارين والخبراء في مجال السياحة والترفيه، والاقتصاديين والمستثمرين والتجار وأصحاب الشركات الكبيرة، ورجال الصحافة والاعلام في الدنمارك، وتضمن الحدث جولة استطلاعية شاملة للمدينة الترفيهية، والتعرف على كل ماهو جديد من معالمها ومنشاتها الحديثة، وكانت هناك وجبة غذاء في أفخم مطاعمها الراقية والمشهورة، واستمر التجوال في ربوع المدينة على مدار ساعتين من الوقت .
لمحة تاريخية خاطفة عن حدائق “تيفولي” :
تعتبر حدائق “تيفولي” أقدم مدينة ملاهي في العالم، وواحدة من أهم المعالم السياحية التاريخية القديمة في الدنمارك، والذي يعود تاريخ بنائها إلى ماقبل 175 عاما من الزمن، وتعرف بأنها واحدة من أبرز وأجمل المناطق السياحية في البلاد، وأكثرها روعة وبهاءا.
والمدينة هي عبارة عن متنزه وحديقة ترفيهية مترامية الأطراف، وتجمع بين طراز الماضي السحيق والحاضر، وتقع في قلب العاصمة الدنماركية كوبنهاجن. وقد تم افتتاحها في 15 آب/ أغسطس من العام 1843، وهي تعتبر ثاني أكبر مدينة تسلية موسمية في العالم، بعد “يوروبا بارك”، وأكثر مدن الملاهي زيارة في الدول الاسكندنافية، وخامس متنزه الأكثر زيارة في أوروبا، بعد “ديزني لاند”، و”يوروبارك”، و”الت ديزني ستوديوز”، و”إفتيلينج” ذات الشهرة العالمية. وتستقطب الحدائق ملايين الزوار من داخل وخارج الدنمارك، الذين يقصدونها للتمتع بأجوائها الرومانسية الجميلة، ومناضرها الساحرة التي تخلب الالباب.
وظلت تسهر هذه الحدائق على خدمة زوارها من جميع الجنسيات، وتقدم لهم كل ما يلزمهم من أمور يريدون الاطلاع عليها والاستمتاع بأجوائها ومناظرها الطبيعية المدهشة والمنعشة والخلابة.
مؤسس حدائق “تيفولي” هو، جورج كارستنسن، من (مواليد 1812 – 1857 م) وقد حصل على تعهد مكتوب لفترة خمس سنوات كاملة لتأسيس تلك الحدائق، من قبل الملك، كريستيان الثامن، ملك الدنمارك، الذي قد رفع شعار “عندما يسلي الناس أنفسهم ، لا يفكرون أبدا في السياسة”، وبهذا الشعار استطاع الملك، الذي تعرض نظام حكمة للعديد من الاعتراضات والانتقادات، بسبب كثرة عمليات البطش والاستبداد المطلق، أن يطوع الناس ويبتعد بهم بعيدا عن مناقشة قضايا وهموم السياسة .
ومنح الملك كارستيان الثامن، حوالي 15 فدانًا (61000 متر مربع) من الأنهار الجليدية المحصنة، خارج منطقة “فيستربورت” (البوابة الغربية للعاصمة كوبنهاجن) في مقابل إيجار سنوي تحصل عليه الخزينة الملكية. ولذلك ظلت حدائق “تيفولي” حتى العام 1850، تقع خارج نطاق المدينة التاريخية القديمة.
وفي بداية تشييدها، تضمنت هذه الحدائق، مجموعة متنوعة من عوامل التشويق وجذب الأنظار، وهي عبارة عن مبان مصنوعة على الطراز الشرقي التقليدي الخلاب: “مسرح، وحفلات موسيقية متنوعة، ومطاعم ومقاهي وحانات صغيرة وكبيرة، وحدائق أزهار غنائة ومكتسية بجميع الالوان، وركوب ألعاب التسلية الميكانيكية، مثل الجولات المتعرجة على خطوط السكك الحديدية المغناطيسية السريعة وذات المشاهدة الخلابة، وركوب الخيل، وأبراج حديدية دائرية عملاقة لمعانقة سماء المدينة، وأضاءت المصابيح الملونة الزاهية بجميع الالوان وسط الحدائق والازهار بعد حلول ساعات الظلام والعتمة، ومركبات شراعية صغيرة تجوب بحيرة اصطناعية نموذجية مدهشة، وطواحين مياه، وأنهر صغيرة على شكل أرخبيل صناعي، وقوافل سيارات نوعية تجوب المدينة. ويمكن مشاهدة الألعاب النارية الفريدة من نوعها، والمصممة خصيصا لتلك الحدائق، والتي تظل تطلق إلى عنان السماء يوميا في ساعة منتصف الليل معلنة بنهاية يوم كامل من العمل والزيارات .
وتضم الحدائق عددا كبيرا من المطاعم والمقاهي والاشكاك والحانات والمسارح التي تعزف الموسيقى الوطنية والاجنبية الحانها لاولئك الذين يفضلون الاستمتاع بالموسيقى الصاخبة أو المنخفضة والحياة الرومانسية الجميلة .
الملحن هانز كريستيان لومبي، من (مواليد 1810 – 1874) كان مخرج حدائق تيفولي الموسيقي من العام 1843 إلى 1872. وكان كريستيان لومبي مستوحى كل أفكاره والحانه، من الملحنين الفيينيين، من فيينا مثل عائلة شتراوس (يوهان شتراوس الأول وأبنائه وأحفاده)، وأصبح يعرف باسم “شتراوس أوف الشمال “. العديد من مؤلفاته الابداعية الفنية، مستوحاة من الحدائق بما في ذلك “تحية لأصحاب التذاكر في تيفولي” ، “كرنفال أفراح” و “ليلة احتفالية ساهرة في تيفولي”. ولا تزال أوركسترا حدائق” تيفولي” تنفذ العديد من أعمال هذا الفنان .
وتحتضن زاوية من زوايا المدينة، سفينة القراصنة التاريخية الاثرية القديمة العملاقة، الذي يعود تاريخ بنائها إلى العام 1900م، كما تم استخدام تيفولي في الغالب في فيلم الخيال العلمي الذي عرض في العام 1961
وتظم الحدائق، مسرحا تقليديا على الطراز الصيني المكشوف والذي يستقبل الجمهور في العراء، ويعود تاريخ تاسيس هذا المسرح إلى العام 1874، وشعار”ستارته المخملية”، هو ذيل الطاووس الميكانيكي المتحرك العجيب والمدهش .
قبل ذلك، كان هذا المسرح موقعا لعرض الازياء والفنون الجميلة الإيطالية الراقية والمشهورة، وكانت كل هذه العروض قد مثلت مجالات جذب سياحي عالمي للسواح الاجانب في الدنمارك .
وفي أوال القرن العشرين، استضافت حدائق تيفولي، العديد من المسارح العالمية، ومشاهير الفنانين المبدعين والمطربين والراقصين والراقصات، وقدمت حفلات ساهرة ترفيهية مسلية، وكانت دائما موضع اعجاب المشاهدين والزوار .
في العام 1943، أحرق المتعاطفين مع النازيين الالمان، الذين غزو الدنمارك، وقاموا بتنفيد مجازر وحشية مهولة بحق المواطنين الابرياء خلال الحرب العالمية الثانية، العديد من مباني حدائق تيفولي، بما في ذلك قاعة الحفلات الموسيقية الكبرى، التي تتسع لاكثر من خمسمائة مشاهد .
وبعد اصرار وإرادة وطنية جبارة نحو العمل على ازالة أثار التخريب النازي في هذه المدينة الجميلة، تمت إعادة بناء أجزاء كبيرة من المباني المدمرة وبشكل مؤقت، وعادت الحديقة لمباشرة العمل بعد بضعة أسابيع قليلة من ذلك .
“تيفولي” هذه المدينة الترفيهية الساحرة، بالرغم من كل خطوات التطور التي شهدتها في خلال السنوات الأخيرة، ظلت ترفض التخلي عن سحرها وجمالها وتراثها وتقاليدها التاريخية الأصلية، وقد وصفها بعض المؤرخين بأنها “روضة من رياض الجنة”. إذ قال جورج كارستنسن في عام 1844 ، “لن تنتهي تيفولي أبدًا، وستظل باقية طالما بقي الدهر، إذا جاز التعبير ،” صدى شعور مرهف بعد أكثر من قرن من الزمن، عندما قال، والت ديزني، عن متنزهه المستوحى من حدائق تيفولي ، “ديزني لاند لن تكتمل أبدًا”، ولن تسابق الزمن في النمو بشكل أسرع طالما بقي الخيال العلمي في العالم يحث الخطى، من دون نهاية حتمية تاريخية “.
واما في منظومة الدول الاسكندنافية الاربع، الدانمارك، والسويد، والنرويج، وأيسلندا، فقد أصبحت كلمة “تيفولي” بمثابة كلمة مرادفة لأي متنزه عالمي ترفيهي يخلب الالباب .
هاني الريس
4 نيسان/ أبريل 2023