رسالة من مواطن في المنفي إلى ولي عهد البحرين سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفه.الديمقراطية طريقك لا الطائفية واستبعاد الناس
قبل بضعة أيام، وفي عز فترة الأزمة الصحية، التي عصفت بالبلاد، بسبب فيروس كورونا، وأشعلت لهيب التنافر والتصادم الاجتماعي، الذي ضاعف من حدة الانقسام الطائفي في البحرين، خرج علينا من بين الأطلال، وعلى شاشات التلفزة المحلية، ولي عهد البحرين سلمان بن حمد بن عيس آل خليفه، الذي تصوره البعض في ما مضى من الزمن، بانه قد يكون ” رجل الحكمة والتسامح ” وانه ” فارس المرحلة الجديدة ” الذي يمكن الرهان عليه في مختلف قضايا الاصلاح، وذلك عندما بادر وتبنى مشروع الحوار والمصالحة الوطنية، بعد انفجار الحراك الشعبي العارم، في البحرين، في 14 شباط/ فبراير 2011، ودكت دبابات ومدافع وطائرات وجنود الجيش البحريني، المدعوم، بضباط وجنود القوات المسلحة السعودية والاماراتية، معاقل الثوار، في ميدان اللولؤة، وقتلت وارهبت الناس، خرج علينا اليوم مبشرا المجتمع البحريني، بقرب مرحلة جديدة، تنسي الناس مآسي الفترة الماضية، مرحلة تقدم خلالها الدولة، المزيد من الخدمات، وحماية العوائل البحرينية، والقيم، وتحصين القانون والنظام، وتكريس وتعزيز الوحدة الوطنية الشاملة، وطالب من خلال التصريحات المتلفزة، جميع افراد المجتمع البحريني، برصد الصفوف، والعمل على تعزيز دعائم الوحدة الوطنية لمواجهة كافة التحديات، التي تسببت بها كارثة كورونا في البحرين وحول العالم، ولكنه في نفس الوقت، وللاسف الشديد، قد نسى أو تناسى، بأن من كرس السياسات المرتكزة، على التفرقة الطائفية والمذهبية، و مختلف صنوف القسوة والقمع وخرق الحريات، وخنق الإقتصاد وتجويع الناس، وحصار المناطق الآمنة، واغراق السجون بالمعتقلين السياسيين والنشطاء الحقوقيين، وجلب المواطنين الأجانب إلى البحرين، ومنحهم الإقامة الدائمة والجنسية الوطنية، وتفضيلهم بشكل اكبر على المواطنين الاصليين، وتقديم طلبات الحماية الامنية الوطنية، من جيوش القوى الاجنبية، هو نفسه النظام السياسي الدكتاتوري، الذي أسس كل مرتكزاته ودعائمه، وقوانينه واجراءاته وانظمته، الأجداد الأوائل، ومن بعدهم الآباء والأبناء، الذين توارثوا حكم البلاد والعباد طبقة بعد طبقة، وهو بالتاكيد احدهم، ومارسوا البطش والترهيب والتهجير والسطوة على ثروات البلاد ومواردها، واستدعوا قوات الحماية الأجنبية لقمع ثورات التحرر الوطني المطلبية، فهذه السياسات البشعة، التي مورست منذ ذلك الوقت ولاتزال، هي نفسها، التي أوصلت البلاد، إلى ماهي عليه في الوقت الراهن، من مآسي خطيرة، وصراعات محتدمة بين الطوائف، وهي نفسها التي مزقت أواصر الوحدة الوطنية، واضعفت تلاحم الجبهة الداخلية، وافقرت الناس، وحطمت كل امالهم واحلامهم وتطلعاتهم لمستقبل متطور ومتمدن ومزدهر للبلاد، وذلك على عكس جيران البحرين الآخرين، والبلدان الأخرى، التي استطاعت أن تتغلب على العديد من العقد والمشاكل الداخلية، التي كانت تواجه مجتمعاتها، واستطاعت، أن توفر لقمة العيش لشعوبها بشتى الطرق، ووفرت لكل مواطن فرصة العمل والنجاح، كما وفرت له فرص المشاركة في المشورة والرأي وصنع قرارات الدولة والمجتمع، والنهوض بجميع مستويات النمو والإقتصاد.
ولكن لكي يبلغ ولي عهد البحرين سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفه، محطة أهدافه وتطلعاته الحالمة بعصر جديد ودولة عصرية، عليه أولا أن ينجح في معركته لإقناع الناس، بصدقية اقواله وافعاله وعمله، وعليه أن يستمع إلى النصائح الواقعية والمخلصة والصادقة، التي تقود إلى التغيير الحقيقي والواقعي، وخدمة أهداف الدولة والمجتمع، من أجل تطورها وتقدمها ورقيها وازدهارها، وحماية تراثها وقيمها، وتحصين قوانينها وانظمتها، وإذا ما كان ولي العهد، جادا ومخلصا بالفعل في ما يقول ويطمح، فإن عليه أن يتدخل بالفعل والعمل واليقين، لانقاد البلاد والمجتمع، من هول المأزق الخطير، والنفق المظلم، التي تواجهه، وهو من خلال موقعه الرسمي الرفيع في السلطة والحكم، قد يستطيع فعل شيء على الأقل لمنع هذا الانهيار الخطير، فليس صحيحا أن تبقى البلاد، ويبقى العباد، رهن الأسر في ايادي المتلاعبين بمصير الامة، والمتحكمين بصنع القرار، والمبذرين لأموال الشعب، وأنا سأكون على يقين، بأنه إذا ما استطاع أن يفعل كل ما يمكن أن يخدم الدولة والمجتمع، وعن طريق حسن النية، فإن شعب البحرين بجميع فئاته وتياراته وطوائفه سيقفون معه، وإذا لم يفعل هذا، وفي هذا الوقت الصعب والخطير للغاية، فإنه سيغامر باكثر من انهيار شعبيته وجلال هيبته، وجديته ومصداقيته، نحو نهج التغيير، وسيبقى مصير الوحدة الوطنية الكبرى، الذي يدافع عنه، مهددا بصورة قد تكون أكبر بكثير من الماضي السابق، الذي عهده، وهذا الأمر سوف يتحمل مسؤوليتة هو وحده فقط، لأنه هو الذي ظل يحمل على عاتقه دعوات الإصلاح والحوار والمصالحة الوطنية، وتكريس وتعزيز مرتكزات الوحدة الوطنية، وتماسك عرى الجبهة الداخلية.