صرخة دنماركية مدوية .. حول قمع الحريات في ايران
شارك عدد من السياسيين الدنماركيين، من بينهم رئيس الوزراء الدنماركي السابق ومؤسس حزب المعتدلين، لارس لوك راسموسن، وسوزان سوندير غارد، ولارس اصلان راسموسن، والنائب البرلماني الدنماركي من أصل عربي ناصر خضر، وعدد آخر من النشطاء الحقوقيين الايرانيين والاكراد، وجاء في مقدمتهم الناشطة فيروزة بازرمكان، وفرشاد خلعي، ووسام جلاعي، في مؤتمر دعت إليه جمعيات نسائية ايرانية ودنماركية، وأحزاب يسارية ومنظمات حقوقية، ناقش خلاله المشاركون آخر المستجدات السياسية والاجتماعية والأمنية، التي تشهدها الساحة الايرانية، في ظل الحراك الشعبي الموسع الذي تصاعدت وتيرته بشكل خطير بعد وفاة الشابة الكردية ـ الايرانية، مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، في سجن شرطة الآداب في العاصمة الايرانية طهران، والتي لعبت فيها الحركة النسائية الايرانية الدور الأبرز في المواجهة الاحتجاجية مع قوات الأمن وعناصر مكافحة الشغب. وافتتح المؤتمر الذي عقد عند الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الاثنين 17 تشرين الاول/ اكتوبر 2022 في القاعة المشتركة في البرلمان الدنماركي، بكلمة للنائب ناصرخضر، تحدث خلالها عن الدور الطليعي والشجاع للمرأة الايرانية في مواجهة القوانين المعقدة المقيدة للحريات والعنف والاضطهاد ضد النساء في ايران، وقال ان هناك قرابة 159 عاصمة عالمية شاركت في الاحتجاجات المطلبية تضامنا مع المرأة الايرانية المطالبة بالحريات الديمقراطية وحقوق الانسان، ويجب أن يكون هناك أيضا تضامن واسع النطاق من قبل الشعب الدنماركي للدفاع عن حقوق المرأة الايرانية، ومن بعده تحدث رئيس الوزراء الدنماركي السابق، لارس لوك راسموسن، في كلمة مطولة أشار خلالها إلى ضرورة وقوف الدنمارك إلى جانب نضالات المرأة الايرانية ودعم تحركاتها المطلبية من أجل نيل كافة حقوقها المشروعة في الحياة العامة، وأضاف ” اننا نشاهد اليوم الالاف من المتظاهرين في ايران يقاتلون من أجل حريتهم، ونحن الآن نشعر بالامل لرؤية شجاعة المرأة الايرانية والكردية في القتال من أجل حرياتهم، والأمل هو أن نرى الدعم المتزايد للنساء في جميع أنحاء العالم بأن يقصن حصة من شعورهن لاظهار الدعم للحركة الاحتجاجية في ايران ” ويتابع ” النضال الايراني هو تذكير بأن الديمقراطية والحرية ليسا قانون الطبيعة، ففي الدنمارك لدينا حملة انتخابية تقام بحرية مطلقة وفي أجواء ديمقراطية واقعية، وفي ايران يقاتلون من أجل الديمقراطية والحرية، وفي هذا المجال دعا الحكومة الدنماركية لرفض ممارسات الاشخاص المنتسبين إلى (جهاز الشرطة الأخلاقية) في ايران ومنع دخولهم الدنمارك وتجميد قيمهم في نطاق الاتحاد الاوروبي، ثم توالت بعد ذلك كلمات المشاركين الرئيسيين في المؤتمر، والتي حملت في طياتها قضايا عديدة تتعلق بعمليات إضطهاد النساء الايرانيات من مختلف القوميات والاثنيات في البلاد، وفرض الاجراءات التعسفية عليها من خلال إجبارها على الالتزام بقواعد الاصول الدينية الاسلامية، خلافا لما هو متعارف عليه دوليا من احترام قيم وأعراف ومبادىء الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان .
وأشار جميع المشاركون في المؤتمر، الذي حضره أكثر من 180 شخصا من النشطاء السياسيين والحقوقيين والمثقفين ورجال الصحافة والاعلام وطلاب وطالبات المدارس والمعاهد والجامعات الدنماركية، إلى أن فرض القواعد المعادية للمرأة الايرانية، ومواجهة الاحتجاجات السلمية المطالبة بالحقوق العامة والمساواة في المجتمع باستخدام القوة المفرطة، قد ساعد على توسع نطاق التظاهرات في عموم البلاد، وأربك وضع وضع الشارع الايراني ودفع بآلاف المواطنين للمشاركة في المقاومة الشعبية التي حدثت بشكل هائل في مختلف المدن والمناطق الايرانية، واستمرت على مدى الاشهر الستتة الماضية تحصد الكثير من أرواح الناس وتعرض الالاف من المعتقلين للتعذيب المبرح في مختلف المعتقلات والسجون الايرانية .
وقدم المشاركون في المؤتمر أمثلة وبراهين عديدة حول سوء المعاملة في السجون ومراكز التحقيق، واضطهاد النساء في ايران، وقمع الحركة الاحتجاجية المطلبية السلمية باستخدام وسائل القوة والعنف، وتوسيع نطاق أساليب القهر والتعذيب والاعدام والفقر والتمييز والفصل بين الجنسين والحجاب الاجباري والزواج القسري والاصولية الدينية تحت حكم رجال الدين الايرانيين، على الرغم من عدم طرح الحركة الاحتجاجية المطلبية أية شعارات مسيئة لرموز البلاد وتطالب باسقاط النظام السياسي الايراني، غير ذلك الشعار الذي رفع في جميع التظاهرات ” المرأة، الحياة ، والحرية ” .
وعلى مدى قرابة ساعتين من زمن المؤتمر، دارت هناك رحى مناقشات ساخنة بين المشاركين والحضور تركزت جميعها حول ديناميكية المقاومة الشعبية والنموذج الحضاري السلمي الذي برز في جميع هذه الاحتجاجات، في مقابل أساليب القمع التي مورست من جانب قوات الامن الايرانية المدججة بالغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه الساخنة والسلاح الخفيف، وبخاصة ضد النساء الايرانيات الذين تزعموا ” ثورة مفتوحة ” وصلت إلى درجة الغليان داخل الشارع الايراني .
ويذكر أن وزارة الخارجية الدنماركية قد أصدرت في 17 تشرين الاول/ أكتوبر 2022 بيانا تحذيريا لجميع المواطنين الدنماركيين في ايران من مغبة الاشتراك في أحداث الشغب والتظاهرات في ايران، ودعتهم إلى أخذ الحيطة والحذر في تنقلاتهم في جميع المناطق التي تشهد الاضطرابات .
في مقابل ذلك ظلت تقول القيادة الايرانية، بانها قد وجدت نفسها مجبرة على مواجهة الاحتجاجات والفوضى العارمة، التي خرجت عن السيطرة، بأساليب رادعة لتهدئة الوضع الهائج، وتضييق الخناق على المتمردين على القانون من الانفلات، وأن أعداء الجمهورية الاسلامية في ايران كانوا يحاولون الاستفادة من الاضطرابات لتحقيق أهداف وغايات معروفة وزعزعة والاستقرار في ايران، وأن الحكومة مستعدة للحوار والاستماع إلى الانتقادات والاعتراضات التي وجهت اليها على خلفية وفاة الشابة الكردية الايرانية، مهسا أميني، وانها في نفس الوقت لن تستسلم لأية ضغوط من اولئك الذين يصبون الزيت على النار ويقومون ب “أعمال الشغب ” المحظورة والمقيدة في ايران .
هاني الريس
22 تشرين الاول/ أكتوبر 2022
\