ممارسة الكذب: وزير الداخلية البحريني يقلب الحقائق المكشوفة في “اللقاء المجتمعي” مع أصحاب وممثلي المجالس في البحرين
أصبحنا في البحرين معتادين على سماع تصريحات كبار المسؤولين البحرينيين، حول ” الانجازات الكبيرة والملهمة ” التي تحققت في ظل المشروع الاصلاحي الذي أخرجه حاكم البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، من القمقم في العام 2001 من أجل ما قيل عن حدوث التغيير والتطوير وحماية الأمن والاستقرار ومنح المواطنين الثقة في التمتع بالحياة الحرة والكريمة، ولم يمضي سوى عام واحد على انطلاق خطوات هذا المشروع، حتى أصبح مستقبله المنظور مشكوكا فيه نظرا لان السلطة والحكم قرروا في غياب المشاركة الشعبية ان يلعبوا الدور الرئيسي الاول في رسم جميع خططه وقراراته وتوجهاته وارشاداته، التي سوف تصنع المستقبل ، في حين انه لم يعد يسمع للارادة الشعبية أي صوت مسموع .
ولم يكن مفاجئا، أن يدلي وزير الداخلية البحريني راشد بن عبدالله آل خليفة، بتصريحات فاقعة وفاضحة تدافع بشدة عن ” انجازات المشروع الملكي الاصلاحي ” باعتباره فخرا للامة البحرينية، ومبعث الثقة الوطنية، وذلك خلال اللقاء ” المجتمعي ” الذي عقده في مبنى وزارة الداخلية في يوم الاثنين 28 سبتمبر/ أيلول 2022 مع أصحاب وممثلي المجالس في البحرين وبحضور كبار المسؤولين في وزارة الداخلية ورؤساء تحرير الصحف المحلية وممثلي وسائل الاعلام في البلاد، حيث أكد الوزير في سياق تلك التصريحات، على ان المشروع الملكي الاصلاحي جعل من المواطن البحريني الهدف الاسمى في ممارسة حقوقه السياسية بعدالة ومسؤولية، ووفر له الحياة الكريمة في أجواء من الطمأنينة والسكينة والاحترام، وبأنه أصبح شريك رئيسي في منظومة الطمأنينة والاستقرار، وانه بفضل الانجازات الامنية التي حققتها وزارة الداخلية البحرينية على مدى السنوات الاربع الماضية قد انخفض المعدل العام للجريمة بنسبة 30 في المئة عن السنوات المنصرمة التي سبقتها .
هذه كانت أبرز التصريحات الرئيسة في ” اللقاء المجتمعي ” الفخم الذي اجتاح العقول في مبنى وزارة الداخلية، بين الوزير راشد بن عبدالله آل خليفة، وأصحاب وممثلي المجالس في البحرين، الذي تم اختيارهم ضمن حسابات مبنية على الموالاة وليس على أي شيء آخر، حيث كان هناك غياب لاي ممثل مشكوكا في ولائه للسلطة والحكم، أو يعتقد بانه محسوبا على المعارضة البحرينية.
وكان من الواضح من خلال كل هذه التصريحات، أن وزير الداخلية راشد بن عبدالله أل خليفة، يريد أن يقنع اصحاب وممثلي المجالس ومعهم عامة الناس في البحرين، بانه ليست هناك حاجة للعمل على تحديث قواعد ومؤسسات جديدة غير القواعد والمؤسسات القائمة والمألوفة الآن، لان المشروع الملكي الاصلاحي قد تحققت من خلاله جميع الاهداف والتطلعات والاماني الشعبية، ولذلك ليس بالضرورة بمكان أن تكون هناك أية حاجة ملحة لتغيير أو تجديد ما هو قائم على أرض الواقع، متناسيا ومتنكرا في هذا الشأن لكثرة الانتقادات والاعتراضات وصيحات غضب واستنكار الغالبية الشعبية من جميع السياسات الخاطئة والطائشة والظالمة التي مورست على امتداد أكثر من عقدين من الزمن بحق المواطنين في البحرين وحرمانهم من حرية خياراتهم السياسية والاجتماعية، ومشاركتهم في عمليات صنع القرار في ظل ما سمي بمشروع الاصلاح، ولم يدرك وزير الداخلية البحريني، أن القسوة الضاربة والوحشية والتشدد الصارم التي استخدمته كافة الاجهزة المخابراتية والامنية التابعة لوزارته، قد تسببت في خنق جميع الحريات العامة، وقتل الناس خلال الاحتجاجات المطلبية السلمية وتحت وطاة التعذيب في السجون، وحرمان المواطنين من كامل مكتسبات وحقوق المواطنة المشروعة، ولم يأخد الوزير البحريني على محمل الجد الظروف الصعبة والقاتلة، التي يعيشها افراد طائفة معينة في المجتمع البحريني، حرم عليهم بالمطلق التوظيف في سلك الشرطة والامن وقوات الحرس الوطني والجيش النظامي للدولة، بذريعة أنهم من غير الموالين المخلصين للسلطة والحكم، ويتبعون طائفة معينة تهدد بزعزعة الامن والاستقرار وتتطلع لتقويض سلطات البلاد الرسمية، وتتعامل مع الخارج، وتعمل جاهدة على تغيير نظام الحكم بالقوة، ولم يدرك الوزير البحريني، أيضا بان جميع المؤسسات الرسمية بما فيها المجالس الشورية والبرلمان ومعهم المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان، التي انشئت جميعها بعد اقرار ميثاق العمل الوطني، انها أصبحت صورية وعديمة النفع، ولا تتناسب بشكل أو آخر مع عصر الديمقراطية والتطور وحقوق الانسان، واما بخصوص ما قد صرح به حول انخفاض المعدل العام للجريمة على مدى السنوات الاربع الماضية بنسبة 30 في المئة، وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين في أجواء من الطمأنينة والسكينة والاحترام، فهي تصريحات لم تخرج عن كونها وسيلة من وسائل الدعاية الرسمية المحضة والرخيصة، وكذبة كبرى يريد من خلالها تبييض وجه الصورة السوداء المعتمة لسياسة وزارته الامنية، أمام الرأي العام الدولي وأنظار المجتمع البحريني، حيث ظل يعرف الجميع بأنه على امتداد السنوات الاربع الاخيرة ارتفعت نسبة الجريمة في البحرين الظاهر منها والمستتر بصورة مرعبة وخطيرة، إن في مستوى عمليات القتل أو السرقات في البيوت والمحال التجارية وغيرها، وفي الصناديق الاوتوماتيكية لسحب النقود، أو الاعتداءات الوحشية ضد الاشخاص أو العائلات الآمنة في بيوتها وخاصة من جانب الغرباء من “المواطنين الجدد” المجنسين في البحرين، الذين جلبهم عنوة النظام السياسي وبشكل عشوائي من مختلف بقاع الكرة الارضية، وهذا الامر بحد ذاته يعتبر جريمة لا تغتفر بحق الشعب البحريني الاصيل والمتآخي والمسالم، وانتشرت خلال السنوات الاخيرة وبشكل واسع النطاق وملفت فيديوهات من مواطنين بحرينيين أصيلين حريصين على المصلحة الوطنية وضرورات شيوع الامن والسلم الاهلي والاستقرار تفضح جميع تلك الممارسات السيئة والمنبوذة، وبدلا من أن يكون الامن مستتب في ظل سياسات المشروع الملكي الاصلاحي المزعوم، صارت الجريمة من مألوف المشهد اليومي في عموم المناطق البحرينية، وذلك بسبب ضيق الاحوال المعيشية اليومية، وتزايد نسبة البطالة عن العمل بين المواطنين الاصليين، وبخاصة أصحاب المؤهلات العلمية العليا، والغلاء الفاحش في كل شيء، وذلك يحدث من دون أدنى رقابة حكومية صارمة، أو معالجات صحيحة تكبح جماح هذه الظاهرة المخيفة والمرعبة، وهناك يوجد تمييز ملحوظ في صفوف المواطنين البحرينيين، في مرحلة الانفتاح بين قلة من الاغنياء الذين ظلوا يتميزون بحياة كريمة ومرفهة، وأغلبية فقيرة مسحوقة لا تكاد حتى أن تحصل على كسرة الخبز، وهي استراتيجية مخالفة للحقوق والقيم والمساواة، وهناك مئات الالوف من المواطنين الاصليين الذي ظلوا ينتظرون لسنوات كثيرة فاقت حدود ماهو معقول للحصول على مساكن تقيهم من جحيم الصيف الحار ومن زمهرير الشتاء القارس، ولم يستجاب لهم حتى هذه اللحظة الراهنة، فيما أقلية أجنبية من المجنسين العشوائيين يحصلون وبسرعة فائقة على جميع هذه الامتيازات وبشكل مريح، وفي وضع مأساوي كهذا يحتاج الامر الى رؤية قادرة على منع أسباب الجريمة المنظمة وغير المنظمة في البحرين، وضرورات توفير الفرص الاجتماعية والعمل للمواطنين البحرينيين الاصليين، والتصدي لجميع المشكلات الحقيقية التي يعاني منها المجتمع البحريني برمته من انعدام المساواة وتوفير لقمة العيش، واطلاق جميع الحريات المدنية وحقوق الانسان، وليس الاستخفاف بعقول الناس وتزوير الحقائق الواضحة والمكشوفة في ” اللقاءات المجتمعية ” وعبر الصحف ووسائل الاعلام المحلية والعالمية، وليس بالشرطة وقوات قمع الشعب، والمجالس الصورية، والانتخابات الشكلية والمزورة، وشراء الذمم، والوعود بالامتيازات، ونشر الدعايات الكاذبة والمخالفة للحقائق، تبنى الاوطان وتسود القيم والتقاليد الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الانسان .
هاني الريس
30 أيلول/ سبتمبر 2022