دروس سياسية وإنسانية في الأنظمة الديمقراطية… المنظومة الإسكندنافية نموذجا (2)
يتخذ البرلمان السويدي مئات القرارات التي يتم تقديمها من قبل الحكومة على شكل مقترح حكومي، وكذلك من قبل بعض الأعضاء، وتقوم إحدى اللجان الفرعية في البرلمان بالتعامل معها من خلال دراسة معمقة قبل إقرارها وتنفيذها على الأرض.
وتوجد 15 لجنة فرعية في البرلمان، تتحمل مسئولية مختلف الاختصاصات مثل المسائل البيئية والصحة وقضايا التعليم وسوق العمل، وتعمل كل لجنة فرعية كبرلمان مصغر وتضم 17 عضوا من مختلف الأحزاب، وهناك توجد اقتراحات موازية لمقترحات الحكومة تقدمها في غالبية الأحيان أحزاب المعارضة أو أحد الأعضاء المستقلين في البرلمان، وبعد تسلم اللجنة الفرعية، أي مقترح تقوم اللجنة البرلمانية التشريعية بالتدقيق على كيفية قيام الحكومة باتباع القواعد السارية بالنسبة لعمل الحكومة، وفي حال كانت هناك شكوى ضد أحد وزرائها يتم بث جلسات المحاسبة أمام اللجنة الفرعية البرلمانية التشريعية عبر قنوات التلفزة.
(المؤسسة التنفيذية) الحكومة
الوزارات السويدية هي أقسام عمل يتركز نشاطها في عملية تخطيط دقيقة وواضحة لمختلف أعمال الحكومة المركزية وإعداد قضاياها المتعددة وتقديم مقترحات القوانين وتقوم بتنفيذ القرارات بصورة عملية وتتحمل مسئولية النشاطات الفعلية التي تقوم بها الأدوات الحكومية التي تتصرف حسب الخطوط الرئيسية التي وضعها البرلمان والحكومة معا، حيث يسيطر البرلمان والحكومة العامة التي تحدد فعاليات السلطة الحاكمة أو تتيح لها الفرصة لعمل تشريعاتها الخاصة بها بشأن كيفية تنفيذ القوانين والإجراءات.
وتقوم الحكومة السويدية بتمثيل السويد في مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي، بوصفها إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد، وبناء على ذلك يتم اتخاذ بعض القرارات المتعلقة بالقوانين على صعيد الاتحاد الأوروبي بالتشاور مع البرلمان حول كل السياسات وتستفتي الشعب السويدي في مختلف القضايا الوطنية ذات الحساسية البالغة.
المحافظات والبلديات
تتوزع المحافظات السويدية إلى 24 محافظة و284 بلدية ولكل محافظة ما عدا واحدة فقط، تنظيم نيابي خاص بها، كما أن لكل بلدية مجلس بلدي، ويتحمل التنظيم النيابي للمحافظة المسئوليات التي تعتبر كبيرة بالنسبة لكل بلدية على حدة، ولكن البلديات الكبيرة مثل بوتوبوري ومالمو وجوتلان تستطيع تدبير التنظيم النيابي بنفسها. ومن أهم واجبات التنظيمات النيابية للمحافظات، أمور الرعاية الصحية، ورعاية طب الأسنان، وفي بعض الأحيان أمور النقل العام وبعض مسئوليات التعليم.
وتنظم التنظيمات النيابية للمحافظات، برلمانات المحافظات، وهي عبارة عن مجموعات سياسية منتخبة تقوم باتخاذ القرارات عن طريق تشكيل حكومة تنفيذية ولجان عمل تقوم بدراسة مختلف المسائل العامة. ويوجد في كل مجلس بلدي، برلمان البلدية الذي يقوم بدوره بانتخاب حكومة البلدية، وتتألف لجان البلدية لمختلف الفعاليات الاجتماعية والتعاونية مثل مسئوليات المدارس والبناء وبعض الفعاليات الثقافية وغيرها.
ويعتبر كل شخص يقيم في السويد، عضوا في إحدى البلديات، كما يعتبر المجلس السياسي في البلدية أعلى سلطة منها، ويجب أن يضم المجلس 31 عضوا على الأقل، وهو الذي يتخذ القرارات في أهم الأمور التي تخص البلدية ومن بينها الموازنة والضرائب وتخطيط المدن ورسوم الخدمات البلدية، ويحق لسكان البلدية أن يراقبوا أعمال المجلس البلدي، كما أن أعماله تكون مفتوحة للعموم، ويحق لأي شخص أن يقرأ محضر جلسات المجلس البلدي ليطلع على الأمور التي تمت معالجتها.
اللجان البلدية
تتم إدارة مهام البلدية عن طريق لجان بلدية، ويتوجب على كل بلدية أن تكون لديها بعض اللجان الفرعية لشئون المدارس والأمور الاجتماعية وأمور الرعاية الصحية وحماية البيئة ومن بين لجان البلديات الاختيارية هناك لجنة أوقات الفراغ ولجنة شئون المهاجرين ولجنة الشئون الثقافية والفكرية.
ويتم داخل هذه اللجان عمل تحقيقات بشأن بعض الأمور مثلا إحدى المسائل التي تخص مدرسة معنية أو مسألة ذات طابع اجتماعي.
ويحصل المجلس السياسي للبلدية على مقترحات من اللجان تتضمن توصيات بشأن اتخاذ القرارات في مختلف القضايا العامة.
وغالبا ما يتم حسم المسائل ذات الطابع السياسي المختلف عليها داخل اللجان البلدية وتعادل القوة السياسية للأحزاب داخل اللجان وضع الأحزاب وقوتها في المجلس السياسي للبلدية.
المشاركة الشعبية في صنع قرارات المجتمع
بحكم كون السويد، بلدا ديمقراطيا دستوريا، فإن القرارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تؤثر فيها مصادر كثيرة منها الأحزاب السياسية وجمعيات النفع العام والاتحادات النقابية والمراكز العلمية، وان إحدى هذه الطرق للتأثير في السياسة، تكون عن طريق ممارسة النشاطات داخل الأحزاب وعن طريق يمكن للمواطن مثلا أن يحصل على الثقة لتمثيل الحزب داخل المجلس السياسي للبلدية أو في التنظيم النيابي في المحافظة أو في إحدى اللجان العامة، ويقوم كثير من المواطنين بتخصيص جزء من أوقات فراغهم للعمل لصالح أحد الأحزاب ويكون باستطاعة المرء آنذاك أن يعمل من أجل إحدى المسائل التي يعتبرها مهمة لصالح الوطن.
وعلى من يرغب في الحصول على مساعدة في قضية معينة أن يطلب من أحد الأحزاب، قيام أحد ممثليه بطرح هذا الموضوع وباستطاعة أحد الأعضاء مثلا أن يوصل الموضوع للمعالجة مع المجلس السياسي للبلدية. كما يحق للمواطن السويدي، أن يقوم بنفسه بالكتابة إلى اللجنة التي يعنيها الأمر أو الاتصال بها شخصيا، مثل لجنة المدارس إن كانت القضية تتعلق بالمدرسة أو لجنة الخدمات إن كان الأمر يتعلق بها.
ويستطيع المواطن السويدي أن يقوم بتأسيس تنظيمات وجمعيات ونواد اجتماعية وثقافية ورياضية وعلمية، وغالبا ما يعمل المواطن من أجل خدمة المجتمع، والعمل على تحسين حالة مجموعة معينة مثل الشبيبة والمرأة والأطفال، كما يمكن للمواطن تحفيز الرأي العام لدعم معارضة قضية معينة، ضمن البلدية، وهذه طريقة تستخدم عادة للتأثير على السياسيين والقرارات التي يتخذونها.
الطعن في القرارات
يحق لكل مواطن سويدي، الطعن في أي قرار يتخذ ضده من قبل أية جهة رسمية أو أهلية، وإذا ما شعر هذا المواطن أنه أسيئت معاملته من قبل إحدى السلطات العامة أو أحد موظفيها، فيحق له إبلاغ وكيل الجمهور للشئون القانونية بذلك لمقاضاته قانونيا.
العمل في الاتحادات النقابية
يستطيع المواطن السويدي، التأثير عن طريق العمل في الاتحادات النقابية، وتوجد الاتحادات في معظم مراكز العمل الكبيرة، وتكون هذه الاتحادات متفرعة من تنظيم نقابي عام، ويعتبر أكبر التنظيمات النقابية في السويد، هو الاتحاد العام لنقابات العمال والتنظيم المركزي للموظفين، والتنظيم المركزي للأكاديميين، ولأصحاب العمل يوجد هناك اتحاد عام يمثل مصالحهم، وهذه الاتحادات لها مكانتها في تفعيل سوق العمل، ومشاركتها في مختلف الأمور السياسية المباشرة وفي تحفيز الرأي العام على عمل الإضرابات والتظاهرات الاحتجاجية في المجتمع.
سابقة تاريخية في مسألة المساواة
لأول مرة في تاريخ المرأة السويدية وفي العالم أيضا، انتخب في العام 1994 (141 امرأة في عضوية البرلمان السويدي) الذي يتكون من 349 عضوا، وكلفت 11 وزيرة في الحكومة الاشتراكية التي حكمت البلاد في تلك الفترة والتي كانت تتألف من 22 وزيرا، وان الحكومة السويدية المنتخبة في العام 2003، فإنها كانت تضم نصف حقائبها من النساء وقد تمتعت إحداهن بموقع نائب رئيس الوزراء وأخريان بحقيبتي الخارجية والدفاع، وفي الحكومة الحالية هناك أعداد كبيرة من النساء يتمتعن بمواقع وزارية ومهمات إدارية حساسة في مختلف أجهزة الدولة الرسمية.