الرسوم الدنماركية المسيئة… قصة لا تعرف النهاية
على الرغم من مرور اكثر من أربع سنوات، على أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد (ص) التي نشرتها صحيفة (يولاند بوستن) الدنماركية في أواخر شهر سبتمبر/ أيلول 2005، وأثارت زوبعة سياسية واعلامية على مستوى العالم الاسلامي وأوروبا، يبدو أن المسلمين في كل مكان في العالم، لم ينسوا «الجهاد» الذي يخوضونه منذ ذلك الوقت ضد الصحيفة الدنماركية وصاحب الرسوم الشهيرة، كورت فيستر كورد، الذي نجا منذ ذلك الوقت، في أكثر من محاولة لتصفيته جسديا، بفضل الرقابة المشددة والقصوى التي سخرتها أجهزة الأمن الدنماركية لحمايته.
ومنذ المحاولة الأخيرة، التي جرت في مطلع السنة الجارية، بهدف اختطافه وتصفيته، واتهمت فيها الشرطة الدنماركية ثلاثة شبان عرب يقيمون في البلاد، أصبحت الإجراءات الأمنية أكثر تشددا وصرامة لمواجهة التحركات الرامية لتنفيذ هجمات محتملة من جانب المتشددين الإسلاميين في داخل الدنمارك ومن خارجها، ضد مقار الصحيفة المنتشرة في معظم المدن الدنماركية، وبخاصة تلك التي مازالت تحظى بالرقابة الضعيفة.
ففي مطلع شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ألقت الأجهزة الأمنية الأميركية القبض على شخصين، قيل انهما يقومان بالتخطيط لتنفيذ هجمات «إرهابية» ضد مواقع دنماركية حساسة ومهمة، أبرزها مقر صحيفة «يولاند بوستن» والسعي للقضاء على حياة الرسام كورت فيستر كورد، وزميله محرر الشئون الثقافية في الصحيفة فيلمنك روسة، الذي وصف بأنه الداعم الأساسي، على نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة لنبي الاسلام.
وقالت مصادر وزارة العدل الدنماركية ان المتهم الاول في هذه القضية هو المواطن الأميركي (المسلم) ديفيد كولمان هيدلي (49 عاما) الذي تم اعتقاله من قبل الشرطة الفيدرالية الأميركية في الثالث من شهر أكتوبر/ تشرين أول الماضي، في ولاية شيكاغو، حيث كان يشد الرحال لمغادرتها متوجها إلى باكستان، وهو يواجه اليوم تهمة التخطيط لتنفيذ هجمات «إرهابية» ضد مؤسسات وأشخاص خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية، واما المتهم الثاني فهو تحاور حسين رانا (48 عاما) مواطن كندي، من إصول باكستانية، وهو الآخر لايزال رهن الاعتقال في احدى السجون الأميركية مند شهر اكتوبر المنصرم، ويواجه تهمة تقديم الدعم المعنوي واللوجستي، إلى المتهم الأول بالعمل على شن هجمات «إرهابية» خارج البلاد.
واضافت، أن هيدلي قام بالسفر مرتين إلى الدنمارك خلال العام الجاري زار خلالها مكاتب الصحيفة في كوبنهاجن ومدينة آرهوس، بصفته مندوب دعاية وإعلانات لإحدى الشركات التجارية الكبرى الأميركية المتخصصة في شئون الهجرة، ومن ثم غادر إلى باكستان، حيث التقى هناك قيادي بارز في «حركة الجهاد الإسلامي» ذات الصلة القوية بتنظيم القاعدة، إضافة إلى لقاءات متعددة مع بعض قيادات «جماعة عسكر طيبة» المتشددة والمتورطة في تفجيرات مومباي الشهيرة الدامية، بشأن القيام بـ «أعمال جهادية» ضد الصحيفة الدنماركية وأبرز العاملين فيها بقصد «تأديبهم والقصاص منهم».
وتشعر الحكومة الدنماركية التي تحتضن أكثر من 200 ألف مسلم، والتي ظلت تصر وبقوة على مواقفها الثابتة من حريات التعبير وعدم التدخل في ما تنشره وسائل الإعلام الوطنية ورفض الضغوطات المستمرة من قبل المجموعات الإسلامية لإجبارها على الاعتذار، بالضيق حيال استمرار دعوات «الجهاد» ضد إحدى وسائل الإعلام الحرة في البلاد، وكذلك اشخاص يؤمنون بحريات الرأي، ولهذا السبب رفعت الحكومة من مستويات التأهب الأمني المشددة، التي أعلن عنها مؤخرا رئيس جهاز المخابرات ياكوب شاروف، الذي وصف هذا الوضع بأنه اصبح بمثابة مسلسل طويل يؤرق المجتمع، وعليه فقد تم تعزيز قوات الأمن، وأن دوريات من الشرطة باللباس المدني التي كانت في السابق محدودة للغاية، تتسع في الفترة الأخيرة وتجوب هذه الأيام شوارع العاصمة والمدن الرئيسة تحسبا لأي طارئ، والتي يتوقع لها أن تستمرعلى مدى فترة زمنية طويلة.
وظاهرة الجماعات الإسلامية التي ما برحت تتوعد الحكومة الدنماركية ومختلف وسائل الاعلام، تقلق تصرفاتها، العديد من الأحزاب السياسية الدنماركية وإلى جانبها المنظمات الأهلية والأسلامية، التي تعهدت في المضي قدما للتصدي للافكار المتشددة ومشاريع الارهاب، التي وصفتها في البيان المشترك مع المجلس الإسلامي الصادر مؤخرا، بأنها «تتعارض مع جميع القيم الروحية والدينية والأخلاقية والإنسانية في صلب الإسلام».