الدنمارك تقف إلى جانب فرنسا لمنع النقاب
تقترب الدنمارك من حسم الجدل الذي استغرق عدة شهور في أروقة البرلمان وفي مؤسسات المجتمع المدني، بشأن «النقاب الإسلامي»، الذي ترتديه النساء المسلمات في الدنمارك، وقال رئيس الوزراء الدنماركي لارس لوكي راسموسن للصحافيين إن سياسة الحكومة تجاه النقاب، ستظل متشددة وصارمة، حيث سيطبق قرار منع النساء من ارتداء النقاب في مختلف الأماكن العامة في البلاد، وستتخذ السلطات المختصة الإجراءات القانونية اللازمة لكل من يخالف ذلك.
وأكد لارس لوكي راسموسن، الذي تتراجع شعبيته بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، والذي قاد حزبه بالتعاون مع أحزاب اليمين المتشددة في البلاد، حملة التصدي لما وصفها «بهجمة النقاب»، التي تقترب الآن من نهايتها بسبب اكتمال معظم الشروط، التي قد تؤمن غالبية برلمانية تستطيع أن تتخذ قرار منع النقاب، انه يؤيد كليا أفكار القوى الديمقراطية التي تحترم القوانين ودستور المملكة الدنماركية، وترفض التقاليد الدخيلة على عادات وقيم وثقافة المجتمع.
وأضاف: «الدنمارك هي دولة برلمانية دستورية عريقة، وتنص قوانينها على احترام كافة الثقافات والحريات، ولكن رغبة البعض في ارتداء غطاء يمنع رؤية الوجه برمته، يعيق التعامل الجاد مع الآخر، ويثير قلق المجتمع، لأنه لابد لك من أن ترى وجه الشخص الذي تتبادل معه الحديث المباشر، لكي تتمكن من معرفته جيدا سواء في مواقع العمل أو الدراسة أو مختلف مؤسسات ودوائر الدولة الرسمية.
ويوجد في الدنمارك ما بين 100 و200 امرأة ترتدين الحجاب الذي يغطي كامل الوجه، من بين قرابة 100 ألف امرأة مسلمة، 0.15 في المئة فقط يرتدين النقاب، وتمثلن حوالي 1.9 في المئة من سكان الدنمارك البالغ عددهم 5.6 مليون نسمة.
وقد أثارت تصريحات لارس لوكي راسموسن، بهذا الخصوص ردود فعل متباينة في المجتمع الدنماركي، أدت الى حدوث شرخ في صفوف الائتلاف الليبرالي الحاكم المتحالف بدوره مع حزب الشعب الدنماركي اليميني والأكثر تشددا تجاه الأجانب وبخاصة المسلمين، وأعلنت جمعيات حقوق الإنسان وحماية المرأة اعتراضها على انتهاك الحرية الفردية الخاصة، وأكد الجميع على أن مثل هذه الإجراءات التعسفية، قد تفتح قضية خطيرة تصور المجتمع الدنماركي بأنه يناهض الثقافات الأخرى ويتجاوز نصوص الدستور المكرسة لحماية الحقوق المدنية والحرية الفردية في المجتمع.
وسبقت فرنسا، الدنمارك في معارضتها ارتداء النساء المسلمات للحجاب ومن بعده النقاب في الأماكن العامة في البلاد، وقال اندريه جيرين النائب في الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) ورئيس اللجنة البرلمانية المكلفة بإعداد التقرير حول حظر النقاب في فرنسا في تصريح لصحيفة «فيغارو» الفرنسية: انه يؤيد إصدار قانون عام في البلاد يمنع ارتداء النقاب في الأماكن العامة المفتوحة، ويدعو لمحاربة ما وصفه «بالجزء المشاهد من جبل الجليد»، الذي يتوجب إزالته من بقع التطرف القاتمة في المجتمع.
وأضاف جيرين: «إن الكشف عن الوجه في الأماكن العامة يعتبر واحدا من العناصر الأساسية للمحافظة على النظام»، وإن فرنسا التي تحترم قيم المجتمع والثوابت الوطنية والدستورية، مصممة على منع النقاب الذي بدأ يقلق العديد من الأوساط السياسية من احتمالات ذوبان الهوية الوطنية.
وبحسب المصادر الفرنسية الرسمية، فان هناك قرابة ألفي امرأة في فرنسا يرتدين النقاب.
وفي سياق متصل، ذكرت بعض وسائل الإعلام الفرنسية، أن خطيب ضاحية درانس التي تقطنها جالية مسلمة، الشيخ حسن شلغومي (من أصول تونسية) والتي تصفه بعض الفئات الإسلامية في فرنسا بـ «إمام اليهود»، لأنه قد دعا في أكثر من مناسبة ضمن خطب الجمعة، لإجراء مصالحة بين الإسلام واليهودية، قد طرد من صلاة الجمعة في احد مساجد باريس، بعد أن هدده متعصبون مسلمون بالقتل بسبب تأييده حظر النقاب في فرنسا.
ولكن منظمات حقوقية فرنسية لم تقتنع بمبررات اللجنة البرلمانية التي تدرس قرار منع النقاب، وأعلنت عزمها على التصدي له، لأنه بحسب اعتراضاتها، قد يلحق ضررا كبيرا بمصداقية الحكومة الفرنسية تجاه التعايش السلمي المجتمعي واحترام الحقوق الأساسية للأقليات المغتربة في البلاد، التي ظلت تشعر دائما بأن الجمهورية الفرنسية التي احتضنتهم لأسباب سياسية أو اقتصادية خطيرة ستضمن لهم نهاية سعيدة في بلد الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان.