تمكين المرأة في المجتمع… فنلندا مثالا (2)
خطوات التجديد وتعميق المساواة بين الجنسين:
تتباهى المرأة الفنلندية بأنها حطمت قيود الأنظمة والقوانين المجحفة بحقوقها في شتى مجالات الحياة العامة في الدولة والمجتمع.
فبعد أن منحت فنلندا النساء حق التصويت والترشح في الانتخابات العامة في العام 1907، تسارعت حمى القوانين والتشريعات التي توسعت في منح المرأة حقوقها بصورة متساوية مع الرجل في جميع مجالات الحياة العامة، ففي العام 1930 أصدر البرلمان الفنلندي قانون الزواج الذي ساوى بين الزوجين في جميع الحقوق والواجبات الزوجية.
وفي العام 1995، صدرت قوانين تسمح للمرأة بالخدمة الطوعية في قوات الجيش، والانضمام إلى الكنيسة الانجليكانية اللوثرية التي كانت فيما سبق مقتصرة فقط على الرجال، بوصفهن «سيدات دين» مثلهن مثل رجال الدين.
وعلى الرغم من تراجع نسبة النساء في البرلمان الفنلندي من «77 عضوة في العام 1991»، إلى «67 في العام 1995»، إلا أن حصتهن في الحكومة الفنلندية المؤلفة من 11 حقيبة وزارية كانت 7 حقائب بعضها سيادية مؤثرة في عمليات صنع القرار، كما أن هناك أيضا أعدادا كبيرة من قيادات الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنفع العام تخضع لسيطرة العنصر النسائي، إذ يمسك أكثر من 50 في المئة من النساء بدفة الأمور في الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة والشركات التجارية والسياحة والفندقة وميادين التربية والتعليم والصحة العامة.
وفي الوقت الذي تبتعد فيه أعداد هائلة من النساء حول العالم وخاصة في البلدان النامية، عن المشاركة والمساهمة العملية في المجتمع نتيجة العادات والتقاليد والتعسف العام، تتجه شرائح كبيرة من النساء الفنلنديات، نحو التعليم واكتساب المعرفة، قبل التفكير بالزواج وتكوين الأسرة.
وتساعد القوانين والتشريعات التي تحاول تنظيم إيقاعات المساواة وحركة المجتمع في فنلندا، النساء الفنلنديات، الحق في الحصول على إجازة طويلة قبل موعد الولادة تمتد لعدة شهور، ومنح إجازة أمومة أو أبوة أو الاثنين معا لأكثر من 260 يوم عمل بعد ولادة الطفل ويمكن للأبوين تقسيم هذه الإجازة مع الحصول على مساعدة مالية لهما من صناديق الضمان الاجتماعي (متوسط عمر المرأة الفنلندية 80 عاما)، وتمنع القوانين الفنلندية استغلال المرأة في مجال العمل أو مزاولتها أية أعمال في ساعات متأخرة من الليل.
وعلى الرغم من أن المرأة الفنلندية في الحياة العملية تشغل اليوم أكثر من نصف مواقع العمل مع الرجل، إلا أن بعض التعديلات الجديدة التي طرأت على قوانين المساواة بين الجنسين، حرمتها من امتيازات مهنية ومالية، إذ انخفضت في الآونة الأخيرة نسبة النساء العاملات في المؤسسات الحكومية الرسمية والمجالس البلدية إلى حوالي 40 في المئة، وتقلصت نسبة الرواتب التي تصل الآن إلى نحو 79 في المئة تقريبا عن رواتب الرجال في نفس مواقع العمل، وهو الأمر الذي يقلق المرأة الفنلندية، وتناضل المنظمات الحقوقية الوطنية من أجل تغيير هذا الواقع لكي ينسجم تماما مع كافة قوانين المساواة الاجتماعية والاقتصادية المعمول بها في البلاد.