صدمة الأقليات الإثنية والدينية في الغرب
يحمل تقرير وكالة الحقوق الأساسية في الاتحاد الأوروبي، عن الأقليات العرقية والدينية في دول الاتحاد، رسالة مفادها: «إن الحقوق الأساسية لجميع العرقيات التي تخالط المجتمعات الأوروبية الأصلية في حياتها اليومية العادية وتشاركها همومها، بدأت تتراجع في ظل تصاعد العنصرية والنازية الجديدة»، وعدم اهتمام غالبية الحكومات الأوروبية بالأمور الأساسية الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية المتعلقة بحياة الأقليات وهمومهم.
فقد كشفت استطلاعات الرأي التي أجرتها الوكالة في عدة دول أوروبية، أن هناك أكثر من 23 ألف إنسان يقيمون في بلدان الاتحاد الأوروبي وجميعهم من أقليات إثنية ودينية، يقولون إنهم يتعرضون باستمرار إلى الاضطهاد والتمييز العرقي والثقافي والديني في حياتهم اليومية ومواقع العمل ومقاعد الدراسة والمستشفيات وقاعات الانتظار، غير إنهم عاجزون عن الإفصاح عن معاناتهم أو حتى السعي لتقديم الشكاوى للجهات المعنية بحقوق الإنسان والمحاكم الوطنية، وإن أكثر من نصف هذا العدد لا يعرفون أن هنالك قوانين اجتماعية وتشريعات وطنية ودولية تحميهم من مخاطر التمييز والعسف العام .
ووصف التقرير الذي أشرفت على إعداده مجموعة باحثين ونشطاء في مجالات حقوق الإنسان في الوكالة، أن النتائج أظهرت «صدمة عميقة» في غالبية بلدان الاتحاد الأوروبي، بسبب ما تعانيه الأقليات الإثنية والدينية من صنوف التمييز والتهميش الاجتماعي الذي بدأ يفعل فعله في الحياة الاجتماعية العامة للأقليات خاصة بعد تطورات الأزمة المالية في أوروبا .
ويبدو أن أكثر الأقليات الإثنية والدينية، التي يعاني أفرادها من التمييز والتهميش الاجتماعي في أوروبا بسبب الخلفيات التاريخية والسياسية والثقافية، هم الغجر والأفارقة والمسلمون عموما، حيث إن التجانس يبقى مفقودا بين تلك الأقليات والمجتمعات الأوروبية الأصلية، في ظل القناعات الوطنية والقومية الراسخة لدى فئات وشرائح اجتماعية واسعة في أوروبا ضد التواجد الأجنبي، برغم التحولات والتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي قربت جسور الاتصال بين العالم، ومدى الاعتراف الدولي بشرعية الحقوق القومية والإثنية والدينية وسائر الحقوق المستلهمة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
وأظهر تقرير أعدته المفوضية الأوروبية مؤخرا حول التمييز أن الأزمة المالية زادت من هذه المشكلة، حيث إن قرابة 16 في المئة من مواطني الاتحاد الأوروبي يشكون من التمييز ضدهم على أساس العرق واللون والإعاقة الجسدية والدين، وبلغت النسبة عند الأقليات العرقية نحو 25 في المئة، وبزيادة قدرها 23 في المئة عن العام 2008.
والحق إن الأنظمة السياسية التي تمارس قمع الحقوق الطبيعية للأقليات المتعددة التي تتشارك معها في كل مناحي الحياة العامة وتصادر بقوة القهر حرياتها الاجتماعية والثقافية والدينية، لا يحق لها القول بممارسة الديمقراطية والحريات، ما لم تلتزم بتحقيق العدالة الاجتماعية وحق الاختيار والانتماء القومي والعقائدي ونبذ التمييز.