«تضحية» في خدمة الوطن

أعلن رئيس الوزراء اليوناني باباندريو، في إحدى الجلسات الاستثنائية لمجلس الوزراء، أن الأزمة المالية التي شهدتها اليونان مؤخرا وهي الأخطر في تاريخها الحديث، تستدعي تدابير تقشف إضافية تشمل اقتطاعات في رواتب الموظفين وتجميد المعاشات التقاعدية وزيادة الضرائب من أجل إنقاد الوضع الاقتصادي المنهار في البلاد، وأن الشعب اليوناني الذي أرهقته الأزمة ومضاعفاتها «ينتظر من أوروبا التضامن معه».

وكان من الطبيعي في مواجهة الأزمة المالية الخطيرة التي كادت أن تطيح بالحكومة الاشتراكية بعد التظاهرات العمالية والطلابية الواسعة النطاق المطالبة بمعالجة أسباب الأزمة المالية ووضع الحلول الكفيلة بمنع حدوث الأسوأ، وبعد مطالبة الاتحاد الأوروبي الحكومة اليونانية باتخاذ إجراءات تقشفية صارمة وتوفير 5 مليارات يورو على الأقل لسداد عجز الخزينة الخاوية، وفي مقابل ذلك اعتذاره عن تقديم مساعدة مالية سخية لليونان، أن يوجد هناك من المواطنين الأوفياء الشجعان من يضحي بأمواله وحتى روحه في سبيل انقاذ الوطن من مختلف الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يتخبط فيها.

ففي محاولة من هذا النوع من التضحية، أعلنت المطربة اليونانية الشهيرة نانا موسكوري، التي سجلت أكثر من 1500 أغنية في مشوارها الغنائي، وكانت نائبة في البرلمان الأوروبي ما بين العام 1994 و1999، عن حزب الديمقراطية الجديدة (المحافظ)، أنها تتضامن بقوة مع حكومة بلادها التي تواجه اليوم أزمة اقتصادية خطيرة لا مثيل لها في تاريخ اليونان الحديث والمعاصر، وأنها في كامل الاستعداد للتنازل عن راتبها التقاعدي من البرلمان الأوروبي (25 ألف يورو سنويا) من أجل خدمة بلادها المثقلة بالديون وتخفيف الضغط على الخزينة الوطنية، في خطوة وصفت بأنها «تضحية شجاعة» في خدمة الوطن.

وبهذه الصفة ذات المغزى الوطني الكبير الذي لم يقدم عليه سوى المخلصين للشعوب والأوطان، أصبحت نانا موسكوري بمثابة «نموذج» وطني يقتدى به في اليونان، فهل نجد في بلادنا التي تغرق اليوم في فوضى الاقتصاد وفضائح الفساد وشراء الذمم من يسلك نفس هذا الطريق؟

Loading