المنظمات الدولية… والحملة من أجل مكافحة الجوع
تعاني منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في الفترة الراهنة من حالة قلق تعتريها بسبب الارتفاع الهائل في مستويات الجوع حول العالم، وخاصة في الدول النامية والفقيرة، حيث أشار تقرير المنظمة إلى وجود قرابة 925 مليون إنسان يعانون من سوء التغذية بسبب الفقر وانتشار البطالة، رغم الخطوات السريعة التي اتخذتها الدول الغنية الكبرى بشأن التقليل من مستويات الجوع وخفض أسعار المواد الغذائية والأنظمة الصحية بحلول العام 2015.
واعترفت المنظمة الدولية بصعوبة الأوضاع المعيشية اليومية للفقراء والمعوزين في مناطق كثيرة من إفريقيا وشرق آسيا وشرق أوروبا، قائلة ان هناك ملايين الأشخاص وبخاصة الأطفال يعانون من الفقر المدقع ومن نقص الأدوية والإعاقة الجسدية والفكرية وتدني مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والسكن والترفيه، بسبب الإهمال والمنازعات وفساد الحكومات.
وأكدت ان جهودها من أجل خفض مستويات الجوع في البلدان النامية والفقيرة، تتعرض في هذا الوقت بالذات، إلى المزيد من العقبات والعراقيل بسبب السباق المحموم على تنمية التجارة الحرة والاقتصاد البيني والإعمار وتشييد ترسانات الأسلحة على حساب تطوير التجارة والزراعة والثروة الحيوانية.
وقد أعرب العديد من الاقتصاديين البارزين، والمنظمات الاجتماعية الخيرية الدولية، ومنها منظمة «أكشن ان» عن قلقهم ازاء استمرار موجات الجوع وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية اليومية بأرقام تفوق عشرات المرات حجم التمويل الذي تقدمه الدول المانحة للشعوب الفقيرة، حيث لاتزال بعض البلدان تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة للغاية، رغم حشد الموارد الاقتصادية وزيادة الانتاج وخلق فرص جديدة للعمل الذي خلقه تطوير اقتصاديات السوق، فان عدد الفقراء الذين لا مأوى لهم ولا يحصلون بالكاد على الغذاء الكافي والدواء والمسكن في تزايد مستمر، وتفيد تقارير وكالة الإغاثة الدولية أن قرابة 20 طفلاً يلقون حتفهم كل دقيقة في البلدان الفقيرة بسبب سوء الرعاية الصحية ونقص الدواء، ويموت في إفريقيا وحدها أكثر من 125 طفلاً من بين 1000 طفل في الأشهر الأولى من الولادة، وطالبت بدور دولي مهمته حشد الدعم لتنمية المناطق الفقيرة حول العالم، وخصوصا تلك المعنية بالأحوال المعيشية الأساسية اليومية، تقوده الدول الغنية الكبرى، لكن من دون فرض شروطها ودورها المهيمن، الذي يترجم دائما بعقد معاهدات تاريخية مع الدول النامية والفقيرة حول الاستثمارات المباشرة الخاضعة للسيطرة الأجنبية.
ويتفق الاقتصاديون والمنظمات الاجتماعية الخيرية، على أن الجهود الدولية المبذولة تجاه القدرة على تحقيق الأهداف والتطلعات في مجالات مكافحة الجوع وغلاء الأسعار، تبقى ضئيلة ومقلقة في ضوء الأوضاع الراهنة التي تعيشها الدول الغنية المانحة التي لاتزال مخلصة إلى معالجة أزمات الجوع بالوسائل التي تخدم فقط مصالحها ومصالح شركاتها التجارية العملاقة وحماية شعوبها من براثن كل هذه الأزمات، على حساب الشعوب الفقيرة وتطوير نظم مؤسساتها الاقتصادية الضعيفة.
وتشير معظم التوقعات إلى أن الزيادة الهائلة في عدد سكان العالم التي ستصل إلى أكثر من ملياري نسمة خلال الثلاثين سنة القادمة، سيضاعف من حجم هذه المعاناة، وسيجعل العالم عرضة إلى حروب طاحنة من أجل الغذاء والدواء والمسكن، وهو ما يتطلب العمل بجدية فائقة على مستوى الإصلاحات الاقتصادية والمساواة الاجتماعية وبناء الأسواق المفتوحة للتبادل التجاري الحر، ورفع الحواجز في طريق الاستثمار وتعزيز التمويل الدولي، للتقليل من انتشار الجوع والفقر المدقع على مستوى العالم برمته.