اليمين المتطرف… وصراع التعايش في أوروبا

في خطوة لم تحظ برضا اليمين ولا اليسار السويدي وكذلك الاتحاد الأوروبي، حصل حزب ديمقراطيي السويد اليميني المتطرف، على نسبة 5.7 في المئة من أصوات المقترعين في الانتخابات التشريعية السويدية التي جرت مؤخراً، وضمنت مشاركته في البرلمان بـ (20 مقعداً من أصل 349 كانت تحتلها منذ عدة عقود أحزاب اليسار السويدي) وذلك لأول مرة في تاريخ الأحزاب والحركات اليمينية المتطرفة في البلاد.

وجاء هذا الفوز غير المتوقع وغير المرغوب للحزب العنصري الذي وصفه رئيس الحكومة بأنه «شعبوي وخطير» ولا يمتلك القدرة على التعايش الاجتماعي ولا يعترف بحقوق المغتربين الأجانب، ورفض التعاون معه في تشكيل أية حكومة مقبلة، في وقت يتصاعد فيه نفوذ الحركات العنصرية والشوفينية والنازية الجديدة المعادية للأقليات القومية والإثنية في غالبية دول القارة الأوروبية وبخاصة الدول السبع (إيطاليا وبلجيكا وهولندا وبلغاريا والمجر والنمسا والدنمارك) التي حققت فيها أحزاب اليمين المتطرفة انتصارات ساحقة في الانتخابات التشريعية منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى الآن، والتي ظلت منذ ذلك الوقت تشكل «الأساس الراسخ» لحركات سياسية واجتماعية واقتصادية متماسكة ترفض مختلف أشكال التعايش المشترك مع المجتمعات الغريبة.

الاتحاد الأوروبي، يرد في تقاريره الدورية ما يشير بوضوح إلى قلقه (الراغب في تأكيد سبل العيش المشترك والمصير الموحد) من تزايد فرص نجاح أحزاب اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية على الصعيد الوطني، وفرض إرادتها على القوانين والتشريعات الوطنية العامة، في مرحلة تتطلب توحيد الجهود من أجل تطور المجتمعات الأوروبية الأعضاء في الاتحاد وتمكينها من تحقيق أسس العيش المشترك والعدل الاجتماعي وحقوق الإنسان والمحبة المتبادلة مع الأقليات الأخرى في المجتمع.

وتشهد أوروبا في الوقت الراهن، موجة عداء واسعة النطاق تتعلق بقضايا الأديان والمعتقدات والثقافات والتعددية العرقية والإثنية، وقد ظهر ذلك بشكل واضح في قيام بعض الحكومات اليمينية الحاكمة في إيطاليا وهولندا وفرنسا والدنمارك، بإصدار قوانين وتشريعات جديدة ضد الهجرة ومنح اللجوء السياسي أو الإنساني وحيازة الجنسية والإقامة الدائمة أو المؤقتة للمهاجرين من خارج القارة الأوروبية، على الرغم من الترويج الدبلوماسي والإعلامي يؤكد أن أنظمة الحكم في تلك البلدان مازالت تمارس لعبة الديمقراطية وحكم القانون ومراعاة حقوق الإنسان.

ويقول الخبراء في الشأن السياسي الأوروبي، إن التحولات السريعة في القارة الأوروبية – التي دفعت بأحزاب يمينية متطرفة لفرض قبضتها على الحكم أو المشاركة فيه، مستغلة مناخ الحريات – أمر يبعث على القلق، ولكن هذه هي قواعد الديمقراطية التي يتوجب على الجميع احترامها.

أما قادة حزب ديمقراطيي السويد المنتشين بفرحة الفوز فيقولون إن انتصارهم في هذه الانتخابات يعتبر مكسباً كبيراً وخطوة تالية في الطريق الطويلة لتحقيق «وحدة اليمين الأوروبي» التي لن تتأخر طويلاً، بفضل سلسلة الانتصارات التي تتحقق تباعاً لأحزاب اليمين المتطرف في عموم القارة الأوروبية.

Loading