«طغيان الصمت»… وعودة الرسوم المسيئة
«طغيان الصمت» هو عنوان كتاب محرر الملف الثقافي لصحيفة «يولاند بوسطن» الدنماركية، فليمنغ روس، صاحب الرسوم المسيئة للنبي محمد (ص) التي كانت مثار جدل بين الغرب والعالم الإسلامي، والتي لا يمكن لها أن تمحى من ذاكرة جميع المسلمين في مشرق الأرض ومغربها، الذين تظاهروا احتجاجاً عليها في مختلف العواصم الإسلامية والعالمية.
الكتاب الذي يقع في (499 صفحة) صدر يوم الخميس 30 سبتمبر/ أيلول 2010، لمناسبة مرور الذكرى الخامسة لنشر الرسوم، في خطوة يبدو أنها رسالة تحد جديدة لمشاعر المسلمين وغيرهم ممن جرحت مشاعرهم هذه الإساءة الكبيرة، بشخص الرسول الكريم، وتضامنو جميعاً في مواجهتها بمختلف الوسائل الاحتجاجية المشروعة.
ويبدو من خلال إصدار هذا الكتاب الذي تضمن قصة تلك الرسوم، أن المؤلف فليمنغ روس، لا ينوي أن يغير قيد أنملة في استعراضات نشر الرسوم، حتى لو كلف ذلك حياته كما أشار في عدة مناسبات صحافية، بعد التهديدات الواسعة النطاق التي كانت تستهدف حياته من قبل متشددين إسلاميين من داخل وخارج الدنمارك.
وأثارت خطوة إصدار الكتاب في هذا الوقت، مخاوف جديدة في الأوساط السياسية والاجتماعية والدينية الدنماركية، من احتمالات نشوب أزمة دبلوماسية واقتصادية جديدة بين الدنمارك والبلدان العربية والإسلامية على غرار أزمة العام 2005، التي نشبت بعد نشر الرسوم، والتي أرهقت بالفعل اقتصاد البلاد وأبقت مصالحها الخارجية تحت رحمة ما سمي بـ «التهديدات الإرهابية» التي طالت بعض الشركات التجارية والسفارات الدنماركية في الخارج، ونتيجة لهذا التصعيد في المواقف الإعلامية، التي أعقبت المؤتمر الصحافي الذي عقده المؤلف وشرح فيه سيرة الرسوم، استدعت وزيرة الخارجية الدنماركية لينة أسبرسن، أعضاء لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الدنماركي، لعقد اجتماع عاجل تتم خلاله مناقشة التطورات على الساحة الداخلية والخارجية بخصوص نشر الكتاب، الذي قد يسبب أزمة خطيرة، يمكن أن تضر بمصالح البلاد.
في هذا الوقت، أظهرت استطلاعات الرأي التي نشرتها المراصد الإعلامية الدنماركية، أن قرابة 48 في المئة من الدنماركيين يدعمون أفكار إعادة نشر الرسوم، انطلاقاً من مفاهيم حريات الرأي والصحافة التي كفلها الدستور الدنماركي وكافة المعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، في مقابل 38 في المئة من المعارضين، الذين قالوا إنهم لا يرغبون في نبش صفحات الماضي المؤلم وإثارة النزعات والفتن المذهبية والطائفية.
وأما بالنسبة إلى الجاليات العربية والمسلمة في الدنمارك، فإنها ابتعدت بقوة عن المشاركة في هذا المشهد، واكتفت فقط بـ «طغيان صمت القبور» لأنها في حقيقة الأمر غير منسجمة وغير متلاحمة في جبهتها الداخلية، وتخشى من تهديدات القوانين الجديدة الصارمة المكرسة منذ عدة سنوات مضت لمواجهة الأنشطة الحيوية الاجتماعية والثقافية والدينية لمختلف القوميات والإثنيات المتعددة في البلاد…