الفقر و«الكارثة السرطانية»… وتراخي الحكومات
في تقريرها الأخير، حول مرض السرطان، الذي يتربص بأرواح ملايين الناس عبر العالم، قالت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة للأمم المتحدة، أن أمراض السرطان المختلفة ستغزو العالم على شكل «تسونامي مخيف» بحلول العام 2030، إذا لم تتحرك حكومات العالم وبخاصة في البلدان المتقدمة، بتفادي ذلك الخطر الداهم ومواجهته قبل أن تصعب السيطرة عليه وتحوله إلى «كارثة إنسانية رهيبة» بحسب نائب الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي لمكافحة السرطان جولي تورودي، التي دعت المجتمع الدولي برمته، إلى تحمل مسئولياته الاقتصادية والإنسانية لدرء مخاطر الكارثة التي باتت اليوم تحاصر بقوة الدول الفقيرة والنامية.
ويضيف التقرير: «إنه على الرغم من المخاوف الكبيرة من انتشار رقعة المرض في مناطق عديدة، فإن ما ينفق من أموال للتصدي له لاتزال شحيحة، حيث لا تتجاوز أكثر من 5 في المئة من الموارد العالمية المخصصة لمكافحته في المناطق النامية والفقيرة، لأن التركيز ينصب بصورة مطلقة على الأمراض المعدية الأخرى مثل الإيدز والملاريا والسل، مع أن مرض السرطان يزهق سنوياً أرواح هائلة من البشر، قد تفوق بكثير ما يمكن أن تفتك بهم أمراض خطيرة قاتلة أخرى».
وفي نفس الوقت الذي ظلت فيه غالبية الدول الفقيرة والنامية عاجزة عن مواجهة وحشية المرض، بسبب قلة سياسات التوعية والتثقيف الصحي وضعف مستويات العلاج وغياب التأهيل والتخصص وتبريرات الفقر والقشف، استطاعت الدول المتقدمة بفضل الدواء الفعال والطب المتقدم وسياسات التوعية الصحية والعيادات الخاصة والعامة المجانية ومراكز البحث العلمي، السيطرة على أشكال متعددة لهذا المرض من جوانب مهمة.
وتقدر الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، معدلات الوفاة نتيجة الإصابة بهذا المرض، بنحو 13.2 مليون إنسان، وتشخيص إصابات أكثر من 21.2 مليون شخص، سنويا عبر العالم.
ويتوقع خبراء الصحة، أن يفتك مرض السرطان بنحو 75 في المئة في المناطق الفقيرة وذات الدخل المتوسط، في مقابل نسبة أقل في البلدان المتقدمة ذات الإمكانيات الاقتصادية والصحية والعلمية الأكثر تطوراً.
ويقول بيتر بول مدير الوكالة: «إن زيادة عدد سكان العالم وارتفاع معدلات أعمارهم واستمرار محاولات الدفع بالعوامل المساعدة على حدوث الإصابات بهذا المرض، سيكلف العالم برمته أكثر من 1000 مليون (مليار) إنسان سيلقون حتفهم خلال هذا القرن، نتيجة تأثيرات التدخين والتلوث البيئي ولأسباب أخرى.
وقد تساعد هذه الأرقام المذهلة حكومات العالم على فهم أسباب قلق المنظمة الدولية من وحشية المرض.
ولكن المؤسف حقاً، أن الاتجاه السائد في الدول النامية والفقيرة، التي تظل تواجه تحديات هذا المرض، والنسبة الأكبر من الوفيات بسببه، هو عدم الاكتراث بالدعوات والمناشدات الكثيرة التي تدعوها إلى التصدي لهذا المرض وزيادة المعرفة بمخاطره للوقاية منه والسيطرة عليه، بذريعة ضعف الموارد المالية لنشر الثقافة والتوعية، وإحجام الدول المانحة عن الوفاء بالتزاماتها الدولية بخصوص تقديم المساعدات للمجتمعات الفقيرة، لمواجهة الكوارث الصحية والبيئية، لكن النتيجة تثير المخاوف في نفوس الفقراء في الدول الفقيرة وأماكن أخرى في العالم، الذين يعجزون عن تسديد نفقات العلاج الباهظة الثمن، بسبب إهمال أو تراخي الحكومات في تقديم العون والمساعدة المطلوبة لضحايا المرض.