عمال وعاملات المنازل… ضحايا العنف
تصل إلى منظمة هيومن رايتس ووتش، المدافعة عن حقوق الإنسان، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، كثير من شكاوى الحرمان والمضايقات والمظالم التي يتعرض لها العمال وعاملات المنازل (الخدم) المهاجرين في بعض البلدان النامية الغنية في الشرق الأوسط، بحيث أصبحت مكاتب المنظمة وفروعها حول العالم، تتلقى كل يوم تقريباً أطنان الرسائل والمناشدات والتقارير التي تحكي القصص المروعة عن انتهاكات حقوق الإنسان، التي يتعرض لها «الخدم والعمال» المهاجرين من بلدان آسيوية وإفريقية فقيرة، على أيادي مخدوميهم، أو في مكاتب «الخدم والعمالة»، من دون أن تترك لهم فرص الدفاع عن أنفسهم، أو حتى حصولهم على أبسط حقوقهم من مكابدة حياة العمل، ويأملون في توصيل صوتهم إلى العالم عبر هذه المنظمة المستقلة.
في التقرير الجديد الذي أصدرته مؤخراً، قالت هيومن رايتس ووتش «إن الحوادث المنزلية الناجمة عن الانتهاكات والإساءات الفاضحة بحق العديد من «الخادمات» في بعض بلدان الشرق الأوسط، تفاقمت بشكل مفرط، خاصة في الدول التي مازالت تعتمد نظام «الكفيل» الذي يعطي أرباب العمل صلاحيات واسعة ومطلقة من شأنها أن تفسح المجال لاستخدام مختلف وسائل العنف والإكراه، المحرمة في القوانين والمعاهدات الدولية، والتي تركز بصورة خاصة على الاستغلال الوظيفي والمهني البشع وعمليات الاغتصاب والتحرشات الجنسية بالخادمات، بسبب استغلال ضعف التدابير القانونية والإجرائية وعزلة العمل المنزلي».
ووجهت المنظمة إتهامات مباشرة إلى ثلاث دول عربية، رأت أنها قد تساهلت في ردع مظاهر العنف والإساءات ضد «الخدم والعمال» المهاجرين، بسبب اعتمادها نظام «الكفيل» الذي يتسبب بحدوث مثل هذه الانتهاكات، وعدم اكتراثها بتطبيق أهداف منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، التي شددت على حماية مصالح العمال عند استخدامهم في بلدان غير بلدانهم، وبنص الاتفاقية الدولية التي تطالب حكومات العالم بحماية جميع العمال المهاجرين وعائلاتهم المعتمد بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة في 18 ديسمبر/ كانون الاول العام 1990 وهي السعودية والكويت والأردن، وتحدثت عن تلقيها شكاوى بالجملة عن انتهاكات حدثت في هذه الدول، ومنها أن خادمة في الكويت تعرضت إلى غرز مسامير في أنحاء متعددة من جسدها، على أيادي مخدومها، أدت إلى مضاعفات وتشوهات جسدية ونفسية خطيرة، وخادمة أخرى في السعودية غُرز في جسدها قرابة 24 مسماراً بطريقة هستيرية، وثالثة في الأردن أُجبرت بعد تعذيبها جسدياً على ابتلاع مسامير، وهناك آخرون من أمثال هؤلاء يعيشون في قلق دائم على حياتهم ومستقبلهم، ما يشير إلى وجود ضحايا كثيرين يعانون من مختلف مظاهر العنف وسوء المعاملة، نتيجة عدم وجود استراتيجيات جديدة لتنظيم سوق العمل، والتزامات دولية جوهرية، وإجراءات وأطر قانونية أكثر حزماً وقوة لحماية «الخدم والعمال» الأجانب في تلك البلدان.
وأصبح اليوم بعد مشاهد العنف والتهديدات والإساءات المؤلمة التي يتعرض لها العمال والخدم في كل البلدان، وبخاصة التي مازالت تعتمد نظام «الكفيل» أن تبذل حكوماتها، كافة الجهود والإمكانات من أجل حماية العمال المهاجرين وعائلاتهم، من أية انتهاكات تتعارض مع حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية المكرّسة لحماية العمال وتحقيق طموحاتهم وأحلامهم في تحسين ظروفهم المعاشية في بلدان المهجر، التي تستفيد من خدماتهم وآلامهم، وتتجاهلهم عندما يتعلق الأمر بمصائرهم ومستقبلهم، وذلك لأنهم بسطاء ومطوّقون ومحاصرون بالإجراءات المتزايدة القاسية، التي تستفزهم وتنتهك حقوقهم وتحطم آمالهم وأحلامهم في العيش بعيداً عن هواجس الأعمال المضنية، ومظاهر الفقر المدقع، ومتاعب الحياة الدنيا.