رجال أوفياء… نتذكرهم في زمن الفتنة الطائفية
في زمن الفتنة الطائفية والمذهبية، وانفجار الأحقاد وحروب التعبئة والإعلام وكافة مظاهر التحريض الطائفي والمذهبي، التي بلغت هذه الأيام بالذات مستويات خطيرة ومدمرة في الواقع البحريني، يبقى للمواطن الشيء الكثير من الأمل والتفاؤل بأن الطائفية والمذهبية لا مكان لها بين أهل البحرين.
وإنه رغم محاولات ترويج المحتوى الطائفي والثقافة المذهبية غير الملائمة لمجتمع مسالم ومتآخٍ ومتوحد في وجه توحش التفرقة الطائفية والمذهبية مثل المجتمع في البحرين، يولد في كل يوم رجال أوفياء يسمون فوق مظاهر الطائفية والعقائدية والمحسوبية والمصالح الفردية الذاتية، وقادرون على استقطاب الناس من جميع الفئات والشرائح والمذاهب والطوائف البحرينية.
رجال يحملون الهموم الوطنية في عقولهم وقلوبهم وأفئدتهم، ويلهمون الأجيال الراهنة واللاحقة، ويبددون عتمة مخاوف الناس من أسباب الظلم وانتهاكات حقوق الإنسان، من أمثال الشيخ عبدالأمير الجمري والشيخ محمدعلي العكري والشيخ جمال العصفور وأحمد إبراهيم الذوادي وغيرهم من الأبرار، وكذلك المهندس عبدالرحمن محمد النعيمي – شفاه الله وعافاه – والمحامي أحمد الشملان وغيرهم من المجاهدين والمناضلين الشجعان، وكل الذين عاهدوا الله وشعب البحرين وفي مقدمتهم شهداء انتفاضة الرابع من فبراير/ شباط 2011 على مواصلة دروب النضال من أجل التغيير الحقيقي والجوهري في كافة الأنظمة الخاطئة المعمول بها في البلاد، منذ عدة عقود من الزمن.
فهؤلاء الرجال المجاهدون والمناضلون الأفذاد، الراحل منهم إلى جوار ربه راضياً مرضياً بما قدمه من تضحيات كبيرة من أجل الشعب والوطن، والمريض منهم شفاه الله وعافاه، وقفوا دائماً وقفات عز وإباء إلى جانب قضايا شعب البحرين، وتصدوا لكافة أشكال التفرقة الطائفية والمذهبية، وقالوا كلماتهم بكل شجاعة، من أجل الحق والحرية والعدالة والمجتمع الواحد الموحد، ودفعوا ثمن نضالاتهم وجهادهم اعتقالاً وسجناً وتشريداً ومرضاً مزمناً واستشهاداً تحت وطأة التعذيب أو في التظاهرات المطلبية السلمية، من دون أن يطلبوا لأنفسهم وحدهم أي شيء من امتيازات السلطة أو أية منافع ومصالح ذاتية، إنهم ظلوا أوفياء مخلصين لوطنهم وشعبهم، ولم تصب مظاهر الرؤية لديهم بالانتهازية والطائفية والمذهبية.
هنا في هذا الوقت العسير والخانق الذي تمر به البحرين وشعبها، بفعل التمترس الطائفي وحرب الشعارات الطائفية والمذهبية المقيتة، لابد وأن تستيقظ في داخل كل مواطن ومواطنة بحرينية تحية إجلال وإكبار لكل هؤلاء الرجال العظام من السياسيين والدينيين والمفكرين والمثقفين والمناضلين والمجاهدين من أجل الحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية، الذين ضحوا بأرواحهم وأموالهم وأوقاتهم وكرسوا جل حياتهم للدفاع عن البؤساء والفقراء في العيش الكريم والحياة الرغيدة، وطالبوا بإقامة مجتمع العدل ورص صفوف الوحدة الوطنية، من دون أن تتلوث أياديهم بالفساد أو قتل الناس بقنابل المولوتوف أو تخريب الممتلكات العامة أو تحريض البعض على ممارسة الفتنة الطائفية، وأصبحوا رموزاً يحتذى بها، وتبقى كل مآثرهم خالدة في النفوس، وتبقى ذكراهم تستأهل منا جميعاً أكثر من استعادة سلسلة نضالاتهم وتضحياتهم وخاصة في هذه الفترة العصيبة بالذات، لأخذ العبرة والموعظة والحصانة القوية ضد التورط بأسباب الطائفية والمذهبية وتفاعلاتها ونتائجها القاسية والمدمرة، وترديد القول بأننا في مسيس الحاجة إلى فكرهم وثقافتهم وسداد رؤاهم وشجاعتهم ونضالاتهم لدرء زلزال الطائفية البغيضة الذي يتربص بنا