ضحايا سياسة الأبواب المغلقة

على مدى سنوات طويلة، والمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تتحدث عن ضرورة تبني مشاريع جديدة وإجراءات ضرورية، تكون كفيلة بتخفيف معاناة المهاجرين الفقراء الطامحين في تأسيس حياة جديدة، في البلدان المتقدمة والغنية، بعيداً عن أوطانهم الأصلية، التي تمزّق أوصالها الحروب الأهلية والكوارث الطبيعية والاضطهاد الاجتماعي والعقائدي، بدلاً من الاعتماد فقط على تقديم الإرشادات والنصائح، وتسجيل الإحصاءات المتعلقة بأعداد ضحايا الهجرة، ومناشدة حكومات الدول التي تستقبل المهاجرين بإقامة منظومة أمن جماعي تحمي حقوقهم وتراعي أوضاعهم الصعبة والمأساوية.

وعلى الرغم من مرور أكثر من 13 سنةً على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بإعلان اليوم الدولي للمهاجرين في 4 ديسمبر/ كانون الأول 2000، مازالت المنظمة الدولية عاجزةً عن إيجاد حلول واقعية وضرورية لمشاكل الهجرة بشتى أنواعها وتأثيراتها الاقتصادية والسياسية والإنسانية. ومازالت تطلق بين حين وآخر حملات التوعية وشرح المخاطر المتعلقة بالهجرة. ويسير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في كل مناسبة بهذا الخصوص، على نفس هذا المنوال بتكرار مناشدته للحكومات بضرورة التصديق على صكوك الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية حقوق المهاجرين وعائلاتهم. ويبدو الأمر وكأنه واقع ثابت ولا يتزحزح، فيما المشاكل تكثر وتعقيداتها تقلق المهاجرين والحكومات، التي تقول أنها تدفع ضرائب الهجرة غير الشرعية الباهضة للغاية، وتتلقى الكثير من الانتقادات والاعتراضات فيما يخص تعاملها مع قضايا الهجرة والمهاجرين .

في العام 2013 وحده لقي أكثر من 7000 مهاجر غير شرعي حتفهم غرقاً أو خلال عبور الصحراء في محاولتهم الوصول إلى ملاذات آمنة بحسب إحصائية حديثة أصدرتها المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة حول أوضاع الهجرة وضحايا الإتجار بالبشر.

وبحسب المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة وليام لاسي سونيج، أن المنظمة تبدو قلقة من تزايد أعداد ضحايا الهجرة، وينقصها معرفة الأرقام الإجمالية الحقيقية للمهاجرين، حيث أن هناك مجاميع كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين يفقدون حياتهم من دون معرفة أحد خلال عبورهم الصحراء والمحيطات وفي حوادث أخرى. والأرقام التي كانت تستند إلى تقارير ومعلومات متداولة من بعض الدول الأوروبية، تبقى غير مؤكدة وهي متدنية للغاية مقارنةً بالأعداد الهائلة التي تلقى حتفها وهي في طريقها من أفريقيا إلى الشرق الأوسط ومناطق أخرى في العالم.

إحصائية المنظمة الدولية للهجرة، صدرت بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين الذي تحتفل فيه الأمم المتحدة والعالم في 18 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام. وتقول المنظمة الدولية إنها حصلت على معلومات وبيانات إحصائية من مراكز الحدود وجماعات ناشطة في مجالات الهجرة تفيد بأن قرابة 2360 مهاجراً من مختلف مناطق الأزمات، لقوا حتفهم في العام 2013 وهم تراودهم أحلام الوصول إلى حياة جديدة وملاذات آمنة؛ وأن غالبيتهم دفعوا أموالاً طائلة إلى عصابات تهريب البشر التي دفعت بهم إلى «رحلات الشقاء والموت المؤسفة».

وتضيف المنظمة الدولية، أن ما بين 2000 و 5000 مهاجر إفريقي يعتقد أنهم لقوا حتفهم خلال عبورهم صحراء سيناء وخليج عدن للوصول إلى اليمن، التي تعتبر بوابة العبور إلى دول الخليج الغنية بحثاً عن حياة جديدة ومستقبل أفضل.

وترى المنظمة الدولية للهجرة، أن مشكلة الهجرة برمتها تكمن في التدابير والإجراءات الصارمة، التي تتصدى لطموحات وأحلام المهاجرين، وأن جميع من خسروا حياتهم في «مسيرات الموت» المؤسفة، يعتبرون ضحايا سياسات القيود المشدّدة على الحدود وغلق الأبواب، التي تنتهجها حكومات الدول الغنية، وتترك المهاجرين يقعون فريسة في أيدي عصابات الاتجار بالبشر، والتي تدر عليهم هذه التجارة مبالغ طائلة تقدر بنحو 35 مليار دولار سنوياً.

السؤال المطروح حالياً على المنظمة الدولية للهجرة: هل من جديد سوف تطلع به في حماية أوضاع الهجرة والمهاجرين، بعد مشاهدة كل هذه الإحصائيات المقلقة، والتي بلغت أرقامها مستويات كارثية، أم سيبقى دورها محدوداً ومحصوراً كما هو واقع الحال الراهن في الجانب النفسي والمعنوي الذي يؤسف على سقوط الضحايا، ونشر التقارير والمعلومات وتقديم النصائح والارشادات والتمنيات الكبيرة؟

Loading