عبدالرحمن النعيمي… يُبعث حياً في بيروت

دشنت جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) في بيروت في 15 ديسمبر/ كانون الأول 2011، المنتدى الفكري للمناضل عبدالرحمن النعيمي.

شاركت في المنتدى نخبةٌ من رفاقه وأصدقائه من مختلف البلدان العربية، الذين قدّموا أوراقاً بحثيةً وشهادات سلطت الضوء على سيرة حياته الشخصية والنضالية الحافلة بالعطاءات في ميادين النضال الوطني والقومي والأممي، وتجديد الوفاء له ولرسالته الحالمة بالمستقبل الأفضل للأجيال اللاحقة المدافعة عن الحريات السياسية والفكرية والانسانية في البحرين وحول العالم.

ما نعرفه عن المناضل عبدالرحمن النعيمي، مآثر كثيرة وتضحيات كبيرة في سبيل الحريات، فنضالاته المستميتة والصلبة، ومواقفه المبدئية التي لا تعرف المهادنات والمساومات والتراجعات، كانت واضحةً للعيان وتعرفها الأجيال التي عاصرتها. أما ما يعرف عنه كإنسان فيبقى شحيحاً للغاية خصوصاً لدى الجيل الحاضر. فالرجل الذي عاش حياة النضال في مختلف صوره المبدعة والقاسية، وفرّ هارباً متخفياً من البحرين إلى قطر في نهاية العام 1968 بعد تصدره واجهة مظاهرة احتجاجية لعمال الكهرباء، ثم مغادراً إلى متاهات جبال منطقة ظفار الوعرة ليشارك في الثورة المشتعلة هناك من أجل الحرية، ثم عدن ومن بعدها دمشق، التي عاش فيها معظم حياة النضال الوطني والقومي والأممي، التي استمرت على مدى ثلاثة عقود تقريباً من الزمن.

ترك النعيمي بصمات واضحة على تاريخ الحركة النضالية الحديثة والمعاصرة في البحرين، كونه أحد روادها الأوائل، وأمين عام الجبهة الشعبية في البحرين منذ العام 1974 حتى عودته إلى البحرين نهاية العام 2000، وأول زعيم كيان سياسي معترف به في البحرين، ألا وهي جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) التي بذل من أجل تأسيسها في العام 2001 جهوداً كبيرة ومضنية. وظل يشق الطريق الصعبة من أجل المشاركة الواقعية في تحقيق الحلم الديمقراطي، الذي ناضلت واستشهدت من أجله أجيال من شعب البحرين.

فطوال سنوات النضال التي تميّزت بالقوة والموهبة والعزيمة والمخاطر والحلم، كان عبدالرحمن النعيمي، الذي وُلد في مدينة الحد العام 1944، يعيش حياة التقشف في المظهر والمأكل والمسكن، وكان مؤمناً بالمطلق بوطنيته وقوميته وأمميته، وافتخاره بالعزة والكرامة، التي لا يغريها أي شيء من المغريات ولا تهزها مخاطر الرياح الصرصر، التي تريد أن تزحزحه عن مواقفه المبدئية الصلبة، أو تلوي ذراعه عن تصدر النضال الوطني والقومي، التي تعتبر فلسطين قضيته الأولى، أو أن تستطيع الاستحواذ على أي ذرة من بنات أفكاره المتشبعة جداً بالمشاعر الوطنية الأصيلة، أو تشوّه من صورة أعماله الإنسانية والأخلاقية.

يصعب علينا للغاية في هذا الزمن المادي والجمع الوطني المتناقض والمتشبع بحوافز المذهبية والطائفية المقيتة، ومظاهر الفساد والانحلال الأخلاقي، العثور على نماذج نضالية حقيقية في مستوى قامة النعيمي، وسحر أعماله النضالية والفكرية، التي ظلت شامخة كالجبال، التي لا تهزها الرياح ولا العواصف العاتية.

ولا شك، كما جاء في كلمة القائم بأعمال جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) رضي الموسوي، في افتتاحية «منتدى النعيمي»، أن هذا العمل يعتبر جزءًا من الواجب نقوم به تجاه هذه القامة العملاقة، التي قدّمت كل ما تملك من أجل شعبها ومن أجل القضية الفلسطينية -عنوان صراع المنطقة- ومن أجل الأمة العربية ومن أجل كل الأحرار، وهو تكريمٌ لرمز وطني ومناضل قومي وأممي مخلص وشجاع.

رحم الله عبدالرحمن النعيمي، وجعله في مصاف كل الشهداء الأبرار.

Loading