عن مخيمات الجوعى والمشردين
في بادرة وصفت بـ «الانسانية الضرورية والملحة»، أعاد المؤتمر الدولي الخاص بسورية الذي عقد 22 يناير/ كانون الثاني 2014 في مدينة مونترو السويسرية، تحت رعاية الأمم المتحدة، تذكير العالم برمته، بأن هناك ملايين الجوعى والمشرّدين السوريين في مختلف مخيمات اللجوء في دول الجوار كلبنان والأردن وتركيا، يعانون من أوضاع معيشية وصحية صعبة ومرهقة للغاية، وتحتاج إلى تعاطف المجتمع الدولي وتكاتفه من أجل حماية الأوضاع الكارثية التي يعيشها النازحون السوريون في كل هذه المخيمات، التي تفتقد إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية .
وكانت الأمم المتحدة أطلقت نداءات عاجلة في ديسمبر/ كانون الثاني 2013 من أجل جمع قرابة 6.5 ملايين دولار لسورية والدول المجاورة لمساعدة ملايين السوريين ممن يعانون الجوع والتشرد ونقص الأدوية والمستلزمات المعيشية الأساسية اليومية، نتيجة استمرار الصراع العسكري على مدى أكثر من ثلاثة أعوام، من دون توصل أيٍّ من الأطراف المشاركة في الصراع إلى حسم الموقف المتأزم في الاتجاه الذي يوقف نزيف الدماء ويحدّ من موجات النزوح التي بلغت الذروة في نهايات العام الماضي. في وقتٍ تبدو الأوضاع في دول الجوار السوري، في حال تدهور اقتصادي خطير نتيجة تدفق النازحين وضخامة التكاليف المادية الممنوحة لهم وتباطؤ صرف المنح التمويلية المقرّرة من قبل الدول المانحة.
ومنذ اندلاع الاشتباكات المسلحة في سورية في العام 2011 وحتى اللحظة الراهنة، تحركت الأمم المتحدة عبر توجيه مناشداتها إلى الدول المانحة على تأمين الدعم المالي والاقتصادي لسورية، على أساس أن ذلك هو السبيل الوحيد لحفظ حياة ملايين اللاجئين السوريين وعائلاتهم، ووصل الأمر إلى صدور دعوات استغاثة دولية من أجل درء الكارثة التي تواجه الأطفال والنساء وكبار السن في المخيمات، التي تفتقد لأبسط مقومات الحياة المعيشية اليومية، ولكن كل هذه المناشدات للأسف الشديد، لم تجد من يستمع لها سوى إطلاق الوعود والتمنيات، التي لا تسمن ولا تغني عن جوع.
وحتى في بعض المخيمات التي تم فيها تحقيق بعض النجاحات على صعيد تقديم المساعدات المالية والرعاية الصحية، فقد كانت النتائج على أرض الواقع مقلقة ومخيفة بالنسبة لمعاناة النازحين النفسية والصحية، خصوصاً خلال فصلي الصيف والشتاء، اللذين كانا قاسيين وشديدين عليهم نتيجة نقص التجهيزات اللازمة، حيث أن مستويات الدعم الاقتصادي والمساعدات كانت هزيلة في هذا الجانب، حسب ما أظهرته تقارير منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، وكذلك المنظمات الحقوقية السورية والدولية.
وحتى لو قيل إن حجم المساعدات الإنسانية المقدمة إلى دول الجوار السوري، كانت ربما كافية ومعقولة، فمن الصعب على دول هي نفسها تعيش أزمات اقتصادية خانقة مثل لبنان والأردن، أن تستطيع المساهمة المالية التي تفوق طاقاتها الاقتصادية، إذ ترى الأمم المتحدة أنها تحتاج إلى أكثر من 2.4 مليار دولار لتلبية الحاجات الضرورية الملحة للاجئين.
ولو تم الافتراض بأن كل هذه المبالغ قد تأمنت بصورة صحيحة، فإنه من الصعب جداً إيجاد حلول معيشية لملايين الجوعي والمشرّدين، الذين تتزايد أعدادهم كل يوم تقريباً، نتيجة تسعير القتال وشراسته وخطورته.
وفي تقريرها الأخير تحت عنوان «الرد الإنساني على الأزمة السورية»، تحدّثت الأمم المتحدة على أنه بالإضافة إلى 4.1 ملايين لاجىء متواجدين الآن في مختلف مخيمات اللجوء في أراضي دول الجوار السوري، هناك أيضاً قرابة 660 ألفاً سوف يتوزعون على بعض هذه المخيمات، ويتوقع أن يكونوا أكثر عرضةً لمخاطر الجوع والمرض والأوبئة والبرد القارس، فيما ستكون هناك حاجةٌ لإيواء قرابة 3.44 ملايين لاجىء في مساكن خاصة.
ومن جانب آخر، تحدّث تقرير صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) عن وجود قرابة 5.5 ملايين طفل في سورية بحاجة إلى المساعدة من أجل فصل الشتاء القارس، وطالب بضرورة تلقي أموال إضافية وبشكل عاجل، من أجل توفير إمدادات الطوارىء الملحة للأطفال والعائلات السورية والدول المجاورة، مؤكداً على وجود فجوة تمويلية تزيد على 13 مليون دولار، تعكس بالضرورة واقعاً حقيقياً للمأساة التي يعيشها الأطفال والعائلات السورية المشرّدة في مختلف مخيمات النزوح في دول الجوار السوري.
وتطالب الأمم المتحدة بحاجات تمويلية للعام 2014 تقدر ب 2.4 ملياري دولار لتلبية احتياجات قرابة عشرة ملايين لاجىء بحسب التوقعات، كما ستشمل المناشدات التمويلية قرابة 27.2 مليار دولار لمساعدة الشعب السوري، بينهم حوالي 1.6 مليون نازح اضطروا للفرار من منازلهم، نتيجة حرب الأحياء والضواحي الدائرة في مختلف المدن السورية.