الشموع والزهور، بدلا من المسيرات الجماهيرية الحاشدة لإحياء ذكرى تحرير الدنمارك، من الاحتلال النازي الألماني
في العادة يحتفل الدنماركيون، سنويا بيوم تحرير الدنمارك، من براثن الإحتلال النازي الألماني، الذي امتد طوال أربع سنوات من الوقت، بتنظيم مهرجانات راقصة، وحفلات طرب صاخبة، ومسيرات جماهيرية حاشدة، تجوب الساحات العامة والمناطق والأحياء المتعددة في البلاد، وتتردد خلالها شعارات النصر، واستعادة الكرامة الإنسانية والسيادة الوطنية، وتخليد نضالات الأبطال، الذين سقطوا في ساحة النضال، دفاعا عن سيادة الأمة وكرامتها وحرياتها المستقلة، ولكن هذا الوضع قد تغير، في الذكري السنوية، ال 75، التي، حلت مناسبتها اليوم( 4 أيار/ مايو 2020، وذلك بسبب الإجراءات الحكومية والصحية المشددة والصارمة، على حرية التجمعات الجماهيرية، التي تزيد عن عشرة أشخاص، في ظل أزمة وباء فيروس كورونا الفتاك.
ولهذا السبب، لم يحتفل الدنماركيون، كعادتهم في ما سبق من الزمن، بيوم تحرير بلادهم، من هيمنة وتسلط الاحتلال النازي الألماني الغاشم، على كافة مفاصل القرار السياسي، وكيان الدولة والمجتمع، ولكن بذلا من ذلك احتفل كل مواطن منهم بطريقته الخاصة والمعبرة عن تضامنه وتازرة مع شجون وهموم هذه الذكرى الخالدة، والابطال المقاومين، الذين سقطوا في ساحة المقاومة والنضال من أجل دحر جيوش المحتل الغاشم، واستعادة الكرامة والسيادة الوطنية، بإشعال الشموع، والاضواء، من على نوافد البيوت، والاحياء السكنية المتعددة، ونثر الزهور والورود في حدائق بيوتهم، تكريما لجميع الشهداء والمناضلين، الذين ضحوا وفقدوا حياتهم من أجل القضية، ومن اجلهم كرامتهم وسعادتهم وحريتهم، و من أجل مستقبل الأجيال اللاحقة في الدنمارك.
ولأول مرة، في تاريخ الدنمارك الحديث والمعاصر، لم تستطيع الجماهير الشعبية الحاشدة، أن تحيي هذه المناسبة الوطنية الخالدة، بمهرجانات تضامنية مشتركة، ولم تستطيع أن تجوب جميع الشوارع والساحات العامة، التي كانت تستقبلها بحفاوة وباجمل ترحيب، في ما مضى من الزمن، وذلك من أجل إعلان تضامنهم واعتزازهم وافتخارهم بشهداء الوطن.
وفي نفس الوقت، لم يستطيع جيل المقاتلين والمناضلين الأشاوس القدماء، ضد زمرة الإحتلال، من تنظيم احتفالاتهم في الشوارع، واكتفى بعضهم بنشر مشاهد حية من نضالاتهم الشجاعة والمستميتة السابقة، ضد جحافل جيش الاحتلال النازي، عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وترديد شعارات النصر والتضحيات الكبيرة.
▪ تطلعات وأماني كثيرة:
وأما بالنسبة لعموم أفراد الشعب، فإنه لم يكن بوسعهم، إلا أن تمنوا لو أنها كانت هناك احتفالات مهيبة، في هذه السنة، مسموح القيام بها، لانطلقوا بأكثر مما هو معتاد، في المناسبات، التي مضت، لأن أبطال المقاومة الشجعان وجميع شهدائها الابرار يستحقون كافة التضحيات الكليرة، وقالوا، أن لديهم التزام وطني، قوي وإنساني وأخلاقي، تجاه جميع الأجيال، التي ضحت بانفسها وأبنائها واموالها، من اجل خدمة القضية الوطنية والمجتمع، واستمرار حياة دولة الرفاه، ونظامها الديمقراطي السياسي والاجتماعي والاقتصادي النموذجي، والذي اعتبر في مابعد سنوات التحرير محط حسد الآخرين.
هاني الريس
4 أيار/ مايو 2020