النضال من أجل مقاومة العنف
حذّرت الجمعيات السياسية المعارضة (الوفاق، وعد، المنبر التقدمي، التجمع القومي، الاخاء الوطني) في تصريحات مطولة لقياداتها البارزة، نشرتها صحيفة «الوسط» (24 نيسان/ ابريل 2014) من اتساع موجة العنف والعنف المضاد في البحرين، والتي تجاوزت حدود المتوقع في الفترة الأخيرة، وطالبت جميع فئات وشرائح المجتمع البحريني، بالتصدي لأعمال العنف والفتن الطائفية، التي تروّج لها بعض الأطراف من أجل تأجيج الوضع وإستمرار دوامة الأزمات في البلاد، التي يمكن أن تفكك أسس المجتمع وتضعفه.
وشدّدت تلك القوى على التمسك بخياراتها السلمية والثوابت الوطنية، التي طرحتها منذ بدء الأزمة السياسية الطاحنة في العام 2011، التي أنهكت كاهل البلاد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأمني.
ورأت قيادات هذه الجمعيات أن الواجب الوطني يدعوها لمناشدة الجميع بالوقوف صفاً واحداً وموحّداً لمقاومة العنف والفتن الطائفية البغيضة، التي تتناقض بالمطلق مع قيم وأخلاق وإنسانية المواطن البحريني، والسعي الحثيث لطرح الحلول الايجابية والعقلانية لمعالجة الأزمة وأسبابها، بدلاً من المكابرة والتشدّد والاستخفاف والاستهتار بحياة الناس والمصلحة الوطنية العليا.
وشدّدت قيادات هذه الجمعيات على وجوب التحرك السريع بما فيه الخروج في الاعتصامات والتظاهرات من أجل مقاومة العنف والنضال السلمي لإنقاذ البلاد من الأزمة السياسية والأمنية، التي لاتزال تتخبط فيها.
ولو أخذنا كل هذه الدعوات والمناشدات الحميدة بعين الاعتبار، لكان بالإمكان القول إنها جاءت في وقت توسّعت وتجذّرت فيه مختلف أشكال العنف وحالات عدم الاستقرار الاجتماعي والأمني الذي يستعصي على الجميع ضبطه أو ردعه، ولكنها تبقى تمثل شعاراً مقبولاً وخطوة جوهرية كبيرة في الاتجاه الصحيح لمواجهة ظاهرة العنف المخيفة، التي تجتاز البلاد في الفترة الحالية.
لابد من تصعيد النشاط السياسي والإعلامي في هذه المرحلة التي تبدو حساسة ومقلقة، ولاشك أن نجاح كل هذه الدعوات سوف يعتمد على تجاوب المجتمع برمته، وخصوصاً أولئك الذين قدموا التضحيات الكبيرة في سبيل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية. ويتعين على السلطة البحرينية اتخاذ إجراءات عاجلة في سبيل تهدئة الوضع وتوفير فرص الحلول السلمية، التي تجاهلها البعض وتعثّرت بعد انسداد أفق الحوار الوطني المسئول، بسبب انعدام الثقة بين أطراف المعارضة والسلطة، ووضع الشروط التعجيزية بينهم. وما هو مطلوبٌ الآن من الجميع، هو عدم التمسك بالمواقف المتصلبة والتهويل بالخصوصيات والثوابت، التي يرى فيها كل طرف من تلك الأطراف بأنه على حق، لأن الأوضاع المأزومة في البلاد، لاتزال تدفع نحو دوامة العنف وتعميق الفتن الطائفية، التي لا يستطيع المجتمع احتمالها والسكوت عليها. هذا ناهيك عن حساسية وخطورة الأوضاع، التي تمر بها المنطقة، والتي لاتزال تثير عواصف كبيرة في الحركة السياسية والأمنية، وخصوصاً بالنسبة للأوضاع المتدهورة في البحرين.
فبدون البحث عن حلول موجبة لنهاية العنف، وتقويض الفتن الطائفية من جميع الأطراف، فإن من الصعوبة بمكان القول إن أحداً قد يكون قادراً على إيقاف موجات العنف والعنف المضاد الذي لايزال في الوقت الحاضر يسود الشارع البحريني، ويدفع البلاد نحو نتائج مجهولة لا تحمد عواقبها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية الخطيرة. والنضال من أجل مقاومة العنف والفتن الطائفية، يجب أن يستمر بين مختلف الجمعيات السياسية والقوى الاجتماعية والحقوقية والدينية، عبر مختلف الوسائل السلمية والقانونية المشروعة، وذلك لتفويت الفرصة الكاملة على المتصيدين في المياه العكرة وكل الأفكار والتوجهات والثقافات التحريضية المرفوضة، التي يروّج لها البعض من أجل استدامة الأزمة وتأجيج الأوضاع.