عندما تصبح آثار قنبلة ذرية رمزاً للأمل والسلام

لمعرفة حقيقة ما جرى في هيروشيما قبل 70 عاماً من الزمن بعد انفجار القنبلة الذرية الأولى في اليابان، شيّد المسئولون في المدينة المنكوبة «نصب سلام تذكاري» يخلد ذكرى الكارثة الرهيبة، التي حلت بتلك المدينة وسكانها، ويجذب إليه مئات الآلاف من السياح اليابانيين والأجانب، وينشر الوعي حول حقائق القنبلة الذرية إلى العالم برمته.

ففي السادس من أغسطس/ آب 1945، ألقت الولايات المتحدة الأميركية أول قنبلة ذرية في العالم، بوزن أكثر من 4.5 أطنان من اليورانيوم، بقيادة الطيار الأميركي الكولونيل بول تيبيتس، دمّر خلالها 90 في المئة من مباني ومنشآت المدينة، وقتل أكثر من 80 ألف شخص، وجرح قرابة 90 ألفاً آخرين، في حين بقي عشرات الآلاف من السكان مفقودين ومشرّدين من دون مأوى.

وكان عدد سكان هيروشيما قبل التفجير حوالي 350 ألف نسمة، وذلك بذريعة الإسراع في نهاية الحرب العالمية الثانية وتوفير ملايين القتلى من البشر، التي يمكن أن تبتلعهم طاحونة المعارك الضروس حول العالم. وظلت الولايات المتحدة طيلة فترة طويلة من الزمن تفرض الحظر على أية إشارة إلى القنبلة الذرية خشية تعرضها إلى الانتقادات الدولية الصارمة حول الأهوال التي خلفتها هذه الكارثة الدموية، إلى أن تم توقيع الإدارة الأميركية معاهدة سلام مع اليابان في العام 1952.

وأوضح المسئولون في مدينة هيروشيما أن الهدف من مشروع «متحف السلام التذكاري» هو نشر الدعوة للتدمير الكامل للأسلحة النووية، وتحقيق السلام في العالم. ويعرض المتحف العديد من الآثار المدمرة والبشعة، التي ظلت ترمز إلى مصائب وأهوال أول كارثة ذرية، والاستنزاف الاجتماعي والاقتصادي والجغرافي للمدينة ولأهلها، الذي أدى بدوره إلى الانهيار. وتشير العديد من الإحصاءات إلى أن عدد السياح اليابانيين والأجانب الذين زاروا المتحف خلال العام 2013 للاطلاع على المشاهد القاسية والمؤلمة، التي خلّفها ذلك الانفجار العظيم، فاق أكثر من 200 ألف سائح.

ويأمل القائمون على هذا المشروع، أن تحدث هناك تغييرات جذرية في العقول والنفوس تؤدي إلى نسيان الناس إعصار الجريمة الأكبر في التاريخ، والتي لاتزال راسخة على ما يبدو في مخيلة ما تبقى من أصدقاء وأهالي الضحايا، وفي رواياتهم إلى أبنائهم وأحفادهم وإلى الآخرين، وتنتقل خلالها مدينة هيروشيما، التي اعتبرت بحسب التقارير الدولية كواحدة من أهم عشرين موقعاً سياحياً في العالم للعام 2012، من حالة الدمار والبؤس الشامل إلى فسحةٍ للأمل والتأمل، وتصبح معالم مخلفات هذه القنبلة الذرية التي هزت ضمير العالم برمته، رمزاً للسلام وتكريس وتعزيز روح المودة والتآخي بين البشر، وتصبح من أهم وأبرز المرافق السياحية النموذجية العصرية في عموم اليابان.

Loading