يوم اللاجئ العالمي… يوم تجديد ذكرى المعذبين والمشردين
في 20 يونيو/ حزيران من كل عام، تنظم المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أنشطة ثقافية وبرامج إعلامية ودعائية حيوية في مختلف دول العالم، وذلك من أجل تسليط الأضواء على محنة اللاجئين والنازحين، والتذكير بصمودهم في وجه كافة المخاطر المحدقة بحياتهم، ورحلات العذاب القاسية والمؤلمة وفراق الأوطان.
بدأت احتفالات الأمم المتحدة والشعوب بيوم اللاجىء العالمي في العام 2000، بعد القرار الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام، وتم الاحتفال به رسمياً للمرة الأولى في العام 2001 حيث وقع الاختيار على يوم 20 يونيو/ حزيران بالترافق مع الاحتفال بيوم اللاجيء الأفريقي الذي تحتفل به معظم الدول الأفريقية.
وبالتزامن مع اتساع رقعة الحروب والصراعات ومختلف الأزمات الجديدة، تتزايد بشكل مضطرد معدلات اللاجئين والنازحين الذين يمكن أن تتعرض حياتهم في أوطانهم الأصلية للتهديد والخطر، ففي التقرير الأخير الذي أصدرته المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن العام 2013، بلغت الأرقام أكثر 50 مليون إنسان، نزحوا بصورة قسرية في مختلف مناطق العالم. وهي المرة الأولى الذي يتجاوز فيها الرقم العالمي ذلك المستوى الهائل من النزوح، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وتتكشف أوضاع مأساوية متزايدة في مناطق الاضطرابات والحروب والمجاعات، ما يزيد من صعوبة رصد كل أوضاعها وإحصاءاتها الدقيقة، ولم تنجح جهود الأمم المتحدة ولا المنظمات الإنسانية والخيرية الأهلية والمدافعين عن حقوق الإنسان، في كبح مستوى تصاعد الأزمات والمخاطر الشديدة، التي ترغم المزيد من الأشخاص على الفرار من منازلهم ومناطقهم خوفاً من تسعير وطأة الحروب والاضطرابات، وحتى أهوال وجحيم الكوارث البيئية.
وتحدثت المفوضية العليا لشئون اللاجئين في تقريرها السنوي الأخير، عن أوضاع مأساوية مؤلمة للغاية يتجرعها اللاجئون والنازحون وخصوصاً في سورية، التي بلغت فيها أعداد النازحين داخلياً قرابة 6.5 ملايين إنسان، في الوقت الذي عبر فيه حوالي 2.5 مليون آخرين حدود البلاد هرباً من سعير الصراع المميت.
تقرير المنظمة الدولية أشار أيضاً إلى الأزمات الحديثة، التي نشأت في الفترة الأخيرة في مناطق متعددة حول العالم، ولاسيما في دولة جنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى والعراق وأوكرانيا، التي لاتزال تشهد الحرب الأهلية الطاحنة في أقاليمها الشرقية، وأدت إلى تشرد ونزوح ملايين الناس، فيما يشكّل الفلسطينيون والصوماليون والأفغان الذين فروا من بلدانهم خلال السنوات الماضية الجزء الأكبر من حصيلة اللاجئين والنازحين على مستوى العالم برمته.
وفي حال استمرت وطأة الحروب والكوارث الطبيعية البيئية في مختلف مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوبها وفي أوكرانيا، على هذا المنوال، وهو أمر يعتبر استمراراً لظواهر مماثلة كانت قد سادت معاناتها وأوجاعها غالبية هذه المناطق خلال سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أخذت تبرز بواعث الحروب الضروس الأثنية والقومية والمناطقية الجغرافية، وكذلك الأزمات المتجددة والكوارث البيئية.
وتصبح البلدان التي ظلت أبوابها مشرعة على مصاريعها لاستقبال اللاجئين والنازحين، عاجزةً عن تلبية الحاجات الأساسية للملايين من المعذبين والمشردين، فإن بلدان أوروبا المتقدمة، التي مازالت ترفع شعار الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان ـ بحسب المراقبين ـ سوف تكون «المتضرر الأكبر» في عمليات إغاثة المنكوبين والمشردين، بحيث إنها ستشهد زحفاً واسع النطاق من اللاجئين والمهاجرين، الذين تضيق بهم أرجاء الأرض، يفوق ما كان لديها منذ عدة عقود، الأمر الذي سوف يزيد من هواجس حكوماتها وشعوبها، التي هي في الأصل غارقة في طغيان موجات اللجوء والهجرة المعاصرة والحديثة، وتتجرع صنوفاً شتى من الممارسات والمخالفات القانونية والإجرائية المختلفة على أيادي الكثيرين من أبناء اللاجئين والمهاجرين.
وبمناسبة يوم اللاجىء العالمي، أصدرت وكالة الإحصاء الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي، إحصائية جديدة تحدثت فيها عن وجود أكثر من 135 ألفاً و700 شخص غالبيتهم من سورية والصومال وأفغانستان والإتحاد الروسي، كانوا يسعون لطلب الحماية كلاجئين أو لأسباب إنسانية في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فاق مستوى ما كان مسجلاً لديها من أرقام منذ عقد من الزمن.