«اليونسيف»… وأحلام الطفولة المعذَّبة
على الرغم من أن كافة المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية في مجال حقوق الإنسان، تلزم جميع الدول التي اعترفت باتفاقيات جنيف من النواحي القانونية، بتحريم عمالة الأطفال القاصرين واستغلالهم بصورة بشعة وتدعو إلى الشفقة في أعمال تفوق طاقاتهم الجسدية والنفسية، إلا أن هناك العديد من الدول النامية مازالت تخرق نصوص وبنود هذه المعاهدات والاتفاقيات والمواثيق، وتتجاهل بالكامل مختلف الدعوات والمناشدات الوطنية والدولية، التي تدعو إلى تكريس وتعزيز المساواة الاجتماعية والقضاء على أشكال عمالة الأطفال، الخفية والظاهرة وغير المشروعة، التي تتناقض بالمطلق مع أحلام طفولتهم وبراءتهم وتطلعاتهم للحياة الكريمة والمنتجة والمثمرة.
وعلى الرغم من أن تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) تشير إلى انخفاض ملفت لعمالة الأطفال شهدته السنوات الثلاث الأخيرة في كل دول العالم باستثناء أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، حيث تتزايد بالفعل أسوأ أشكال التعسف بالنسبة لعمالة الأطفال واليافعين، فإن هناك قرابة 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم ما بين 5 أعوام و14 عاماً في مختلف البلدان النامية، وحوالي 16 في المئة من جميع الأطفال في المرحلة العمرية ينخرطون في أعمال صعبة وخطيرة، كما يوجد هناك قرابة 215 مليون طفل دون سن 18 عاماً حول العالم، يعمل غالبيتهم بدوام كامل حسب تقديرات منظمة العمل الدولية. ففي أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى يعمل 1 من كل 4 أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 5 أعوام و17 عاماً مقارنةً مع 1 من كل 8 أطفال في قارة آسيا والمحيط الهادي، و1 من كل 10 أطفال في أميركا اللاتينية.
وتقول منظمة «اليونسيف»، ضمن خارطة الطريق التي وضعتها للقضاء على أسوأ أشكال عمالة الأطفال بحلول العام 2016، أنها تحاول أن تدعم المجتمعات المحلية في تغيير قبول عمالة الأطفال على المستويين الثقافي والاجتماعي، في الوقت الذي تدعم فيه استراتيجيات وبرامج توفير دخل بديل للعائلات والحصول على خدمات دور حضانة والتعليم الجيد والخدمات الوقائية الأخرى، وإيجاد بيئة صالحة تراعي جميع حقوق الأطفال، التي يفترض أن تكون أهدافها مكرّسةً دائماً في الدساتير والقوانين الوطنية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، والتي من شأنها تعزيز القضاء على دورات الفقر بين الأجيال وعرقلة التقدم المطلوب باتجاه تحقيق الأهداف الإنمائية الكاملة للألفية الجديدة، ولكنها تواجه تحديات صعبة بالنسبة لتعاون معظم الدول النامية مع مختلف برامجها ومشاريعها وتطلعاتها التي تدعو دائماً إلى تلبية احتياجات الأطفال الأساسية، وتوسيع الفرص المتاحة لهم لبلوغ الحد الأقصى من طاقاتهم وقدراتهم الجسدية والعقلية والابداعية.
وهذا الأمر قد يحرم الأطفال واليافعين في مختلف هذه الدول من ضمانات تمتعهم بكامل نطاق حقوق الطفولة، التي نصت عليها اتفاقية حقوق الطفل في الأمم المتحدة، والمتمثلة بحق الطفل في البقاء والتطور والنمو إلى أقصى حد، والحماية من التأثيرات المضرة وسوء المعاملة والاستغلال، والمشاركة الكاملة في الأسرة وفي الحياة الثقافية والاجتماعية العامة.