«إيبولا» يهز العالم في غياب الأنظمة الصحية
«وباء إيبولا» الكارثي المخيف هو حالياً على وشك الخروج عن السيطرة، حيث إن حالات الإصابة في غرب القارة الإفريقية أخذت تزداد بمعدل الضعفين كل أسبوعين أو ثلاثة. هذا كل ما أشارت إليه أحدث تقارير منظمة الصحة العالمية والمنظمات الصحية الدولية الأخرى، التي تسعى لمكافحة امتدادات تسونامي وباء إيبولا الرهيب إلى دول ومناطق كثيرة حول العالم.
وتشير آخر التقديرات حول انتشار الوباء، إلى أن أعداد المصابين به قد تزايدت بشكل ملفت وسريع وربما تصل النسبة المتوقعة لسقوط مجمل الضحايا، إلى قرابة 1.4 مليون شخص بحلول منتصف شهر يناير/ كانون الثاني 2015 الأمر الذي أصبح بمثابة البعبع الذي يخيف ويقلق مضاجع شعوب وحكومات العالم برمته.
وتقول مصادر المنظمات الصحية الدولية المعنية بمكافحة فيروسات هذا الوباء، إن اتساع رقعته في أكثر من منطقة في العالم، وعجز الدول عن مواجهته والتصدي لتداعياته المستمرة، قد أثقل كاهل الأنظمة الصحية الضعيفة في مختلف المناطق الموبوءة. ففي ليبيريا التي بدأت تشهد توسعاً ملفتاً لانتشار الوباء، هناك طبيب واحد فقط لكل 100 ألف شخص تتربص بهم تداعيات ذلك الوباء الشرس، وعلى رغم أن حكومات الدول التي تعاني شعوبها من مخاوف هجوم هذا الفيروس، تقوم بتمويل حملات الإرشاد والتوعية ومختلف الخدمات الصحية، إلا أن الطواقم الطبية هناك لاتزال غير كافية لمنع توسع نطاق هذا الوباء، وهو الأمر الذي تحاول من خلاله كل هذه المنظمات، نشر دعوات التطوع بين مختلف الطواقم الطبية العالمية، لتلبية احتياجات هذه المهمة الضرورية الإنسانية.
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية، حول حصيلة الضحايا، الذين سقطوا بفعل فيروسات وباء إيبولا في مختلف بلدان غرب القارة الإفريقية إلى قرابة 4400 حالة وفاة وأكثر من 8900 إصابة، ما يعني حصول صعوبات بالغة في مساعي عمليات السيطرة الكاملة على استفحال هذا الوباء المخيف وانتشاره بسرعة كبيرة في مناطق جديدة من تلك القارة الفقيرة أصلاً والمبتلاة على مر التاريخ بتعدد الأمراض والنزاعات والحروب والكوارث البيئية، في غياب الكثير من المساعدات والخدمات والأدوات والبرامج الصحية الضرورية والملحة.
ولكن على عكس دول القارة الإفريقية، لم تتحدث تقارير المنظمة الدولية عن وجود أية حالات إصابة بوباء إيبولا في بلدان القارة الأوروبية وأميركا اللاتينية، التي يبدو أنها اتخدت العديد من الإجراءات الاحترازية المشددة لمواجهة المخاطر المحتملة من هذا الفيروس.
بدأ وباء الإيبولا بالانتشار أولاً في جمهورية غينيا الإفريقية، في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2013 حيث توفي طفل يبلغ من العمر عامين فقط، ويعتقد بأنه كان الضحية الأولى لهذا الوباء، ثم لحقت به والدته ومن بعدها شقيقته وجدته، وعلى الفور بعد تسجيل حالة إصابة أفراد هذه العائلة في غينيا، انتشر فيروس إيبولا بسرعة مذهلة ليتجاوز حدود بعض دول الجوار في الشمال الإفريقي.
وينتقل أخطبوط هذا الفيروس عبر سوائل الجسم المختلفة وبخاصة الدم، إضافة إلى البراز ومن خلال تقيؤ المصابين بإفرازاته. وتقول المنظمات الصحية إن عدد المصابين بالوباء من الأطباء والممرضين والمسعفين، الذين تطوعوا لإنقاذ الناس من مخاطره، قد بلغ أكثر من 400 مصاب في أوج فترة الانتشار الكبير.
وأكدت الأمينة العامة لمنظمة الصحة العالمية مارغريت تشان، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة الفلبينية مانيلا في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2014 أن وباء إيبولا، قد يشكل خطراً محتملاً على بلدان العالم برمته.
وتأمل منظمة الصحة العالمية ومعها بالطبع، المنظمات الصحية الدولية كافة في تخفيف وطأة انتشار هذا الوباء المخيف، وتقليل معدلات الوفيات مع حلول العام 2015 من خلال تحسين إجراءات الدفن الآمن وعزل المرضى وتجنب حدوث المخاطر وتوفير خدمات الرعاية الصحية الممتازة.
وحذرت المنظمة الدولية في تقاريرها الأخيرة من زيادة عدد المصابين باطراد حتى نهاية العام الجاري 2014، حيث بلغ تعداد إصابات الوباء الجديدة قرابة 1000 حالة أسبوعياً على امتداد الأسابيع الأخيرة الماضية، ويتوقع خبراء الصحة الدولية، بأن تكون هناك حالات عديدة لم يتم الإبلاغ عنها في تلك الدول، التي أخذت تتوسع فيها تداعيات هذا الوباء وبخاصة غينيا وليبيريا وسيراليون، حيث يجري بعض التعتيم الإعلامي هناك عن ضخامة الأعداد المصابة بتلوثات فيروس الإيبولا الخبيث والقاتل.