متحدون ضد مخلفات الغذاء
«متحدون ضد مخلفات الغذاء»، هذا هو الشعار الجديد الذي أطلقته الدول الاسكندنافية الخمس (الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا وايسلندا)، على مشروعها المشترك لمحاربة مخلفات الغذاء المهدورة بملايين الأطنان على اتساع رقعة المنطقة، والذي سوف يشمل لاحقاً دول البلطيق الثلاث (ليتوانيا ولاتفيا واستونيا). فقد وجدت كل هذه الدول، التي يبلغ عدد سكانها قرابة 25 مليون نسمة، وتتمتع اقتصادياتها بأسواق مفتوحة ومرنة، ويُنظر إليها بأنها تمثل عاشر اقتصاد في العالم… أن من الضروري بمكان أن تتحد في مواجهة التحديات الصعبة من أجل توفير التغذية الصحية لشعوبها من مبدأ الاستدامة، وتكون رائدةً في مجال مكافحة انتشار النفايات الغذائية بشكل واسع، وتحقيق ضمانات السلامة الغذائية للجميع.
وقد تمكنت كل هذه الدول بفضل قوانين العدالة الاجتماعية وحماية حقوق الإنسان وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية بصورة مجانية وتوسيع ثقافة المجتمع، أن تجلب السعادة والرفاهية لشعوبها المتعذر تحقيقها في مناطق أخرى متعددة من العالم، واتباع مناهج وسياسات شاملة لمعالجة الأزمات والمشاكل، ومقاربة موسعة وشفافة لعمليات صنع القرار واتخاذ موقف الاحترام المتبادل تجاه القيم الطبيعية والتعاون المشترك والفعلي بين مختلف مؤسساتها الأهلية والحكومية الرسمية.
في اللقاء المشترك الذي نظّمه مجلس وزراء دول الشمال الاسكندنافية بالتعاون مع المركز الإعلامي الدولي في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول 2014، ظلّ ممثلو هذه الدول من الأساتذة ومدراء علوم الفيزياء والأحياء والتغذية والتكنولوجيا والتسويق، يشرحون بشكل مدهش كيف أن بلدانهم تستطيع تجنب الكثير من المخاطر البيئية الكارثية الرهيبة، التي تتسبب بها المواد الغذائية الفاسدة أو تلك الصالحة للاستعمال التي يتم إتلافها بسبب حدوث بعض الأخطاء في تحديد وتسجيل تواريخها الزمنية، وترشيد سبل التنمية الوطنية والإقليمية من خلال طرح خطط ومشاريع تدوير مخلفات الطعام وحماية مصائد الأسماك من حدوث التلوث وتربية الأحياء المائية والزراعة والأغذية والغابات والبيئة والتجارة والطاقة، وابتكار طرق مثيرة لتطوير المنتجات الجديدة من مختلف الموارد الطبيعية غير المألوفة، وخلق نمو متواصل وتوفير فرص العمل وتخفيف الاحتباس الحراري وتعزيز الاستخدام المبكر للمواد البيولوجية في المنطقة، وابتكار أنواع جديدة وراقية من المنتجات الغذائية، والاستدامة في تطوير الصناعات المختلفة، وزيادة إنتاج الكتلة الحيوية مع التركيز التام على خلق قيمة مضافة من الموارد غير المستخدمة والمنتجات الثانوية الأخرى، مع العمل على إعادة تصنيع كميات وافرة من الأغذية المتراكمة في مخازن المحال التجارية وقطاعات التجزئة والشركات الكبيرة في دول الشمال، والتبرع بها للإستخدام عبر المؤسسات والهيئات والمنظمات الإنسانية والخيرية، التي بدورها تقوم بعمليات تجميعها وتوزيعها على الطبقات الفقيرة والفئات المحتاجة والمشردين وبعض الكرنفالات الخاصة والمشاريع الفنية والثقافية الشعبية.
وتشكل المشاريع الاسكندنافية المتعلقة بالموارد الغذائية والتنمية، ومن بينها بنوك الغذاء التي تم تشييدها في ثلاث دول في المنطقة من أجل تطوير الخبرات وقدرات إعادة توزيع الغذاء في بلدان الشمال الاسكندنافي ودول البلطيق، جزءًا من المبادرة الشاملة والرائدة لدول المنطقة في مجالات النمو الأخضر وتعزيز التنمية الإقليمية، والتوجهات ذات الأهمية التعاونية الخاصة والأكثر كفاءةً للموارد الطبيعية المرتبطة بمشاريع الاندماج الطبيعي في الاتحاد الأوروبي المعنية بالتخلص من المخلفات الغذائية بشكل واسع ومبرمج.
وطالب ممثلو هذه الدول والنشطاء والخبراء والمدراء المشاركون في اللقاء، وفي مقدمتهم الناشطة في مجال البيئة سيلينا جوول الحائزة على جائزة الطبيعة البيئية من مجلس بلدان الشمال، بوقف سياسات هدر الغذاء وتوثيق التجارب المتعلقة بموارد التنمية الشاملة، وإعادة توزيع نظم التغذية فيما يخص منع النفايات الغذائية من الانتشار، وتذليل الحواجز التنظيمية المحتملة وتوسيع الفوائد الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير فرص العمل والتصنيع وتكريس القوانين والإجراءات السياسية القوية.