«يوم الكرامة» للأطفال ضحايا التعذيب
نظم في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2014، مهرجان موسيقي كبير لصالح الأطفال ضحايا التعذيب تحت عنوان «يوم الكرامة» لضحايا التعذيب والعنف العائلي، برعاية المعهد الدنماركي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب (آر. سي. تي) الذي يمتلك خبرة 30 عاماً في علاج ضحايا التعذيب، ويعتبر أحد أكبر وأهم مراكز تأهيل ضحايا التعذيب والعنف المنظم في أوروبا والعالم.
وكان الهدف من تنظيم هذا المهرجان الجماهيري الحاشد، هو الترويج لمناهضة أشكال التعذيب والعنف المنظم والمستمر، وانتزاع المعلومات من الأشخاص وتقويض حياتهم من الداخل وتحويلهم إلى ما يشبه الهياكل العظمية المشوهة، ولفت الأنظار إلى مختلف المخاطر المترتبة على ممارسة العنف، وتوعية الناس من أجل الدعم والتضامن مع ضحايا التعذيب ومساعدتهم على تخطي كافة الأزمات الروحية والنفسية والمادية التي يعيشونها، وتوفير سبل ومتطلبات الحياة الجديدة، التي قد تبعد عن هواجسهم وأفكارهم كوابيس القلق والخوف من المستقبل.
وبحسب مصادر المعهد الدنماركي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، يوجد في الدنمارك ما بين 30 إلى 40 ألف طفل غالبيتهم من أسر اللاجئين والمغتربين، يعانون من الإضطهاد والحرمان من الحقوق، الذي يمارس ضدهم من قبل عائلاتهم بشكل قسري، ما تسبب لهم بحدوث صدمات وعوارض نفسية قاسية وخطيرة، حرمت الكثيرين منهم من متابعة التحصيل المدرسي، وزجت ببعضهم في منزلقات الإجرام والسرقات والرذيلة والعنف.
وشارك في إحياء هذا المهرجان الكبير، الذي أقيم في ساحة بلدية العاصمة كوبنهاجن، والذي تضمن مجموعة واسعة من الأنشطة الثقافية والفنية المهمة، واستمر على مدى أربع ساعات متواصلة، مغنون وفنانون ومبدعون وراقصون كبار من مختلف مناطق الدنمارك، بحضور حشد جماهيري كبير. ولم تخلو مشاعره مطلقاً من الإحساس القوي والشديد بمعاناة ضحايا التعذيب الجسدية والنفسية العميقة، التي قد تظل تطارد مخيلاتهم في جميع الأوقات.
وتنص الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي صادقت عليها 155 دولة في العالم، على عدم استخدام التعذيب تحت أي ظرف من الظروف، بما يشمل ذلك النزاعات المسلحة أو مكافحة الإرهاب أو الاضطراب النفسي أو غيرها من الظروف الطارئة والخطيرة.
ولكن على الرغم من أن جميع الدول الموقعة على هذه الاتفاقية، قد تعهدت بمنع التعذيب ومكافحة الإفلات من العقاب عن طريق التحقيق بأشكال وافية في الانتهاكات وملاحقة مرتكبيها قضائياً، وتقديم مرتكبي تلك الأفعال إلى العدالة بصرف النظر عن مناصبهم ورتبهم وشخوصهم، وتوفير التعويضات للضحايا وعائلاتهم – فإن الملاحظ بشكل عام أن معظم هذه الدول لا تمتلك أي ثقافة تسامح مع الحريات العامة والأفكار المناهضة للسياسات الاستبدادية والقمعية والتخلف، بقدر ما تتسع في نطاق سياساتها قوانين وإجراءات العسف العام، التي تقيد حركة إطلاق الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قد ذكر في مناسبة إحياء اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب الذي تحتفي به الأمم المتحدة ودول العالم، في 26 يونيو/ حزيران من كل عام لمساندة ضحايا التعذيب والتشهير بجرائم التعذيب المنهجي، والدعم والتكريم للضحايا والناجين في أنحاء العالم، أن في مختلف مناطق الكون يتعرض مئات الآلاف من الناس لعمليات قمع وتعذيب منهجي، وهم جميعاً في حاجةٍ ملحةٍ من المجتمع الدولي، لتقديم الدعم المادي والمعنوي والتعويض الاجتماعي والصحي وكافة الطرق العلمية والفنية، التي تضمن إعادة تأهيلهم وتجديد حياتهم وتزرع الأمل في نفوسهم.
وأضاف بن كي مون أن «حكومات الدول الموقعة على اتفاقية مناهضة التعذيب مدعوة إلى البحث في مدى الأضرار المادية والجسدية والنفسية، التي تتسبب بها عمليات التعذيب بأشكالها المختلفة، والوصول إلى حلول موجبة تمنع استخدام التعذيب وارتكاب أي عمل وحشي وغير إنساني، ومكاشفة ومحاسبة مرتكبي كل هذه الجرائم الوحشية، وتقديم الدعم والمساندة والتكريم للضحايا والناجين من التعذيب بكافة الوسائل الممكنة والجدية.