نهاية عام من الغضب الكارثي
لقد انتهى العام 2014 على وقع زلازل وأحداث مرعبة وخطيرة، وأخرى اتسمت ببعض الاستقرار والهدوء النسبي، حيث كان العالم منقسماً بين مناطق سلام وديمقراطية، ومناطق حروب واضطرابات، وصراعات مسلحة وانتهاكات صارخة لحقوق الانسان، وكوارث بيئية وموت المئات من المهاجرين غرقاً في البحر، وتعرض العديد من نساء العالم للاضطهاد والمتاجرة والسبي… فيما تأمل البشرية في جميع أنحاء العالم، أن يكون العام الجديد 2015، عام الأمل والسلام والوئام والاستقرار، ونهاية لحدوث المجاعات وتوفير الملبس والمسكن والغداء والصحة والتعليم لكل الفقراء والمحتاجين في شتى بقاع العالم.
ففي مناطق السلام والاستقرار في غرب أوروبا وبعض مناطق شرق وجنوب آسيا، وعلى الرغم من بعض المنغصات، التي لبدت الغيوم الكثيفة في أجواء الأمن والسلام والاستقرار، مثل الحرب في شمال أوكرانيا وفوز الأحزاب اليمينية المتطرفة على الأصعدة الوطنية، وفي انتخابات البرلمان الأوروبي والتظاهرات ضد ما أسمي «أسلمة الغرب»، والاعتداءات المتكرّرة على الجاليات المسلمة ومقدساتها في أراضي بعض الدول الغربية، والاضطرابات والنزاعات العسكرية المستمرة في بعض بلدان شرق وجنوب آسيا وخصوصاً في تايلند والفلبين وشبه الجزيرة الكورية، لم تواجه جميع هذه المناطق أية مخاطر غزو أجنبي أو سيطرة عسكرية أو زلازل سياسية أو مجازر دموية رهيبة على غرار ما يحدث في مناطق الحروب والنزاعات المسلحة العسكرية في الشرق الأوسط وأفريقيا، بقدر ما يفكر زعماؤها بكيفية بقاء بلدانهم بعيدة عن أجواء الصراعات والاضطرابات، وقريبة جداً من التغيرات والتحولات السريعة الموجهة لتطوير العالم والتكنولوجيا الحديثة.
هؤلاء القادة لا يرغبون بأية صورة من الصور، أن تهتزّ أجزاء راسخة من ركائز الحرية والديمقراطية، التي تكرّست وتعزّزت في دولهم على مر التاريخ، كما لا ترغب شعوب وساسة كل تلك الدول بإشعال نيران الحروب بينها، رغم إمكانية وجود نزاعات محتملة بين هذه الدول على مدى سنوات قادمة بسبب تصعيد الصراعات القومية والإثنية والحدودية والتعصب الديني.
وعلى عكس مناطق السلام والاستقرار، فإن مناطق التوتر والحروب والاضطرابات في الشرق الأوسط وأفريقيا، قد شهدت خلال العام الماضي حروباً ومآسٍ كثيرة، حرمت كل شعوبها من نعمة الأمن والسلام والوئام والاستقرار والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتحفيز الأفكار والخطط والمهارات العلمية والفنية المنتجة والكابحة لمشاريع وجنون التخلف.
ففي معظم هذه المناطق تلاشت فرص الأمن والسلام والاستقرار، وتغلبت أساليب الحرب والقتال والظلم والبطش والعودة إلى ماضي عصور الظلام، على غيرها من أدوات الديمقراطية والأمن والسلام والحريات. ففي سورية والعراق وليبيا والصومال، وبصورة أقل في اليمن والجزائر وتونس، توجد هناك حروب طاحنة تخوضها حكومات تلك البلدان ضد تنظيم «داعش» الإرهابي وتنظيم «القاعدة» وفروعها في كل هذه المناطق.
وهناك حرب ظالمة في فلسطين، وحروب أخرى في باكستان وكشمير وأفغانستان، ومحاولات تمرد وانقلابات عسكرية ونزاعات مسلحة، إلى جانب كارثة مرض «الإيبولا»، التي هزت جميعها كيان القارة الأفريقية. وليس هناك اليوم، أي أفق موجب جديد لمكافحة الأزمات والمشاكل المستعصية والفظائع التي تسود كل هذه المناطق. ومن المرجح أن يأتي العام 2015 وقد أصبحت مناطق التوتر والاضطرابات أكثر تضرراً وتعسفاً ومأساوية، مما كانت عليه خلال العام 2014، حيث لا تزال هناك بؤر للتوترات والحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية البيئية، التي يمكن أن تعكّر أجواء الأمن والاستقرار في تلك البلدان.
وإذا كان المجتمع الدولي برمته يسعى إلى تشكيل عالم جديد كما تطمح إليه كافة الأمم والشعوب في العالم، فإن عليه القيام بإنجازات ضخمة في العام الجديد (2015)، تشعر من خلاله جميع الأمم والشعوب، بتغييرات جذرية وانتصارات كبيرة في مختلف ميادين الحرب على الإرهاب، وتطوير التقدم التكنولوجي والعلمي والتخفيف من وطأة الكوارث الطبيعية والمجاعات والفقر ومكافحة التصحر والاتجار بالمخدرات والبشر.