انقسام أوروبي حول فكرة «جيش موحد» للدفاع عن القيم الأوروبية

رداً على المخاوف والرعب، الذي يطارد شعوب القارة الأوروبية، نتيجة التهديدات المتكررة من قبل المنظمات الإرهابية، وكذلك شعور حكومات الغرب بالقلق من إمكانية تدهور العلاقات مع روسيا بسبب النزاع الأوكراني، واحتمالات نشوب مواجهة عسكرية مفتوحة بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي… دعا رئيس المفوضية الأوروبية، دول الاتحاد إلى ضرورة تأسيس «جيش أوروبي موحد» يقوم بدور الدفاع عن مختلف القيم الأوروبية، التي تتعرض إلى المخاطر والتهديدات المحتملة الخارجية، وتوحيد سياسة دول الاتحاد على المستوى الخارجي في مسائل الشئون الدفاعية والأمنية.

وتحدث جان كلود يونكر في تصريح لإحدى الصحف الألمانية، عن مختلف الهواجس الأمنية في أوروبا، والخشية من تصعيد الأوضاع العسكرية مع روسيا، التي يعتقد الغرب بأنها لاتزال تؤجج جذوة النزاع في جنوب شرق أوكرانيا، ولكنه استدرك دعوته بتأسيس الجيش الأوروبي الموحد بالقول إن «ذلك الجيش لا يمكن المغامرة به وزجّه في أتون أية معركة عسكرية مباشرة، ولكنه يمكن أن يظهر لروسيا وغيرها، مدى الجدية الصارمة في محاولات الدفاع عن القيم الأوروبية».

دعوة يونكر، من المحتمل أن تناقش خلال اجتماع قمة دول الإتحاد الأوروبي، التي من المقرر أن تنعقد في شهر يونيو/ حزيران 2015، ولكن ما اعتبره المراقبون في الشأن السياسي الأوروبي بأنها دعوة قد لا تتعدى كونها فقط استعراضاً لمهام القوة، ولم تصبح حقيقة قائمة على أرض الواقع، حيث لايزال الجدل حول فكرة إنشاء جيش أوروبي موحد يحث الخطى بين مختلف دول الاتحاد وخصوصاً من جانب ألمانيا، التي مازالت تراودها فكرة إنشاء ذلك الجيش، الذي سوف يحمل لواء العقيدة الأمنية للدفاع عن القيم والمصالح الأوروبية أمام كافة التحديات والمخاطر، لأنها – بحسب المراقبين – تريد أن تعزّز تأثيرها في أوروبا.

وكذلك بريطانيا التي تشكّل القوة الضاربة العسكرية في أوروبا وعلى المستوى العالمي، وتعارض الدعوات المطالبة بتأسيس جيش أوروبي موحد، حتى لو أنه سيقوم بدور مميز للدفاع عن القيم الأوروبية، حيث كرّر رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون، معارضته المبدئية لفكرة الجيش الأوروبي الموحد في أكثر من مناسبة، وأيّد فكرة «الاعتماد الذاتي» على قوة الجيوش الوطنية للدفاع عن أوطانها.

وقال كاميرون إن بريطانيا لم تدعم هذه الفكرة بالمطلق، وأضاف «إن موقفنا واضح جداً حول هذه المسألة، ولن نغيّر هذا الموقف. وأن مسائل الدفاع عن الوطن هي من مسئولية الدولة المعنية، وليس من مسئولية الاتحاد الأوروبي». وهذا الموقف تؤيده الولايات المتحدة الأميركية، التوأم الحميم لبريطانيا، التي ترى بأن تأسيس الجيش الأوروبي الموحّد يمكن أن يهدّد قوة حلف الناتو، الذي تضع ثقل هيمنتها عليه.

وإلى حدّ اللحظة الراهنة، لا يوجد هناك موقفٌ موحدٌ بين دول الاتحاد الأوروبي حيال فكرة إنشاء الجيش الأوروبي الموحد، أكثر من مشاعر التمنيات لدى بعض الدول الصغيرة والضعيفة في الاتحاد، من أجل تحقيق تلك الفكرة على أرض الواقع لحماية أمنها ومصالحها، التي باتت بيرقاً في أيادي دول الاتحاد القوية.

Loading