فقراء أوروبا يواجهون حياة صعبة وقاسية

يتوقع الخبراء في الشأن الاقتصادي الأوروبي، أن شعوب دول الاتحاد الأوروبي، تنتظر الدخول في دوامة اقتصادية صعبة، بسبب إصرار حكومات هذه الدول، على استمرار تنفيذ سياسات التقشف المجحفة، التي مارستها في أعقاب توسع الأزمة الاقتصادية العالمية، التي كبحت اقتصاديات غالبية الدول منذ مطلع العام 2008. وهو ما جعل الطبقات الفقيرة والمتوسطة تشعر في نهاية الامر بالكثير من القلق المشوب بالخوف من حدوث تغييرات مفاجئة وخطيرة في مستويات حياتهم ومستقبلهم المعيشي، في ظل المشاكل الكثيرة، التي يمكن أن تترتب عليها المنغصات الشديدة، التي تسعى الحكومات الأوروبية لفرضها، في مجالات الأمن الاجتماعي والصحة وضمانات التقاعد والتعليم وحقوق العمال والضرائب غير العادلة، وقضايا معيشية ضرورية أخرى على المستوى الاجتماعي.

بعض تقارير منظمة «أوكسفام» الدولية، تحدّثت عن تزايد حالات الفقر في المجتمعات الأوروبية، بسبب موجة التقشف العالية، وتباطؤ نمو الاقتصاد الأوروبي، حيث بلغت نسبة الفقراء خلال السنوات الثلاث الأخيرة، قرابة 146 مليون شخص، أي ما يعادل ربع عدد سكان القارة الأوروبية، بالمقارنة مع 121 مليون نسمة في العام 2011. وتشير توقعات المنظمة الدولية، إلى صعود تلك النسبة بمقدار 25 مليوناً بحلول العام 2025 في حال استمرت هذه الحكومات في تنفيذ إجراءات التقشف الصارمة.

وفي هذا المجال، قالت رئيسة مكتب الإتحاد الأوروبي في منظمة «أوكسفام»، نتاليا ألونسو: «إن التخفيضات الشديدة للغاية في الأمن الاجتماعي والصحة والتعليم وتدني حقوق العمال، والضرائب المجحفة، قد تجعل ملايين الأوروبيين محاصَرين في دائرة واسعة من الفقر، يمكن أن تستمر لعدة أجيال لاحقة».

وفي آخر تقرير للبنك المركزي الأوروبي، أشار إلى وجود أكثر من 19.175 مليون شخص عاطل عن العمل في مختلف دول الاتحاد الأوروبي، وارتفاع طفيف في مستويات التضخم في منطقة اليورو، بدأ منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 2014.

وأضافت تقارير المنظمة الدولية أن الأمر ربما يستغرق قرابة 25 عاماً لكي تستعيد الشعوب الأوروبية، مستويات المعيشة العامة، التي تمتعت بها منذ أكثر من خمسة أعوام. وقالت إن نسبة 10 في المئة من الأثرياء هم وحدهم فقط، الذين إستفادوا من إجراءات التقشف القائمة حالياً.

وقالت نتاليا ألونسو «إن الفجوة بين الأغنياء والفقراء في كلٍّ من المملكة المتحدة وإسبانيا، ربما ستصبح في المستقبل القريب، على غرار الأوضاع القائمة في دولة جنوب السودان أو باراغواي، وفي كل مكان آخر يعمّ فيه الاقتصاد الضعيف». وأضافت أنه بوسع الحكومات الأوروبية أن تتجاوز كافة الظروف الصعبة، عبر توفير المليارات من أجل تحسين مستوى الخدمات العامة الضرورية والملحة، عن طريق زيادة الضرائب على الأثرياء ومكافحة الفساد والتهرب الضريبي.

ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي في البنك الدولي سابقاً جوزيف ستيغليتز، الذي أجرى تحليلات مضنية لهذه الظاهرة المقلقة، بأن فترات صعبة وقاسية قد تواجه الطبقات الفقيرة في عموم أوروبا، على مدى السنوات القادمة، وأنّ «موجة التقشف الاقتصادي التي لاتزال تواجه القارة الأوروبية، تُنذر بإحداث أضرارٍ خطيرةٍ ودائمةٍ على النموذج الاجتماعي الحضاري»، الذي ظلت تتمتع به شعوب أوروبا، قبل أن تجتاح بلدانهم عاصفة الأزمة الاقتصادية العالمية

Loading