أزمة الديون تثقل كاهل أوروبا

عندما حدثت الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، في مطلع العام 2008 وجدت أوروبا نفسها تعيش تحت وطأة الضغوط المالية المفرطة، ولكن بدلاً من تبني سياسات صحيحة وكفيلة بإنقاذ الاقتصاد الوطني وتخطي الأزمة، أقدمت حكومات الدول الاوروبية والفئات السكانية على حد سواء، على انتهاج سياسات اقتصادية ومالية متسرعة وخاطئة أنهكت كاهل الجميع.

وبسبب كل هذه السياسات المتسرعة والخاطئة، أصبح تراكم الديون سواء من جانب القطاعات الحكومية أو الأهلية من الأمور التي تقلق مضاجع المدينين والدائنين، وتضعهم دائما تحت وطأة الضغوط المالية والنفسية الصعبة والقاسية، بسبب تعثرهم وعدم قدرتهم على الوفاء بتعهداتهم والتزاماتهم نحو تسديد تراكم الديون الكثيرة، التي أغرقتهم.

وفي نفس الوقت، الذي تتصاعد فيه حمى أسعار السلع والمواد الاستهلاكية اليومية والإيجارات والمشتقات النفطية والغاز والكهرباء والتدفئة، يجد المواطن الأوروبي نفسه دائما مضطرا للاستدانة النقدية، وتستهويه بين حين وآخر جميع الاغراءات والتسهيلات المصرفية العديدة، التي أصبحت تغري بها المصارف الوطنية زبائنها، في وقت يرى فيه غالبية المتورطين بتلك الديون، أنفسهم في مواجهة التزامات ضخمة ناتجة عن حالة الديون الصعبة.

ويرى خبراء الاقتصاد في أوروبا، بأن إغراءات الفوائد المنخفضة، وثقل تدابير التقشف أثقلت كاهل النمو، وأعاقت عملياً مهمات سداد الديون، الأمر الذي أدى بدوره في نهاية المطاف، إلى انهيار النظام الاقتصادي الأوروبي برمته.

وتتباين المواقف الأوروبية، إزاء المعضلة الاقتصادية والمالية بقدر واسع، فبينما أخذت حكومات الدول الاوروبية المتأثرة بمختلف عوامل الانهيار الاقتصادي والنقدي، تبرر لنفسها ضرورات التقشف والأمر الواقع وصعوبات تخطي أزمة الديون، يرى الخبراء في عالم الاقتصاد والمال، أن دوامة الأزمة المالية، التي هزت الكيان الاقتصادي الأوروبي برمته، كانت نتيجة السياسات الاقتصادية والنقدية الحكومية الرسمية والمصرفية السلبية والخاطئة، والتي ساهمت بدورها في تعميق مستويات الأزمة المستمرة، وتوريط المواطنين في ديون جديدة تفوق مستويات المداخيل المالية، التي يحصلون عليها، وتضعهم تحت وطأة الظروف المالية والنفسية الصعبة والخطيرة، ويرون أن على حكومات هذه الدول، أن توجه جل اهتماماتها نحو تصحيح الاعوجاجات، التي ألحقت أضرارا بالغة في اقتصادياتها الوطنية وعلى المستويات الشعبية، ولاسيما بالنسبة إلى الطبقات المتوسطة والفقيرة، كما أبدوا بعض النصائح الضرورية والواقعية المهمة، للمصارف الوطنية الاوروبية، بأن تتبنى مشاريع تخفف من الضرر الاقتصادي، وإجراء خفض مستقبلي في الفوائد، وتوجيه كل الفوائض المالية نحو القروض والمشاريع المنتجة والمفيدة، بدلا من تكريس رغبة ثقافة الجشع والطمع لجني المزيد من الأرباح، والتي تقع نظريا على عاتق المستهلك، الذي بات غير قادر على دفع معظم المستحقات المتراكمة والفوائد.

Loading