مقتل عالم الآثار السوري خالد الأسعد… للمرة الأولى في تأريخ البشرية
تسببت تضحيات والتزامات عالم الآثار السوري خالد الأسعد المبدئية بالدفاع عن آثار مدينة تدمر السورية، بتعذيبه وإعدامه، على أيدي مقاتلي «تنظيم داعش» الإرهابي، في إحدى ساحات المدينة، ومن ثم التمثيل بجثته وتعليقها للعرض أمام الجماهير الحاشدة، من دون أدنى ضمير أو شفقة أو وازع، في مشهد كارثي رهيب، لا يستطيع عاقل أن يغفر، أو أن ينسى للقتلة فعلهم المشين والبعيد كل البعد، عن جوهر القيم الإنسانية والأخلاقية والمعتقدات السماوية السمحة.
مهما كان موقف الأسعد، من فكر التنظيم المعادي لكل شيء جميل في الحياة، أو من أنه رفض الكشف عن الأماكن التي خبئت فيها القطع الأثرية الثمينة في جوانب مدينة تدمر، فإن الأمر لا يعني أن يقوم هؤلاء الذئاب الكاسرة، بتعذيب وقتل إنسان له الحق بالعيش في الحياة الدنيا، سواءً كان إنساناً جيداً أو سيئاً، مسيحياً كان أو مسلماً أو يهودياً أو معتنقاً لمعتقدات أو ديانات أخرى.
لقد كان مقتل الأسعد، بهذه الطريقة البشعة والمخزية، في عالم تسود فيه كافة قيم الإيمان والتسامح والإخاء والتعاون وحق الآخر في التوجه والفكر والعمل والحياة، كارثة إنسانية وأخلاقية بكل ما في هذه الكلمة من معنى.
أما هؤلاء الظلاميون التكفيريون والسفاحون الجهلة والمراهقون المارقون، من المنتمين علناً إلى مذهب «تنظيم داعش» الإرهابي، فإنهم يستخدمون دين الإسلام الحنيف، الذي يمثل حقاً رسالة إيمان وحقوق وإخاء وتضامن وتسامح بين البشر، من أجل أغراض جاهلية، ومآرب وأهداف دنيوية عقيمة، في حين أن الإسلام الحقيقي والواقعي يحرّم بالمطلق كل تلك الأفعال، وتجرّمها كافة القوانين والمعاهدات والشرائع الدولية، فهؤلاء هم أصحاب الباطل ومروّجو أساليب الشر.
ولكن… إن كان القتلة المجرمون، الذين عذّبوا وقتلوا هذا الشيخ المتقدم في السن، ومن قبله قوافل من الرجال والنساء الأبرياء، سواءً من العلماء أو المفكرين والمثقفين والمبدعين، أو الناس العاديين، يظنون أن هناك من يطبل ويزمر ويدعم أفكارهم الجنونية، والرقص على مشاهدة مسارح أعمالهم وأفعالهم المخزية والدامية، فإنهم بكل تأكيد متوهمون وأغبياء، لأنه لم يسمع أحدٌ في تاريخ البشرية البعيد، على امتداد تعاقب الأديان والرسل، أن هدمت أو حرقت أو دمّرت كنائس، أو معابد، أو مساجد الله، أو معالم وآثار تاريخية عريقة ومهمة، تحت أية مسوّغات أو مبررات، سوى في تاريخ هذا التنظيم الهمجي العنيف، وسابي النساء، ومحلّل الزنا، ومكفّر الناس، الذي يطلق على نفسه اليوم «تنظيم الدولة الإسلامية»، والذي هو حقاً لا يمثّل سوى نفسه، ولا يربطه أي رابط بالرسالة الإسلامية، التي ظهرت وانتشرت لكي تجلب الإيمان والسلام والرخاء والإخاء والوئام والتسامح والعلم، وليس لشن الحروب وجز الرؤوس وقطع الأرزاق، وتدمير كل شيء جميل في الحياة البشرية الحرة، ومختلف معالم الطبيعة الحية.
وبهذا يكون الأسعد، وكل ضحايا «تنظيم داعش» الإرهابي، قد قضوا نحبهم، نتيجة الظلم والاستهتار بالقيم الإنسانية والأخلاقية والروحية، التي تقرها وتحترمها وتقدسها كافة الشرائع السماوية والوضعية. ومع ذلك، فإن من كانوا يدعون بحماية «الرسالة الآلهية» و»أحكام الشريعة الإسلامية» يفاخرون بكل أعمالهم وأفعالهم الدنيئة والمحرمة، ويتوقون إلى هدر المزيد من دماء الأبرياء من الناس.