الهدف الآخر بعد «أزمة المهاجرين» إلى الغرب

عندما توسع نطاق الهجرة الجماعية الكبيرة، إلى ما توصف «بأرض الاحلام» في أوروبا، نتيجة حرية التنقل داخل دول الاتحاد الاوروبي، التي بلغت الذروة خلال السنوات الأخيرة، وأسفرت عن أوضاع اجتماعية واقتصادية وأمنية خطيرة في عدد من دول الاتحاد الغنية، أدركت حكومات الغرب، أنها تقف أمام «ظاهرة تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين» والتي يتعسر عليها كبح تناميها بسهولة، فكل هذه الحكومات مطالبة بالعمل على تنفيذ التزاماتها الوطنية والقارية والدولية تجاه جميع القوانين والاجراءات والاتفاقيات والمعاهدات المعمول بها في نطاق حماية الناس الذين يحتاجون إلى الحماية من مختلف غوائل الظلم والاضطهاد، في الوقت نفسه الذي تحاول فيه تجنب الأزمات الناتجة عن هذه الظاهرة المقلقة، عن طريق تبنيها مشاريع وبرامج كفيلة بالتخفيف من وطأة موجات الهجرة المتنامية إلى أوروبا. وخلال الشهور الاخيرة من هذا العام (2015) تكاثرت دعوات كبار المسئولين في حكومات الدول الاوروبية، إلى أن تكون أولوية دول الاتحاد الاوروبي، هي إعادة القدرة على السيطرة على تدفق المهاجرين واللاجئين غير الشرعيين، الذين يغامرون بحياتهم من أجل الوصول، إلى ما قد يصورونه لأنفسهم (بجنة أوروبا) المزدهرة بالعطاء والمسئولية.

وفي 24 أغسطس/ آب 2015 عقد في العاصمة الالمانية برلين، اجتماع طارئ لكبار المسئولين، في الدول الاوروبية، التي تتوفر فيها النسبة الاكبر من اللاجئين، وذلك من أجل مناقشة أزمة المهاجرين، وإعطاء دفع أقوى لتنفيذ القرارات والتوصيات، التي اتخذها الاتحاد الاوروبي، في نهاية شهر يونيو/ حزيران 2015 بشأن تقاسم حصص استقبال المهاجرين، ووضع آليات متكاملة للخروج من الأزمة الكبيرة، التي أنهكت السياسة والاقتصاد الاوروبي.

وفيما ظلت تقول حكومات بعض الدول الاوروبية، التي تعاني من استمرار تدفق المهاجرين واللاجئين، أنه لا يمكن أن يتعين عليها وحدها فقط، تأسيس وحدات المراقبة الدائمة على حدودها، ورفض الأشخاص الذين يتدوافدون عليها من دول أوروبية آمنة، بل يتعين أيضا على الدول الاوروبية الأخرى فعل ذلك حتما بدلا من مراقبتها بشكل غير منهجي أو عدم مراقبتها على الاطلاق، شدد وزير الخارجية الالماني فرانك شتاينماير، على ضرورة أن تفي أوروبا بوعودها والتزاماتها الوطنية والدولية، تجاه قضايا الهجرة، وقال: «إن الحق الأساسي الذي قدمته أوروبا، بضرورة حماية الناس الذين يحتاجون إلى الحماية» يجب التمسك به بجدية.

أما وزير الخارجية النمساوي سبيستيان كورتس، فقد رأى أن أزمة المهاجرين واللاجئين في أوروبا، أصبحت «قضية تفوق الواقع» وقال في حديث صحافي مع صحيفة «كرووتن تزايتونغ» النمساوية في 23 أغسطس 2015 «يجب على أوروبا أن تتعامل بجدية مع ظاهرة تنامي الهجرة، واقترح بناء خطة مستقبلية طويلة الأمد لمواجهة تلك الأزمة، تشتمل على خمس نقاط رئيسية كنهج معقول لمواجهة أزمة اللاجئين، تتمثل في محاربة تنظيم داعش في العراق وسورية وربما أيضا في ليبيا، وإقامة مناطق آمنة في مناطق النزاعات والحروب، وحماية حدود أوروبا من المهاجرين غير الشرعيين، وتركيز الاهتمام في مناطق البلقان التي تشهد فوضى عارمة في قضايا الهجرة، وتوزيع عادل في حصص اللاجئين بين دول الاتحاد الاوروبي». ودعا إلى ضرورة أن «تعي أوروبا فكرة القوة العظمى» وطالبها بالعمل متحدة مع أزمة اللاجئين الخطيرة.

وتتفق غالبية زعماء دول الاتحاد الاوروبي فعلا مع طروحات وزيري خارجية ألمانيا فرانك شتاينماير، والنمسا سبيستيان كورتس، أنه يجب التعامل مع أزمة اللاجئين في أوروبا بتوحيد جميع الجهود والامكانات، التي يمكن أن تخفف من وطأة تنامي موجات الهجرة بأعداد هائلة للغاية، والمتوقع استمرارها بواقع الوضع الراهن، لدرجة يعتبرها البعض «مشكلة مشاكل» المستقبل، التي قد تصل ببلدان الاتحاد الاوروبي إلى مراحل متطرفة مدمرة تجاه مختلف قضايا الهجرة.

Loading