فقراء العالم بين مطرقة الحروب وسندان الجوع
يتوقع خبراء دوليون، أن تنامي موجات الجوع والفقر والفقر المدقع، في مختلف البلدان الفقيرة والنامية، سوف تحصد على مدى السنوات القليلة القادمة، أرواح ملايين الناس، نتيجة الكساد والحروب والنزاعات المسلحة على نحو كارثي في جميع المناطق الموبوءة والمنكوبة، في وقت بدأت تشعر فيه الدول الغنية، بأنها قد تقف عاجزة عن تحمل الجزء الأكبر من المسئوليات، تجاه تقديم المساعدات الكبيرة، إلى الدول النامية؛ لانها هي نفسها بدأت تعاني الكثير من جراء الازمة الاقتصادية العالمية، وتحاول سد العجز في موازناتها؛ من خلال تقليص الانفاق العام وإغلاق العديد من المنشآت والمصانع الحيوية المهمة، وتسريح العديد من العمال والموظفين في العديد من المؤسسات الرسمية والاهلية.
وتقول تقارير الأمم المتحدة الحديثة، حول مشاكل الفقر والفقر المدقع، التي تعاني منها الدول النامية في الوقت الراهن، أن «التقدم العالمي» الذي تحقق في مسألة الأمن الغذائي، التي حددتها أهداف التنمية الألفية للقضاء على الجوع، لم تحرز سوى القليل، رغم كثرة الخطوات والبرامج الانمائية التنموية، التي شهدتها السنوات الاخيرة، حيث لم تتراجع نسبة «أمراض سوء التغذية» في الدول النامية، نتيجة الفقر المدقع، سوى 12.9 في المئة، من أصل 23.3 في المئة، عما كانت عليه قبل قرابة ربع قرن من الزمن.
وفي الحقيقة، فإن غالبية الدول الفقيرة والنامية، مايزال ينتابها الشعور (بخيبة الأمل) لتباطؤ عجلات التقدم في مختلف مشاريعها التنموية، وعدم مصداقية البلدان الغنية، بشأن تنفيذ كافة وعودها وتعهداتها والتزاماتها الوطنية والدولية، في ما يتعلق بمسائل القضاء على مختلف مظاهر الجوع والفقر المزمن حول العالم، وأبرز ما يكون هذا القلق والتخوف، في بلدان إفريقيا وشرق آسيا وبعض دول المحيط الهندي، حيث تتصاعد هناك بقوة معدلات الفقر والفقر المدقع، وتصل إلى مستويات مقلقة وخطيرة؛ بسبب تزايد النمو السكاني الهائل، ونقص الموارد الغذائية، نتيجة الكساد والفساد والحروب وكثرة الكوارث البيئية.
لكن يعتقد الخبراء في نفس الوقت، أنه بامكان الدول الغنية، رغم تراجع مستويات مواردها وموازناتها المالية، بسبب الازمة الاقتصادية العالمية، تستطيع أن تجد بعض الحلول السريعة والناجعة لمعالجة مشاكل الفقر في مختلف الدول النامية والفقيرة، من خلال تقنين المساعدات الاقتصادية العامة، وتوجيهها في مساراتها الصحيحة، وتقديم التكنولوجيا الحديثة، التي يمكن أن تساعد شعوب الدول النامية على مواجهة الازمات الجديدة، ومواكبة التحديث العالمي المتسارع بقوة، والتصدي لمسائل الفساد والرشى، التي أخذت تنخر مختلف مؤسسات هذه الدول على كافة المستويات الرسمية والاهلية، ومحاولات منع نشوب الحروب والنزاعات المسلحة، التي تستنزف مكونات اقتصادها وطاقاتها البشرية.