المناخ واللاجئون من منظور عالمي
بقيت مسائل تغير المناخ والبيئة، وقضايا اللجوء والهجرة على المستوى العالمي، محل اهتمام الحكومات والمجتمع الدولي برمته. ومنذ أن صدّقت 195 دولة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ منذ العام 1992. اعتماد بروتوكول كيوتو في العام 1997 من أجل تطبيق هذه الاتفاقية، ودخوله حيز التنفيد بحلول العام 2005. وقد حدد هذا البروتوكول، أهدافاً عدة تمثلت في تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة والحد منها للبلدان المتقدمة والبلدان ذات الاقتصاد الانتقالي.
وباشرت الدول الموقعة عليه، أعمالاً في العام 2007 ترمي إلى إعداد اتفاق بشأن المناخ لفترة ما بعد العام 2012، يطبق على جميع الدول، التي تتسبب في انبعاثات الغازات الدفيئة.
ووضع مؤتمر كوبنهاجن في العام 2009 ومؤتمرات كانكون (2010) وديربان (2011) والدوحة (2012) الأسس الأولى لهذا النظام الدولي الجديد، من خلال تكميل الصكوك والبروتوكولات القائمة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو.
وخلال مؤتمر المناخ (cop 15) في كوبنهاجن، تم الاتفاق على أن تقوم الدول الغنية في العام 2020 بتوفير أكثر من 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول النامية على مواجهة تحديات المناخ ومستقبل اللاجئين في العالم.
وأكدت جميع الدول في العام 2011عزمها على إبرام اتفاق جديد بشأن المناخ في العام 2015، بغية دخوله حيّز التنفيذ في العام 2020.
وفي الوقت الذي يجتمع فيه قادة العالم، خلال المؤتمر الدولي للمناخ (cop 21) في باريس في نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول 2015 فإن ملايين الناس من مختلف مناطق العالم يفرون من وطأة الحروب والصراعات وجفاف الطبيعة نتيجة عوامل تغير المناخ والكوارث الطبيعية القاسية، التي تجتاح في الفترة الراهنة كوكب الأرض.
وفي 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 انعقد في قاعة المؤتمرات بالبرلمان الدنماركي، مؤتمر دولي حول المناخ تحت عنوان (المناخ واللاجئون من منظور عالمي) شارك فيه وزير الخارجية الدنماركية السابق مارتن ليدكارد، وعدد من الخبراء وعلماء البيئة من عدة دول أوروبية وآسيوية وافريقية، من بينهم الدكتور سليم الحق، رئيس المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية (بنغلاديش) عضو لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة، وايما بوا، رئيسة برنامج تعلم تكيف المجتمعات الإفريقية مع المناخ واللاجئين (كينيا) والخبير كير هيرنو، منسق برنامج تمويل المناخ الدنماركي والدولي، وهيلي رافنبورك، الباحث في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية، وآخرون. وتحدث الجميع عن الصعوبات البالغة، التي ستواجه العالم برمته، في مجالات المناخ والبيئة واللاجئين، بسبب الضغوط المتزايدة، التي تتعرض لها موارد الأرض الطبيعية، والأعاصير العاتية، التي تجرف المناطق الشاسعة في البلدان، التي مازالت تفتقد للبنى التحتية الأساسية للمسائل البيئية، وعدم الاستقرار الاقتصادي والمالي، في الكثير من مناطق العالم، وانتشار الحروب والصراعات والأوبئة، وتوسع محنة اللاجئين، وانشغال العالم الصناعي، بقضايا التصنيع والتحديث، على حساب القضايا الإنسانية والبيئية.
ورأى المشاركون في المؤتمر، أنه حتى مع أكثر التقديرات تحفظاً، يبدو أن الأمور المناخية والبيئية وقضايا اللجوء، سائرة في أنحاء كثيرة في العالم، نحو واقع صعب للغاية، بسبب تراخي الحكومات المتطورة، وكذلك المجتمع الدولي، في استحداث مشاريع وبرامج جديدة، يكون من شأنها الدفع باتجاه معالجة الأسباب الرئيسية العامة، التي قد تؤدي، إلى حصول الكوارث البيئية، وتغير المناخ، وتزايد نسب اللاجئين في الوقت الراهن.
وشدد جميع المتحدثين على هامش المؤتمر، على ضرورة، أن تلتزم جميع حكومات الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة وبروتوكولاتها بشأن المناخ واللاجئين، بتعهداتها الوطنية والدولية وتنفيذ قراراتها وتوصياتها على أرض الواقع، وإطلاق مبادرات دولية جديدة، حول كل هذه الأمور الملحة، خلال مؤتمر المناخ في باريس، تتضمن أهداف الأمم المتحدة الإنمائية الألفية، التي وضعتها من أجل التصدي لجميع المشاكل المتعلقة بالمناخ والبيئة ومساعدة اللاجئين الفارين من مختلف مناطق الحروب والنزاعات المسلحة، وتأمين سلامتهم في نطاق الملاذات الآمنة، وتوفير فرص العيش لهم بكرامة.
وتحدثت تقارير خبراء البيئة واللجوء، عن وجود مئات الملايين من الأشخاص في مناطق الحروب والاضطرابات، والمناطق المنكوبة والموبوءة، من بينهم الأطفال والنساء، الذين يعانون من قسوة الطبيعة وأوجاع الحروب وآلامها، ومن جميع المشاكل الصحية والنفسية والاقتصادية الصعبة، التي تحتاج إلى حلول عملية وفعلية ضرورية وسريعة، ولا تحتمل أي تأخير، حيث إن سيناريوهات أزمات المناخ واللاجئين ـ بحسب الخبراء – مازالت قابلة للتمدد خلال المراحل الحالية وفي العقد المقبل، إذا لم يتعاون المجتمع الدولي والحكومات، على التصدي لها وكبحها والانتصار عليها.