نحو قيام نظام عالمي جديد وعادل
في 18 أبريل/ نيسان 2016 انعقدت في العاصمة الدنماركية (كوبنهاجن)، بدعوة من «مؤسسة إكزكتف أنتلجنسن ريفو الدولية» ندوة سياسية – اقتصادية، تحت عنوان «من طريق الحرير الجديد إلى الجسر البري العالمي» في قاعة المؤتمرات بالمكتبة العامة التابعة لبلدية فردرسبيرك – كوبنهاجن.
شارك في أعمال الندوة، مجموعة من السياسيين والاقتصاديين والخبراء والمستشارين الأوروبيين والأميركيين والآسيويين والأفارقة والصينيين والروس، قدم بعضهم دراسات وتصورات مستقبلية عديدة، حول قيام نظام دولي عادل وجديد، يمكن أن تعيش في ظله البشرية جمعاء، حياة جديدة آمنة ومستقرة وخالية من الحروب والمنازعات والاضطرابات والمجاعات والفقر.
وتمحورت أعمال الندوة، التي استمرت على مدى ثلاث ساعات ونصف الساعة، وكان من بينها كلمة مطولة عبر بث مباشر بالانترنت من واشنطن، إلى سيدة طريق الحرير الجديد، هيلجا لاروش، حول عدة قضايا أساسية جوهرية، دار حولها صراع عنيف وتحديات كبيرة، في إطار الانتقال من نظام عالمي مثقل بالصراعات والاضطهاد والتعسف والعنف، إلى نظام عالمي متحضر جداً، تزداد فيه فرص الاستقرار والأمن والمساواة والعدل قوة وصلابة ورسوخاً.
وكان من أبرز تلك القضايا، التي دار حولها نقاش عميق، هي كيفية قيام النظام العالمي الجديد، الذي بدأ ينبثق في الفترة الحالية، من خلال تأسيس مجموعة دول «البريكس» وإعلان الصين بالذات عن نيتها التعاون مع دول العالم برمته لتشييد الحزام الاقتصادي القوي لطريق الحرير الجديد، الذي سعى لتكريسه وتعزيزه الرئيس الصيني، شي جينبينج، من خلال زياراته المكوكية الأخيرة، إلى عدة دول مؤثرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر وايران، من أجل حث حكوماتها على الانضمام للمشروع العالمي الجديد، الذي يستهدف الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار العظيم، ويبدد الخوف والقلق من أتون الحروب والدمار، الذي لا يمكن تحمله في عصر التقدم والتحرر والتنمية وحقوق الإنسان.
كما تخلل هذا النقاش المطول، عرض تقرير شامل ودقيق، يوضح عبر أكثر من 200 خريطة وصورة توضيحية، أهم مشاريع البنية التحتية السياسية والاقتصادية حول العالم، التي يؤمل أن تغير خريطة الكرة الأرضية الاقتصادية والثقافية والسياسية خلال المئة عام القادمة، من خلال مشروع طريق الحرير الجديد، إلى درجة يصبح من خلالها «الجسر البري العالمي» رافداً قوياً لربط مناطق جنوب غرب آسيا والعالم العربي وقارات إفريقيا وأميركا ببقية أجزاء العالم عبر جسر بري.
وقد رأى القائمون على هذا المشروع العالمي الجديد، بأنّ السبيل الوحيد لضمان سلام دائم في مناطق الحروب والاضطرابات، ولاسيما في مناطق جنوب غرب آسيا، هو إطلاق خطة تنمية شاملة وقوية، لن تكون فقط لمجرد إعادة بناء المدن والقرى التي دمرتها الحروب، بل أيضاً خطة طويلة الأمد تتبنى أفكاراً وطريقة جديدة أكثر جذرية لكل معالم هذه المنطقة، التي كانت على امتداد عدة قرون، مهداً نيراً للحضارات، والتي نشأت فوقها في عصور مختلفة من الزمن أعظم الثقافات والابداعات، لكي تكون مُجدَّداً أكثر المناطق تقدماً وتحضُّراً على المستوى العالمي، عبر إطلاق المشاريع والبرامج الحيوية الإبداعية المتعددة لشعوبها، ورفع مستوياتهم الإنتاجية إلى مستوى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية والصين.
ويرى هؤلاء، بأنّ أحلام التنمية والتقدم والازدهار في كل تلك المناطق، يمكن أن تصبح قائمة وملموسة على أرض الواقع، عندما تصدق جميع النوايا، ويحل التعاون المشترك بينها وبين روسيا والصين والهند بشكل حقيقي وجدّي.
ففي اللحظة التي يوشك فيها النظام الاقتصادي والمالي للمنظومة الأطلسية على الانهيار – بحسب تقرير المؤسسة – فإنّ رؤية الأمل للسلام والأمن والاستقرار في جميع تلك المناطق، قادمة لا محالة، وإن منظور إعادة بناء منطقة شرق المتوسط وجنوب غرب آسيا، سيكون بمثابة الجسر الذي يربط آسيا وأوروبا وإفريقيا، ويحقق أحلام التنمية والازدهار والتقدم، ويمنع أوروبا والولايات المتحدة الأميركية من الانزلاق نحو هاوية الفوضى، وفرض مظالم القوة الفئوية الواحدة، ومختلف أشكال التغطرس والهيمنة.