أوراق من تاريخ النضال الوطني لقوى المعارضة البحرينية في الخارج (4 من 4)
مطاردة الجلادين البحرينيين في قصر الامم المتحدة في جنيف، واكتشاف الجلاد عبد العزيز بن عطية الله آل خليفة متسترا بثوب الناسك العابد في اجتماع اللجنة الفرعية في جنيف .
كعادتها في متابعة وملاحقة، رموز التعذيب في البحرين، أين ما وجدوا في المناسبات، أوالمؤتمرات، أوالمحافل الدولية، وبخاصة كبار(الرموز) الذين ظلوا يشاركون في تلك المناسبات، بشكل تمويهي، ومن دون الظهور أمام عدسات الكاميرات، ومن غير اعلان الصفة الرسمية، ولاسيما في إجتماعات جنيف الدورية، ذات الصلة بحقوق الانسان، ولم تدون أسمائهم في سجلات الوفود الرسمية، وظفت لجنة الدفاع عن حقوق الانسان في البحرين، التي ظلت تشارك بشكل دوري في هذه الاحتماعات، إلى جانب منظمات المجتمع المدني الحقوقية الدولية، كافة جهودها من أجل الكشف عن رموز التعذيب والشخصيات الحكومية رفيعة المستوى، التي تحضر أجتماعات اللجنة الفرعية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في جنيف، ولم ترد أسمائها في كشوفات الوفود المشاركة، التي توزع عادة على المنظمات الرسمية والاهلية على حد سواء، ففي أحدى المرات، تعرف وفد اللجنة عن طريق أحد الاشخاص، على الجلاد عبدالعزيز عطية الله آل خليفة، الذي كان يشارك في إحدى إجتماعات اللجنة الفرعية لحقوق الانسان، المنعقدة في شهر نيسان / إبريل للعام 2000 من وراء الكواليس وبصفة غير رسمية، وقام بفضحه من خلال بيان أصدرته في حينه، لجنة الدفاع عن حقوق الانسان في البحرين، واستطاعت الحصول على نسخة منه صحيفة (لاكوريير) السويسرية، التي سارعت بدورها لنشر مقال مطول حول مشاركته، تحت عنوان ” جلاد محترف ضمن وفد البحرين الرسمي” من دون أن يدرج إسمه ضمن أعضاء البعثة الرسمية البحرينية.
وتطرق مقال الصحيفة، إلى الاسباب، التي دعت هذا الجلاد للتخفي وانتهاك النظام المعمول به في مبنى الامم المتحدة بالنسبة للمشاركين في الاجتماعات، والذي حاول أن لايكون له أي أثر ضمن هذا المحفل الحقوقي الدولي، كما تطرق أيضا إلى وقائع كثيرة منسوبة له، ووصفه بأنه معذب محترف ومعروف في البحرين، وأن حضوره الدائم ضمن الوفد الرسمي في قاعة الاجتماعات تجعل منه رئيسا فعليا، إن لم يكن رسميا للوفد الحكومي البحريني، وبصفته الحالية كمحافظ لمحافظة العاصمة المنامة، منذ سنين، فانه يتحمل مسؤوليات مهمة في المجال الامني للعاصمة، التي مورس في معتقلاتها وسجونها مختلف صنوف التعذيب، كما كان شأنه عندما كان في جهاز المخابرات، ونقلت الصحيفة عن قول (منسوب إلى السيد جو ستوك) مدير قسم الشرق الاوسط في منظمة هيومن رايتس ووج (لجنة مراقبة حقوق الانسان) ومقرها في واشنطن، بأن حضور الجلاد عبدالعزيز عطية الله آل خليفة، ضمن الوفد الرسمي، هذا العام 2000 هو تعد كبير على الامم المتحدة، وعلى جميع ضحايا إنتهاكات حقوق الانسان في العالم.
ولذلك يعتبر بمثابة مفاجأة، أن حكومة بلاده لم تضع أسمه ضمن القائمة العلنية للبعثة الحكومية الرسمية. في تلك الايام كان، من شأن حكومة البحرين، أن تأتي برموز التعذيب، ومعهم هوياتهم الشخصية المزورة، للاستماع للمناقشات والمداخلات، التي تدور في أروقة قصر الامم المتحدة في جنيف، في أجتماعات اللجنة الفرعية لحقوق الانسان، والقيام بمهام التجسس على الافراد والمنظمات والحكومات، التي تدعم المعارضة البحرينية في نطاق هذا المحفل الدولي، وبالاضافة إلى هذا الجلاد المحترف، كان يشارك ضمن هذا المحفل بين الفينة والأخرى، وبصفة غير رسمية، المرتزق البريطاني ديفيد جامب، المستشار القانوني لقضايا حقوق الانسان في وزارة الداخلية البحرينية، وكذلك الضابط السابق في وزارة الداخلية، سلمان الزياني، ووكيل وزارة الخارجية البحرينية، غازي محمد القصيبي. وقد يكون في هذا العدد من المشاركين في اجتماعات اللجنة الفرعية، بالاضافة إلى أعضاء الممثلية الدائمة للحكومة البحرينية في جنيف، إشارة إلى أن موقف الحكومة الضعيف في جنيف، يحتاج إلى مخططيين استراتيجيين، للتركيز على هذه القضية، والدفاع عن مواقف الحكومة البحرينية، في مواجهة الانتقادات أو القرارات الدولية، التي ينوي خبراء اللجنة الفرعية اتخادها ضد الحكومة البحرينية، بسبب المماطلة والتسويف في تنفيذ التزاماتها الوطنية والدولية ذات الصلة بالديمقراطية وحقوق الانسان، وبالاضافة إلى هؤلاء المسؤولين، كان هناك أيضا بعض المرتزقة الاجانب من السودانيين والتونسيين والمغاربة والافارقة، الذين استأجرتهم السفارة البحرينية لترويج بضائعها الفاسدة في جنيف، والتشويش على تحركات المعارضة البحرينية، التي ظلت تسعى على الدوام لفضح مشاريع السلطة في مختلف المحافل السياسية والحقوقية الدولية.
الجلاد عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة
بعد تزايد الانتقادات والاعتراضات الدولية الموجهة ضد السلطة البحرينية، وبعد إستصدار القرار الدولي ضدها في إجتماعات اللجنة الفرعية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في جنيف، بعثت هذه الحكومة الجلاد المعروف عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة، لترؤس وفدها المكون من 15 مسؤلا من أعضاء الوفد الدبلوماسي، و من مختلف مؤسسات الدولة الرسمية، وبشكل سري، للدفاع عن سجلها في مجال حقوق الانسان، وفورا بعد أن تعرف على شخصه، وفد ” لجنة الدفاع عن حقوق الانسان في البحرين “، المشارك دوما في هذه الاجتماعات مع المنظمات الحقوقية الاهلية، أصدرت اللجنة بيانا يدين فيه مشاركة الجلاد عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة، في هذا المحفل الحقوقي الدولي، وفي اليوم التالي أكدت صحيفة ” لاكويير ” السويسرية، على وجود هذا الجلاد متخفيا بين الوفود الدولية المشاركة في هذه الاجتماعات بشكل سري للغاية حيث لم يظهر اسمه على الاطلاق في قائمة الوفد الرسمي البحريني الذي يشارك في اجتماعات اللجنة الفرعية لحقوق الانسان، والتي تعتمدها اللجنة وتنشرها في صحيفة الوفود الدولية المشاركة، وقد نشرت في 17 نيسان/ ابريل 2000، مقالا تحت عنوان ” عطية الله معذب معروف، وحضوره في جنيف إهانة للمجتمع الدولي ” وجاء في المقال : اذا كانت لجنة حقوق الانسان التابعة إلى الامم المتحدة، منذ سنوات تمثل المؤتمر الاممي الاكثر جذبا لاهتمام المراقبين، فقد أصبحت هي الاخرى مراقبة، فرغم كل الجهود التي قام بها لاخفاء هويته كان حضور الرجل واضحا في المحفل الذي يضم آلاف المبعوثين، إننا نتحدث هنا عن عضو وفد البحرين، الشيخ عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة، محافظ العاصمة المنامة، وقريب الامير الحاكم في البحرين.
ان سمعة هذا الرجل الذي حاول ألا يكون له أثر ضمن هذا المحفل، يمكن أن تثير الكثير من الجدل، فهو الرئيس السابق للجنة الامنية في الدولة، ومعروف انه معذب بارز، وعندما تم التعرف عليه من قبل ” لجنة الدفاع عن حقوق الانسان في البحرين ” وهي منظمة غير حكومية، وعضو في الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان التي مقرها في باريسأ اتضح ان الشيخ غير مسجل في القائمة الرسمية للمشاركين، ولكن سكرتارية اللجنة استطاعت أن تتأكد من مشاركته، موضحة أن البعثة الرسمية يمكنها أن لاتضع على القائمة اسم ممثل عنها، بطلب من حكومتها، لكن حضوره الدائم ضمن الوفد في قاعة الاجتماعات في اللجنة تجعل منه رئيسا فعليا ان لم نقل رسميا للوفد، وبصفته الحالية كمحافظ منذ سنتين فانه يتحمل مسؤوليات مهمة في المجال الامني للعاصمة التي مورس فيها التعذيب، كما كان شأنه عندما كان في قسم المخابرات.
السيد جو ستورك، مدير قسم الشرق الاوسط في منظمة هيومن رايتس ووج (لجنة مراقبة حقوق الانسان) ومقرها واشنطن، لم يتردد في القول بأن حضور الشيخ عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة، ضمن وفد البحرين الرسمي الى لجنة حقوق الانسان هذا العام هو تعد كبير على الامم المتحدة وعلى كل ضحايا انتهاكات حقوق الانسان في العالم برمته، لذلك يعتبر مفاجأة ان حكومته لم تضع اسمه ضمن القائمة العلنية للبعثة الرسمية .
أما جوانا فيشلر ممثلة هيومن رايتس ووج في الدورة فلم تخف تعجبها قائلة ” اننا شاهدنا ضحايا التعذيب يتحولون الى ممثلين لدولهم عندما يتغير نظام الحكم، ولكننا لم نشهد قط معذبا يحضر اللجنة وخاصة عندما يكون ممارسا لعمله، وبحسب ما ذكرته المنظمة الدولية لمكافحة التعذيب، فان التعذيب لايزال احدى الوسائل الممارسة في البحرين لانتزاع المعلومات والضغط على المعتقلين.
ومنذ زمن طويل منذ العام 1975 قام امير البحرين بحل البرلمان، حيث ان غالبيته منتخبة وقام بالغاء المواد الدستورية المتعلقة بالحريات الاساسية، ويعتبر الامير رأس الدولة، ومابين الاعوام 1975- 1997، شهدت البلاد اضطرابات خطيرة قمعت بقوة، واذا كنا اليوم نستطيع ان نتحدث عن هدوء فان ذلك نتيجة القبضة الحديدية للحكم، فقد اضحى النفي القسري ممارسة روتينية تطال البحرينيين الذين يسعون للعودة الى بلدهم، ولكن يتم إيقافهم في المطار والتحقيق معهم (وقد يمتد ذلك لاسابيع) ثم يتم ابعادهم الى الخارج.
وتتهم الولايات المتحدة الاميركية التي تقر ان لها مصالح في المنطقة بانها الداعم الرئيسي للنظام، والبحرين التي تحتضن قاعدة الاسطول الاميركي الخامس، حظيت بزيارة خاصة لوزير الدفاع الاميركي ويليام كوهين، الذي كان في المكان نفسه الذي توفى فيه الامير السابق عيسى بن سلمان آل خليفة، في آذار/ مارس 1999، وفي تصريحه وبدون التقيد بعبارات التعازي الرسمية وصف السيد كوهين، الامير المتوفي بأنه ” صديق حميم ونزيه للولايات المتحدة الاميركية ” وبخاصة البحرية الاميركية … كما أن ” اهتمامه بشعب البحرين جعل منه أميرا ناجحا ومحبوبا ” ولكن الوفد الاميركي لدى اللجنة، حسب ما كشف عنه أحد أعضائه، أعطيت لاعضائه أوامر صارمة بتجنب أي إتصال مع الشيخ عبدالعزيز عطية الله آل خليفة، إذ حتى القوى العظمى مجبرة على التحفظ ولو أثناء دورة اللجنة على الاقل تجاه هذا الشخص.
هاني الريس
24 حزيران/ يونيو 2021